مشروعات تربوية استراتيجية في مهب الريح (1)


مشروعات تربوية استراتيجية في مهب الريح (1)


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2641368.html

أثناء عملي في الإشراف التربوي لمدة خمسة عشر عاما ، واكبت -عن قرب – عددا من المشروعات والبرامج التربوية والتعليمية الوزارية الاستراتيجية، وهاأنذا الآن أحاول أن أسترجع مابقي من ذكريات منها ! ولا أعلم هل مازالت تلك المشروعات موجودة في ذاكرة القيادات العليا في مقام الوزارة ؟! أم أُسدِل الستار عليها؟! كما لا أعلم هل تم تقويمها ؟! وهل ألغيت لعدم جدواها ؟! أم طُوّرت ، أم تغيرت مسمياتها ؟!! وكثير من الأسئلة حولها تحتاج إلى وقفات وجلسات !! ومن أهم المشروعات الوزارية الاستراتيجية – برأيي الشخصي – هو مشروع ( تطوير استراتيجيات التدريس ) والذي انطلق عام ١٤٢٤ هـ – إن لم تخن الذاكرة – نعم فهذا المشروع من المشروعات العملاقة هكذا كنا نراه ! لأنه ذو علاقة مباشرة بالمعلم والطالب وكان هدفه الأساس هو تطوير استراتيجيات وطرق التدريس والتي سينعكس أثرها مباشرة على الطالب ! أُعِدّت اللجان وعقدت الاجتماعات لتفعيل هذا المشروع العملاق وسط حماس كبير ، وتشرفت بأن أكون من المنسقين للمشروع في منطقة الحدود الشمالية وكانت البداية في تدريب المشرفين التربويين على عدد من الاستراتيجيات التدريسية الحديثة على فترات متفرقة ، حيث تم تدريب المشرفين على أكثر من عشر استراتيجيات بواقع خمسة أيام تقريبا لكل استراتيجية وبالطبع كان لهذا التدريب أثر سلبي حيث كانت هذه الأيام التي يتم فيها تفريغ المشرفين التربويين للتدريب على حساب المهام الأخرى المعتادة للمشرف التربوي ، ولكن لا ضير في ذلك الأهم الفائدة المنتظرة لهذا المشروع لأن المشرفين سينقلون هذه الخبرات للميدان لاحقا . انتهت الدورات وبقى التطبيق الفعلي لها ! وهنا بدأت العقبات تتوالى ! ننتظر الإجراءات والتوجيهات من القيادة العليا على مستوى الوزارة ومستوى الإدارة عن آلية التطبيق وتدريب المعلمين ! كيف ومتى وأين ؟! وبدأت الاجتهادات الشخصية ! كلٌ يغني على ليلاه ! ننتظر ميزانية للتطبيق ! ننتظر قرارات وإجراءات وحوافز تساعد في تحقيق أهداف المشروع ! ولكن لا شيء ! الإدارة العليا للمشروع في الوزارة التزمت الصمت ويبدو أنها لا تملك من الأمر شيئا ! بعد عام أو أكثر عقد اجتماع في الوزارة لمناقشة ما وصل إليه المشروع ودُعي له منسقو المشروع في المناطق وكنت أحدهم ، كنا نتوقع من الاجتماع الكثير من التوصيات الواضحة ولكن هيهات ، بدأت الإدارات تستعرض بالأرقام الشكلية وأظن أكثرها وهمية لأعداد من تم تدريبهم من المعلمين ! لأن الأعداد لا تكفي ! أهم من ذلك أثر هذه البرامج داخل الصفوف الدراسية والتي لم يتحدث عنها أحد ولم يسأل أحد عنها !! المهم رجعنا من الاجتماع بخفي حنين ، بعدها بدأ المشروع يتراجع ويميل القائمون عليه إلى الصمت والهدوء شيئا فشيئا ! ونحن في الميدان وقفنا مكتوفي الأيدي وتوجهنا ذات التوجه ، وربما استشعرنا أن هناك أمرا ما في الوزارة حيال المشروع ، ولكن لا نعلم هل واجهتته عقبات إدارية أم مالية وكلاهما محتمل بشكل كبير ، ما نحن متأكدون منه أن المشروع وصل إلى مرحلة لا يُنتظٓر منها أي بريق إعلامي أو عائد مالي للمسؤول في الوزارة ! ما بقي هو ما ستدور رحاه في المدرسة وداخل الصف ! أي بعيدا عن الفلاشات ! وذلك بالتأكيد يحتاج إلى أناس مخلصين يكون هدفهم الأسمى هو الطالب ! أدركنا ذلك جيدا ونسينا أو تناسينا المشروع !!! وبعد عامين عاد الأمل للمشروع ودعينا لاجتماع في مكة لهذا الشأن ، وكان خلال العامين حدثت عدة تغيرات في قيادات الوزارة ! وكان هذا الاجتماع بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ! اجتماع يوم واحد تأكدنا من خلاله أن على المشروع السلام ، وإن لم يُصرّح بذلك لأن المسؤول في الوزارة لا يحبذ أو لا يملك الجرأة الكافية لكي يعلن عدم نجاح المشروع وبالتالي يقرر إلغاءه مع إيضاح المبررات لذلك ! لأن المشروع لم يكن مخططا له بشكل مؤسسي ، لكي تتم متابعته وتقويمه بشكل علمي ، بل كان مشروعا مرتبطا بأشخاص وسيرحل مع رحيلهم وهذا ما حدث ! وبانتظار مشروعات قادمة !!

سعد بن فريح اللميع
( عرعر / الحدود الشمالية)
ذي الحجة 1436هـــ


5 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com