تفكيك بنية التدعيش!!!


تفكيك بنية التدعيش!!!


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2611304.html

الإسلام هو هذا الدين العظيم الذي تركنا النبي صلى الله عليه وسلم من بعده على مثل البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك ، فولجت إليه الفوضى من باب السياسة والزعامة فأهلكت الناس الفرق والمذاهب التي كل منها يدعي أنه يملك مفاتيح الجنة ويوزعها على من يشاء ، وصنفت الأمة إلى الحد الذي لن تجتمع به على قلب رجل واحد الى أن يشاء الله.

فالعاقل هو من يكسر سيفه وقلمه ويتنحى جانبا، إلى أن يأتي أمر ربك ، فمثل الإسلام كمثل الشجرة الجميلة التي أهملها صاحب البستان وترك أغصانها تطول وتتشعب، دون أن يتدخل في تهذيبها، فحجبت ضوء الشمس عن أصحابه وآذت سالكي الطريق من حولها، والشجرة هي روح الإسلام ورحمته ، والأغصان المتفرعة هي تصرفات بعض المسلمين وآرائهم، فأخلاقياته ومنظومته الإنسانية الحقيقية هي التي تستهجن وحشية تسليط ضوء الليزر على حارس مرمى فريق كرة قدم زائر لم يسأل عن إيمانه ومدى عمق كفره حين أتى للملعب ، وإنما رأت الفطرة السليمة أن هذا العمل لا يمثل سماحة الإسلام لتكون هذه النظرة السمحة هي نتاج تعاليم مدارس حقيقية للإسلام ، بمقابل وحشية التعاليم لدى الطرف الآخر الذي يرى أن ذبح المسلمين وقطع رؤوسهم فضلاً عما عداهم هو أقصر الطرق المؤدية للجنة والحور العين.

مع أن الإسلام العظيم لكي تقنع الآخرين بعدالة تطبيقاته لا يحتاج أن تسن له كل سواطير العالم، ولا هذا التكبير، أو تجلب له شذاذ الآفاق ، والمرتزقة ، ومرضى الكبت وأصحاب السوابق ،الذين يبحثون عن التطهير ، أو الهاربين من بؤس العيش وتهميش القبيلة ، فوجدوا ضالتهم في مراكز القتال ،التي أحالتهم إلى (أمراء) لا يكلم أحدهم إلا حين يبتسم ، ولا يحتاج أن تستعين بكل مكبرات الصوت والزعيق لنقنع الآخرين أن كل ماسواه باطل محض ومهيمن عليه يجب أن يزال من الأرض ، رغم أن هذا الباطل موجود منذ الألواح الأولى وحتى عصر الصحف الإلكترونية لحكمة يريدها الله ، فالخير موجود بمدى خيريته وألفته بالنفوس الكريمة ،والشر موجود بمدى قبحه ومخالفته للفطر السليمة التي تأبى أن تعبد شجرة أو بقرة أو تطوف حول قبر ،ولا أن تصدق خرافات الدجالين في كون (المهدي) بجبل رضوى عنده عسل وماء وربما شاشة (LCD) يتفرج من خلالها على معاناتنا ويضحك علينا حتى يستلقي على قفاه.

فلابد من تجريد الدين من تلك الملابس البالية التي أثقلته وأعاقة حركة تقدمه ليكون حلا للبشرية لامثير أزمات وتكون كتبه منهجا لتعليم طرق الخير ومحبة الخلق لا كراهيتهم وإبادتهم بتعليم طرق تفخيخ الأجساد، وصوته اللين الرحيم يجب أن يكون هو المهيمن على الزبد المتطاير من أفواه الخطباء ، ومن ورائهم الغوغاء الذين ينطلقون مبشرين بالويل والثبور، ومنفرين من سماحة الدين ، مما يحيله خطرا وجوديا يهدد العالم بأسره ، قبل أن يكون خطرا على أبنائه ، وبالتالي فإن كمية النقد للإسلام وإنحساره في النفوس ومايعتقد بفشل تجربته في الإدارة والسياسة ، لم يكن إلا نتيجة لفشل وإندحار منظمات الإسلام السياسي التي تدعي تمثيله كونها قائمة على التطرف والإرهاب ، وهو حتما غير الإسلام المحمدي الذي إرتضاه الله سبحانه وتعالى- وهو أعلم بخلقه- كحل للبشرية لمواجهة معضلاتها في الحياة وتساؤلاتها الوجودية.

