حق معلوم


حق معلوم


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2633668.html

بدأ صديقي حديثه قائلاً : دخل علينا رجل في المجلس وبعد أن أظهر علامات الحزن والهم تحدث للحاضرين عن ديونه التي تراكمت عليه بسبب علاجه لوالدته المريضة بفشل كلوي وهكذا خرج محملاً بمبلغ من المال منحه له الحاضرين ابتغاء وجه الله .
يكمل صديقي أنه شخصياً لم يمنحه ريالاً واحداً لعدم ارتياحه للأمر , ولكنه التزم بالآية الكريمة ((وأما السائل فلا تنهر)) ففضل السكوت .
وأثناء خروجه من المجلس صادفه شخص كان قد التقى بالمتسول في مجلس أخر وحدثهم أن هذا المتسول قد أخبرهم أن ديونه المتراكمة عليه بسبب حادث مروري وليس بسبب مرض والدته.

مشهد أخر:
امرأة مع طفليها أمام أحد المحلات في وقت اشتداد الحر , تستعطف قلوب الناس فيتبرعون لها بما تجود به أنفسهم , وعند غروب الشمس تحضر سيارة قيمتها تتجاوز المائة ألف وتحمل المرأة وطفليها ومعهم آخرين قد حملتهم سابقاً من مكان أخر ليتقاسموا الغلة .
حدث هذا بالأمس في مدينتنا الطيبة ولا ريب أنه يحدث في كل ليلة من ليالي هذا الشهر الفضيل الذي تزيد فيه أعمال الخير والعطاء ابتغاء الأجر المضاعف.
حيث يكثر المتسولون الذين أخذوا هذا الأمر كمهنة لهم وليس من باب الحاجة أو الفاقة .
أما أصحاب الحاجة الحقيقية فهم قابعون في بيوتهم متعففين عن السؤال .
الصدقة من أفضل الأعمال في الإسلام والجميع يحرص عليها لما فيها من عظيم الأجر في الدنيا والآخرة , ولكن أليس من الأفضل أن تصل صدقاتنا إلى من يستحقها فعلاً بدلاً من وقوعها في أيدي من لا يستحقها بل وقد يحولها إلى دعم أعمال الإرهاب والإجرام وهو شيء وارد .
الغريب في الأمر أن العديد منا قد لا يتبرع لقريبه المحتاج أو جاره الضعيف ولكنه يسارع في مد النقود لأي شخص في الشارع وهو لا يعرف عنه شيئاً .
المتسولون لهم طرقهم الذكية وأسلوبهم الذي يعتمد على استعطاف الناس أو إحراج البعض في المجالس العامة ليدفعوا لهم .
أبواب التبرع والصدقات مفتوحة وكثيرة وأولها الجمعيات الخيرية الرسمية التي تهتم بالمحتاجين والأرامل والأيتام وتفطير الصائمين وغيرها من أعمال الخير ويمكن الوصول إليها بسهولة , أيضا من أبواب الصدقة هو أن تتفقد أقاربك المحتاجين وجيرانك الضعفاء فهم أولى من غيرهم وأحرى أن تكون صدقتك في مكانها الصحيح .
وللأسف قد يقيس البعض حاجة قريبة أو جاره على الجوع فقط , وينسى أن الحاجة ليست أن تكون الأسرة جائعة بل تشمل علاج مريض أو سداد فاتورة كهرباء أو شراء مستلزمات للمدارس أو ثياب العيد .
أما إعطاء المال لمتسولي الشوارع والاستراحات فهذا في نظري خطأ في حق الفقراء والمحتاجين الذين لهم حق في مالك أقره الله عليك ولكنك تضعه في غير مكانه .
فكل الإحصائيات وحتى بعض التجارب الحية التي مررنا بها علمتنا أن أغلب المتسولين يملكون من المال والرفاهية أكثر مما يملكه الكثير من الناس .
وكثيرة هي القصص التي حدثت في مدينتنا والتي تثبت أن المتسولين هم أما عصابات إجرامية أو عوائل أعماها حب المال ولم تدفعها الحاجة إلى التسول .
وللأسف ينتشر التسول حولنا بدون أن تقوم الجهات الرسمية بأي عمل وكان بإمكان هذه الجهات حصر المتسولين وتحويل المحتاج الحقيقي إلى الضمان الإجتماعي وإلى الجمعيات الخيرية , ومحاسبة من يثبت عدم حاجته .

وختاماً
قال تعالى ((وفي أموالهم حقَ معلوم للسائل والمحروم)) .
فعليك واجب التأكد أن هذا الحق المعلوم سواء كان زكاة أو صدقة يصل لمن يستحقه لا إلى المتسول المحتال .


2 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com