صناعة داعش


صناعة داعش


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2641531.html

المتأمل في الظاهرة الداعشية بشكل عام يجد نفسه أمام أحداث وملحوظات لا يمكن تجاوزها .
بداية تكوين داعش كانت لابد أن تمر بين أحضان وكالات الاستخبارات العالمية والدلائل كثيرة ومنها مقاطع اليوتيوب التي تجمع بين بعض عناصر داعش مع أفراد النظام الأسدي , ومنها أن مؤسسي داعش كانوا مسجونين في سجن بوكا الأمريكي بالعراق قبل أن يطلق سراحهم وبأيديهم ملايين الدولارات .
أيضاً التجهيزات والتقنية ومعداتها التي ظهرت فجأة في يد داعش وكأنها ظهرت من العدم تنبئ على وجود دعم وترتيب دولي كبير لإنشاء هذا التنظيم الإرهابي .
أيضاً من الملاحظ أن عناصر داعش الجديده انضمت من خلال الحدود التركية الإيرانية والغالبية الساحقة من أفرادها مروا مرور الكرام من خلال حدود (رجب طيب أردوغان) , وتم كل ذلك بتغافل متعمد , بينما لم يتمكنوا من المرور من خلال الحدود السعودية أو الأردنية .
الضرر الأكبر بل الوحيد وقع على أهل السنة بالذات ففي سوريا كان نصيبهم من داعش تقهقر ثورة الشعب السوري وزيادة معدلات الهجرة والتدخل الأجنبي في صالح نظام بشار, وفي العراق قتل العشائر السنية وفي اليمن مهاجمة قوات التحالف التي تعمل على تحرير اليمن من الغدر الحوثي والذي يتنافي في عقيدته مع داعش ولو ظاهرياً على الأقل .
وفي المقابل حدود آمنة لدولة الاحتلال الصهيوني وأمان لإيران دولة الولي الفقيه , وهي وقائع تكفي لاتهام داعش بأنها صنيعة غربية ضد المسلمين .
المنضمين إلى داعش من شبابنا ينقسمون عدة فئات , فمنهم أصحاب السوابق الإجرامية الذين أبت طبيعتهم إلا العودة لطريق الإجرام , ومنهم الباحثون عن الأمجاد الوهمية ليشبعوا رغباتهم الداخلية في تحقيق التقدير والاحترام حيث يصور لهم الشيطان أن ذلك يمنحهم المجد والتقدير والخلود التاريخي , ومنهم المغفلون الذين يعتقدون أن بقاء الإسلام كدين يعتمد على مبادراتهم الشخصية فقط , ومنهم الناقمون على المجتمع حيث يحملون في قلوبهم كرهاً منذ الصغر لأسباب اجتماعية أو عائلية .
إن امتلاك داعش القدرة على التأثير في كل فئة بما يناسبها هو دليل أن التنظيم الإرهابي صنيعه دولية حيث أن ذلك يتطلب قدرات وإمكانيات لا يمكن توفيرها إلا من خلال مؤسسات رفيعة الطراز لا تملكها إلا الدول .
وللأسف ساهم مشايخ الجماهير في الدفع بشبابنا إلى أحضان القاعدة وداعش وغيرهما من المنظمات الإرهابية .
فقد انتهج بعض مشايخ الدين خطاباً يعمل على شحن الشباب والدفع به إلى أحضان الأحزاب والتنظيمات حيث يصورون دائماً في خطاباتهم قصداً أوتلميحاً أن مايحدث هو بسبب تقاعس الأنظمة الحاكمة في الذود عن المسلمين وبالتالي لابد للشباب أن ينهض ويقوم بدوره في (نصرة) أخيه المسلم ولا مانع أن ينسلخ عن دولته ومجتمعه ويحاربه في سبيل (إنقاذ) أخيه المسلم , وفق مشهد عبثي لا ينتمي للإنسانية ولا للمنطق .
فدعوات الجهاد التي يطلقونها بين فترة وأخرى هي في حقيقة الأمر تجاوز لكل أجهزة الدولة المعنية سواء تلك التي تعنى بالشؤون الخارجية أو شؤون الأمن , ونحن هنا لا ننكر أهمية الجهاد الشرعي كما أننا لا نقول بفصل الدين عن الدولة إذا قلنا لمشايخ الجماهير أن عليهم ترك المزاحمة في كل كبيره وصغيره والابتعاد عن أمور السياسة والقرارات الإستراتيجية للدولة وأجهزتها فهي الأقدر على اتخاذ القرار الصحيح لأنها الجهة الوحيدة التي تملك تصوراً شاملاً عما يحدث داخل و خارج حدود الوطن .
وفي الوقت الذي يضرب مشايخ الجماهير على وتر أن على كل شاب مسؤولية شخصية لنصرة المسلمين , يلفت الأنظار أن هذه المسؤولية لا تقع على كاهل ذويهم وأبنائهم حسب اجتهاداتهم الشرعية .
والقول أن وهج الشهرة والخوف من الوقوف في وجه حماسة الجماهير هي من دعتهم لاتخاذ طريق التحريض لا يبرر بأي حال النتائج الكارثية التي وصلنا لها .
فهاهم مشايخنا الثقات بن باز وبن عثيمين والفوزان وغيرهم ممن يصدق الوصف فيهم أنهم علماء لم تدفعهم عواطفهم إلى محاباة الجماهير , بل كانوا يصدرون الرأي الشرعي بغض النظر عن أي اعتبار مع إسداء النصح لولاة الأمر بطريقة لا تثير الفتن .
ومواكبة لما تعرضت له بلادنا من هجمة شرسة إثر حادث تدافع منى , يقوم أحد علماء الجماهير بالتغريد عبر معرفه المعتمد ويشير بشكل واضح إلى فوضى في تنظيم الحج من قبل أجهزة الدولة , وهنا لانملك إلا أن نضع هذه التغريدة في خانة تشويه انجازات الوطن ورجاله المخلصين , ولو كانت خرجت هذه التغريدة من أي تيار أخر لوجدنا من يقيم الدنيا ولا يقعدها على رأس صاحبها , فجهود دولتنا في خدمة الحجاج يشهد بها القاصي والداني .
إن المنطلقات الفكرية لداعش الإرهابية ومشايخ الجماهير وكذلك مشايخ التكفير كلها تصب في بحيرة واحدة مليئة بالدم والقتل والفتنة وتشرذم المجتمعات المسلمة .
ومن هنا أدعو علماء الجماهير إلى استخدام قدراتهم الإعلامية والخطابية إلى ترسيخ عقيدة التوحيد والتي هي أساس الدين الإسلامي والتي تفتقدها كثير من المجتمعات المسلمة في أفريقيا وآسيا , فعليهم التوجه إلى دول مثل نيجيريا وطاجكستان على سبيل المثال والتي انتشرت فيها أفكار التشيع الرافضي والبدع الصوفية والخرافات ثم العمل على مجابهتها بدلاً من لقاء قادة الفرق الضالة في فنادق لندن وباريس والقنوات الإعلامية بحجة الانفتاح والأخوة الإسلامية .


4 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com