وكل حركة تتبنى منهج القتل والتشريد وراءها فكرة إرهابية ترتدي عمامة الدين ظلما وعدوانا حتى وإن برر لها المريدين بكونها لم تأت بجديد خارج سياق الدين في إستدلال غير حقيقي وتنزيل نصوص لمعالجة وقائع تاريخية وثأر سياسي أكثر من كونها تطبيق للدين ، فكم دمرت عواصم للحضارات وهدمت صوامع وبيع بيد هؤلاء المجانين ، ومع هذا فالفكرة مهما نجحت في مشروعها مؤقتا فهي غير قابلة للإستمرار لأنها كالقطة التي تأكل أبناءها وستنتحر بيدها قبل الآخرين لأن خصمها هو دورة الزمان الذي سيتكفل بتعريتها أمام الأتباع قبل الخصوم.

كون تلك الأفكار المتطرفة قائمة على عقائد فاشية تتبنى منهج التخريب والتجارة بالبشر، والسبي لتفجير الرغبات الجنسية لدى جمهورها المكبوت ،ويتم تسويقها للعامةعلى أنها وعد الهي بوراثة الأرض ومن عليها ، والوراثة الحقيقية لا تتأتى الا بالصلاح والإصلاح وليس بنسق الإفساد وإهلاك الحرث والنسل ، وذلك هو ديدين الأفكار المتطرفة في كل زمان ومكان ،كلما ظهر منهم قرن قطعه الله، فالدواعش تاريخيا كلها تتشابه وتستقي من نفس التعاليم المحرفة ، بعد أن تركت كتبها المقدسة وإتخذت من آراء الباحثين والمؤلفين في الجزر والذبح والتكفير منهجا أكثر قداسة وأملى عليهم الشيطان زخرف القول فأضلهم الصراط المستقيم ، ولا فرق في هذا بين داعش الصهاينة ولا داعش المسلمين أو دواعش التشيع الفارسي ، فكلها حربا على الإسلام وأهله وهي تمثل مثلث الخطر الذي يغرق البشر في ظلاله وفاشيته.

فالصهيونية تريد إقامة دولة الرب المقدسة عن طريق إبادة الآخر من (الغوييم) الذين يجب أن يتم تشريدهم وقتلهم وتساق نسائهم الى دولة الرب لتصبح خدما تحت أرجل خدم الهيكل، فهم مجرد قطعان لا قيمة لها تساق كمكافأة لهذا الشعب على إخلاصه في تطبيق تعاليم دينه ،رغم أن هذا الشعب لم يستطع كل هؤلاء الأنبياء الذين مروا بتاريخه من تهذيب نفسيتهنحو ميلها لشهوة السلطة والمال ،فمنهم من كذب ،ومنهم من قتل.

انهت داعش الصهاينة دور الأنبياء ونبذتها وراء ظهورهم ، وإتبعت تعاليم عصابات القتل من أجل إقامةكيان يجسد حلمها في السيطرة على مقدرات الشعوب، ففعلت داعش (الصهيونية) في العرب من خلال عصابات الهاجانا ماتفعلها لآن (داعش المتأسلمين) ومن وراءها عصابات الإسلام السياسي المتطرف لتقوم بالتنكيل بالمسلمين والعرب الذين هم جمرة الإسلام وتشرد بهم من خلفهم ، لافرق فأولئك يقودونهم الحاخامات الذين يقدمون التوراة المحرفة بين أيديهم ، وهؤلاء يقدمون أقوال (محرفة)ألفها العلماء بضرورة ذبح المرتدين من الحكام والشعوب الذين يعدونهم بالتسريع بإرسالهم الى جهنم وقطف رؤوسهم وإن صاموا وصلوا وعمروا بيوت الله لكي يتجلى لهم وجه (الكرسي) الذي سيستوي عليه الخليفة الدموي.

ومثلما هي داعش التصهين وأختها داعش(التأسلم) تشاركها في السواد والظلام داعش(الصفوية) التي لابد لها هي الأخرى أن تتكئ على شي يساعدها في زيادة جرعات الجنون والتخدير لمريديهاوهي لها أقوال العلماء التي تستند على المبشرات ايظا بإقامة دولة (المهدي) التي لاتقومهي الأخرى إلا على رقاب الآخرين.

