وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2628833.html
رحيل الأحبة أمر مفجع ، وخطب موجع ، وثمة أقوام قد لا تراهم إلا في فترات متباعدة ، لكن حين يرحلون ؛ تشعر بفقدهم بل يخيل إليك أنهم كانوا يسكنون معك في دار واحد .
حقاً إنهم يسكنون الفؤاد ، ولا يغادرونه أبداً حتى بعد رحيلهم .
رحل شمران بن معجون الشمري ( أبو ساكت ) رحمه الله كان رحيله مؤلماً،وفراقه موجعاً.
رحل الوالد والجار .رحل الرجل الصالح .
في أواخر التسعينات الهجرية وحيث كانت بيوت الشعر هي السائدة في ذلك الوقت نزل أبو ساكت جاراً لنا فكانت هذه نعمة من نعم الله علينا ، وحين انتقلنا إلى بيوت مسلحة انتقل الجار المبارك معنا ، فماذا عساي أن أقول عن القلب الذاكر ، واللسان العاطر ، والوجه البشوش ، والنسمة الباردة .
كان رجلاً عامياً رحمه الله لكنه في نظري يحمل أعلى الشهادات في التدين الصحيح ، بل من القلائل الذين حفروا في قلبي محبتهم ، وجعلني أسعى أن أتمثل خطاه ، كان رحمه الله مدرسة أخلاق تسير ، ومنهج حياة تشاهد .لا أذكر أنه ارتضى أن يذكر أحد بسوء في حضرته ،ومع هذا تجده ليناً هيناً بشوشاً ، كنت أنظر إليه بإعجاب كيف لا يفتر لسانه عن الذكر ، في بعض مجالسه كان يطلب النصيحة والتذكير فكنت أتوارى خجلا من الحديث بحضرته .
انتقل رحمه الله إلى حفر الباطن لكنه لم ينس جيرانه ، وأحبابه ، كان رحمه الله مدرسة في الوفاء ، لا أذكر أن مناسبة تحضر إلا وهو مشارك فيها ، في كل عيد يحضر من حفر الباطن ليرسم للأجيال كيف يكون الوفاء .
توفي رحمه الله يوم الخميس ورأيته في المنام في فجر الجمعة _ ولم أكن أعلم عن وفاته _ رأيته وهو جالس متكئاً ولحيته سوداء عدا بعض الشعيرات البيض وهو يتهلل نورا وأنا أقول هذا أبو ساكت فاستيقظت فرحا ً بهذه الرؤيا ، فإذا أنا أبلغ بوفاته رحمه الله .
فأحسن الله عزائنا ، وعزاء ابنائه ، وجميع محبيه ، وأيم الله أن رحيله فقد لمن عرفه ، اللهم أغفر له وارحمه ووسع مدخله ويسر حسابه.
مطارد بن دخيل العنزي
13 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