زوجة بطعم الحمضيات


زوجة بطعم الحمضيات



وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2638752.html

التوترُ والقلقُ يعصفان بفكرِ خالد ، وعقله لم يذق للنومِ لذة “تململ بجلسته على أريكة بصالةِ المنزلِ شاركته سهر ليلته” زفر متأففاً بعد أن قلب بقنوات التلفازِ بلا هدف رمى بجهاز (الريموت ) بعيداً أمسك بدلة القهوةِ يحتسي فنجاناً تلو الآخر وهو شارد الذهنِ ، مكتئباً يساورهُ الشكَ ,وتغتالُه المخاوف ؛لعدم ثقته بذوق أمه ، وأخواته ؛في اختيار عروس المستقبل فكل ما عرفه من أمه ،وأخواته “يزيده قلقاً (أنها جميلة) فالجمال نسبي” فقد تكون جميلة بمقاييسهن ،لا بنظرته ؛الوصف الذي حصل عليه منهن إجابات جميعها محتملة :ليست طويلة ،ولا قصيرة ،لا بيضاء ،لا سمراء ليست نحيفة ،”ممتلئة قليلاً “،جميعها أنصاف حلول ,كأنها بدائل اختبارات قياس 00ما أثقل الأيام وهي تمر بطيئة في انتظار اليوم الموعود لتقديم هدية الخطوبة ؛وليتمكن من رؤية زوجة المستقبل ‘ولكن بعد عقد القران؛ ليمحو كل أمل أمامه وأمام العروسة في القبولِ أو الرفضِ ‘زواج أشبه “بورقة اليانصيب ” تخيلات تراود فكره ,واسئلة ملحة حائرة يتردد صداها كأصوات أبواق صاخبة داخل عقله: هل شكلها مقبول ؟هل سأتقبلها نفسيا ؟هل ستقبل بي وترتاح لي ؟ ماذا لو كنت عكس توقعاتها أو العكس ؟ كيف سأتصرف ؟وكيف لها أن تتمرد على عقد كتب قبل أيام؟ ما أصعب أن تقبل بي مكرهة ! حلق بنظره متخيلاَ صدى صوتها عند أول خلاف بينهما : ” من أول ما شفتك وأنا رافضة لك “قطع الصمت المتوتر خطوات أمه المسنة أسرع إليها ’وأمسك بيدها وأجلسها بجواره بلهفة وكأنهُ وجد ضالته المنشودة “بدأت علامات الذهولِ على الأم الوجلةِ وقالت بصوت يغلبه القلق على أبنها :ما بك عسى خير 00لأول مرة تستيقظ مبكراً! تجاهل خالد كلامها وأمسك بجواله وأخذ يقلب بصور بعض الفنانات طالباً من أمه أن تحدد له شبيهة عروسة “أمسكت الأم الجوال مقلوبا‘وهي تتمتم بصوت منخفض : الحمد لله والشكر‘ وقالت بصوت كله ثقة :والله خطيبتك أجمل منهن كلهن انفرجت أسارير خالد وعلت الابتسامة وجهه وتنهد بارتياح :الحمد لله …الحمد لله نظر خالدٌ إلى وضع الجوال بيد والدته وهي لاتزال تركز بالصور فانتابته خيبةُ أمل حطمت ما بقي من تفاؤل وأمل داخله ,وقال متمتما بصوت حزين :والله يا آماه لا أعلم كيف رأيتِ العروس ! صرخ غاضبا ناقماَ: أي وضع نعيشه بالزواج وكأننا نشتري” بيض كندر” أو بطيخ ‘وضع خالد كلتا يديه على رأسه متحطماً ,وعدل من جلستهُ ,وقبل رأس والدته, مستجدياً بشفقة أقرب إلى البكاء ,قائلا بصوت نصفه رجاء :يا أمي اطلبي من والدة العروس وإقنعيها بالنظرة الشرعية قبل العقد ‘هبت والدته واقفة “وتعوذت من الشيطان الرجيم “وكأنه أخطأ في آية قرآنية أو حديث نبوي ,وبدأت معاتبة بلا تفهم : ماذا سيقول عنا أهل العروس ؟ أنت تريد زوجة ،أم تريد صورة جميلة، قال محاولاَ إقناعها : يا أمي إنها ـ نظرة شرعيةـ أحلها الإسلام ورغب بها قال عليه الصلاة والسلام :(“إذا خطب أحدكم امرأة ؛ فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها ؛ فليفعل ” وقال: “انظر إليها ؛ فإنه أحرى أن يؤدَم بينكما” ) وهل من الحرام, أو العيب البحث عن الجمال! عجبا أنطبق عرف القبيلة ونهمل سنة الرسول عليه السلام ! أنخجل من السنة ونفاخر بتقاليد ابتدعناها ! النظرة الشرعية لم توضع إلا لحكمة أليس من حقي كشاب ومتقدم رسمي لفتاة بغرض الزواج ومن حقها هي كطرف يشاركني حياتي أن نرى بعضنا وفق شرع الله وبالحدود المسموحة !وما الضير بذلك !ولماذا يعتبر البعض من الناس أن طلب النظرة تعدياً صارخاً على محارمهم ! أليست الفتاة تكشف وجهها للطبيب ,وللمصور عند الضرورة ؟فالزواج ضرورته الحتمية أقوى ؛لأنه رحلة دائمة فالتراجع بعده نتائجه وخيمة على الطرفين, وأضراره كبيرة على الأطفال ,فكم من قطعة لباس على مقاسنا وباختيارنا ولكن لم نرتاح لها واستبدلناها ‘فكيف بزوج المستقبل وشريك العمر, فالرؤية الشرعية ليست عرفاً ولا تقليداً, أنها سنة نبوية غير معمول بها عند البعض في مجتمعنا ونحن أهل الدين ‘فإلى متى تطغى الأعراف القبلية عندنا وتقوى على السنة النبوية!

بقلم / سهام الرميح

مدربة للمقبلات على الزواج/عرعر


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com