كل هذه المنظومات التي تقوم على فكرة الإرهاب لن تستطيع تاريخيا أن تكون دول حقيقية ينعم بجوانبها بني البشر إنما هي عبارة عن (مسالخ) بشرية أقرب منها الى منظومة الدول الحقيقية التي يزدهر في جنباتها العدل والخير والأمن ، وهي عبارة عن دول يحكمها (السواد) وترسخ كل إمكانات شعوبها ومقدراته من أجل الثأر لمعارك لا ناقة ولا جمل للأجيال بها ، إنما قدرهم أنهم وجدوا بالمكان والزمان الخطأ،ورغم كل الحقن والدماء والجيوش لا تستطيع أي من المنظمات الإرهابية أن تلغي بعضها ومازالت تتقارع من الاف السنين وكل معاركها التي تم الحشد لها تحدث دائما بإسم الله والله أكبر والقاتل بها والمقتول مزفوفين الى الجنان والحور دائما في مشهد من مشاهد العبث.

وكل يدعي وصلا بليلى
وليلى لاتقر لهم بذاكا

فكل فكرة دينية تستخدم للسيطرة على الشعوب بإسم الله إقتضت حكمة الله أن يكون لها مضاد نوعي لتستمر وتيرة الصراع الأبدي لكي لايكون هناك خيار لهذه الشعوب الا بالتعايش وإحترام حقوق الآخرين للعيش بحرية وكرامة في إطار قانون ينضم حياتها وبما لا يتنافى مع الذوق العام وإطار القيم الأخلاقية التي لا تدخلة في دائرة السلوك الحيواني فيستفز حارس الفضيلة ويجعله يؤمن بضرورة التغيير حتى وإن لبس لهذا الأمر حزاما ناسفا.

فالمنظمات الإرهابية التي تريد أن تكون دولا بإسم الرب هي ضد إرادة الله في أن يعيش الناس بأمن وسلام على هذه الأرض (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) وسقوطها حتمي، لأنها تستند إلى تطبيقات جائرة لا يمكن وضعها إلا في سياق الإفساد في الأرض ،وسيكتشف الذين صرخوا ذات يوم طلبا للعيش بكنفها أنهم وقعوا ضحايا لعصابات سطو (مسلح) تحركهم مافيا الاستخبارات (العالمية) التي إستغلت جنوح الناس للدين ، وأن لديه كل الحلول لمشكلاتهم ،فجعلوا منه هو المشكلة وليس الحل ،بتصرفات يبرأ منها الى الله ورسوله كل مسلم عاقل ويأنف منها العربي الحر الذي هرب من طغيان الأحزاب العلمانية ورجال (المخابرات) ووقع في طغيان الأحزاب الدينية ورجال (الدين) الذين لايرون في الإنسان الا مستودعا (للشرور)، ومن حرصهم على إدخالهذا المخلوق البائس للجنة التي أخرج منها يقومون بضربه وإهانته فيحيلونه الى حيوان مهزوم ، وأحد ضحايا ممارسة لذة الاستمتاع في التعذيب وسادية المنهج ،عندما يركب (الفراعنة ) الجدد ظهور الشعوب فيذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، ولن تهزمهم إلا هذه الممارسة القذرة التي هزمت فرعون من قبل.

فافضل طريقة لسقوط حكم المنظمات الإرهابية التي لايمكن إصلاحها أو اجتثاثها كـ(داعش–اسرائيل –إيران)- هو جعلها تحكم محيطها لتسوء الشعوب سوء العذاب حتى يتبين للمراقب في الداخل والخارج أنها لا تستطيع أن تصبح دول حقيقية فيظل الممارسة الشاذة جراء فهمها الشاذ للتعاليم المقدسة- وقد تكون إسرائيل هي أخف الضررين لأن الحاخامات اقتربوا بها من روح الدولة العادلة بعدم تدخلهم في منظومتها السياسية -حينها لايحتاج العالم إلى أن يحشد أمواله ولا عتاده لمحاربتها لأن الصيرورة التاريخية هي من يتولى ذلك وطبيعة النفس البشرية التواقة للحرية وكسر أغلال العبودية ستنتفض بوجه هذه النماذج المتخلفة ، بعدما يعشش في جنباتها الشذوذ السلوكي والأخلاقي نتيجة الكبت فتحيل مجتمعها إلى أجساد خاوية ، بعدأن تفشل عملية إحالته إلى مجتمع وعاظ ومرشدين رغم كل الإغراق في التعاليم والمدارس الدينية.

فالأفكار المتطرفة موتها في إبرازها فلابد من أن تظهر للسطح مؤقتا بدلا من أن تظل محبوسة في الصدور ليظهر للعالم مدى قبحها وفجاجتها ، وهو إيذانا من الله بسقوطها ، فالأفكار المتطرفة عدوها الحقيقي الذي تمارس عليه ساديتها هو مجتمع الداخل(المرأة – الأسواق – علاقات الدول – الشارع-الترفيه -المناهج) وحراس (التدعيش) يضعون تحت مخداتهم دائما النقاط العشرة التي ستثبت كفر الحاكم والمحكوم ويعرضون المجتمعات والدول عليها كل ليلة ليقيسون مدى إنطباقها فيصبح الكل يتربص بالكل إلى ما لانهاية إلى أن يحين وقت الانقضاض الموعود والوقوع في دائرة الفناء ، ففكرة التدعيش ليس لها عدو خارجي فهي متصالحة مع بقية الدواعش الذين يقاسمونها تخدير الشعوب بالدين فلن توجه تطبيقاتها ضد داعش الصهاينة مثلا ولا داعش الصفويين ولا أي كافر صريح وكأنهم حلفاء في إبادة العنصر المسلم العربي فقط ، وكل مغامراتهم الجهاد تتجه إلى رقاب المرتدين من الحكام والشعوب وجهادها الذي سيتمدد للآخرين ماهو إلا لتفريغ قوة الداخل من المعارضين -على طريقة الحجاج- لرميهم في أتون معارك الخارج مثلما تفعل داعش في إجبار شباب المدن التي تسقط بأيديهم لتحيلهم إلى مقاتلين بالإكراه، فمنظومة دويلات التدعيش حروبها الحقيقية التي تخوضها ضد مجتمعها وستنشغل بهذه الحروب طويلا قبل ولن تجد لها عدو خارجي وستكتفي بحروبها الداخلية لتعيق المجتمع عن كل نهضة تنموية مستدامة ،وهي حرب عبثية لانهاية لها لأنها حرب مع الأفكار والمعطيات الإنسانية التي تتسرب كالهواء ، وستصبح دويلات داعش الدينية على مختلف مشاربها واتجاهاتها مثلها مثل (دونكيشوت) الذي يحارب الطواحين.

فليس المعضلة بالدين لذي هو خيار رباني للبشرية ولكن المشكلة في فهم الدين عند من يجعله البعض وسيلة لتدمير البشرية.

فإسطبلات الفوضى لاتحكمها إلا منظومة دول حقيقية تحمي الجميع وتقدم حلا أمثل لمن يبحث عن الإستقرار للبشرية ، فلا الأقلام لليبرالية أو العلمانية يمكن أنتقدم حلا شاملا ولا السيارات المفخخة والأجساد الملغومة يمكن أنتقدم الحل، وإنما الحل يكون في الفكرة العادلة المتصالحة مع نفسها والتي تقتطع من دينها الدنياها نصيبا مفروضا، فالشارع بمعطياته هو ملكا للدولة والدين للإنسان فيما مملكة قلبه، الذي لايكون منخل اله إلا خيرا ، ومتصالحا بهم مع نفسه ومع الشارع، بما يضمن التوازن، والاستقرار، ومن الحكمة خلق فضاءات (جاهلة ) في المجتمعات لكي تعيد التوازن للحق عندما يجنف ويصبح تهديدا لنفسه ، فما كان التفريط من أمر الشارع وغلو مملكة قلب سالكيه إلا ايذانا بخرابهما معا، ففضيلة المؤمن بلينه ورحمت هو فضيلة الدولة بقوتها وتماسكها، فالوطن هو المكان الذي يأمن به الجميع أما المنظمات الإرهابية والأحزاب المتصارعة فهي المكان الآمن لممارسة الرعب والخوف على الشعوب المسحوقة التي لاتأمن على نفسها من ساطور سيتمدد ولو بعد حين على أجساد أبنائها حتى وإن صاموا وصلوا.

والله المستعان

عمري الرحيل


5 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com