دعمُ المعلِّم دعمٌ لنا


دعمُ المعلِّم دعمٌ لنا


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2659716.html

أنا مع المعلم، وأنتم يجب أن تكونوا مع المعلم أيضًا؛ فنحن بهذا نكون مع أنفسنا؛ فهو العنصر الأقدر، والأجدر على الرقي بالمجتمع، عبر القيادة، والريادة لمسرحة التربية، وفعاليات التعليم، متى ما كان ذا إعداد جيد، وتنمية مستدامة تلبي حاجات المرحلة، ومتطلبات العصر، وآمال المجتمع …

وهذا المعلم، ببشريته، وباجتماعيته، عنصر تأثُّر، بمثل ما إنَّا ننتظر منه أن يكون عنصر تأثير، بل إنّنا نريده صاحب تأثير إيجابي نافع دائمًا … وهذا يلزمنا بالعدل العاطفي معه، ويلزمنا بالمرونة في توجيهه، وتقييمه، وتقويمه، وصولاً إلى مرحلة من الشراكة نكون فيها أصحاب وعي حقيقي لهذا المعلم، وفق فلسفة تقوم على الفهم، والقبول، والإرادة، والضبط، وتذكروا … نحن ندعم أبناءنا، ومجتمعنا عبر دعم هذا المعلم …

ومن أولى ما يجب الالتفات إليه، مسألة نقل المعلم؛ فهو ابن، وزوج، وأب، وذو أرحام، وأحباب، وأصدقاء، وجيران … وكفايته الاجتماعية، واستقراره النفسي، وشعوره بالراحة، وقربه ممن يحب … عوامل تعينه، بمشيئة الله، على بذل، وعلى تجويد، وعلى إفادة …

أشفق على معلم يعتصر حسرةً، وهو يقبّل يدي والدته، ويدي والده، وربما كان وحيدهما … وأحزن لحاله، وهو يودع أبنائه كل أسبوع بالدموع … يحتضنهم، وهو يصارع حنين قلبه، وأنينه، بألم، وبأمل … وأشفق عليه، وهو يودع أم أبنائه، وهو يستشعر التقصير، ويفهم لغة الرجاء، والعتب، في ملامحَ صامتة، وهاطلٍ يتحدث؛ ليفضح الأسى …

وأشفق على معلمة، تستودع الله أبناءها كل يوم، ونظراتها تشيعهم نائمين، قُبيل صلاة الفجر، على أمل اللقاء بهم، بتيسير الله، بُعيد صلاة العصر، وهي غير قادرة على إزالة حيرة، وقلق، يداعبان مشاعر صغارها، ويتعبانها …

لا تتكلموا معي عن أداء تدريسي، ولا تحاولوا أن تبرروا الموقف بعقوبات إدارية هنا، أو بضعف فني هناك … لقد تعين فلان وفلانة معلمين، وانتهى الأمر! وإنْ بدا من الأمر سوء؛ فمجال التدريب، وحتى التهذيب، واسع يمكن إعماله لصالح تطوير، وتحسين، وبلغة أعيدها وأؤكد عليها … دعم المعلم دعم لنا!

وأنا أحب وطني، ووطني يحبني … ومن حق وطني أن يخدمه أبناؤه، ومن حقه أن تخدمه بناته، وجميعهم أهل واجب؛ فهم قد عاشوا على ثراه، وأظلتهم سماؤه، وشربوا ماءه، واستنشقوا هواءه … وفي ذلك فرصة ليرى المعلم، ولترى المعلمة معالم الوطن، ومقدراته، وإنجازاته، ولينالا قسطًا من الدُّربة على صبر، وعلى تحمل، وفي هذا كسب خلائق، وحفظ وثائق، ولين علائق، ولا أسمى من جهاد النفس …

لكن … حب محل الولادة، والصبا شِرعة للنفس؛ فهي تهوى تلك الأزقة، وتعشق تلك النواحي، ولها في تلك الأماكن ذكريات، وأمنيات … لذا يكون من الكلفة مانعة الألفة أن تدوم غربة هذه النفس سنوات، وسنوات … قد تخبو معها الحماسة، وتموت الهمة …

لذا، ونصرة لزميلي، وصديقي، وزميلي المعلم، أقترح، في ضوء فهمي، ووفق ما أراه ممكنًا، دون إلزام، ودون ادّعاء رجاحة، أو رصانة، ما يلي:

١)تخفيض نصاب المعلم المتميز، وفق ضوابط، منها: سنوات الخبرة، والحصيلة التدريبية، ونتائج تقويم الأداء التدريسي، بحيث يخفض نصاب المعلم بمقدار الثلث، أو النصف، مقابل أعباء نوعية يكلف بها داخل المدرسة، وتلبي حاجته إلى العمل الفارق الفائق، وتلبي له فرص التميز؛ كالتدريب، والبحث العلمي، والنشاط التعليمي، وفق متطلبات، وخصائص مقرراته التدريسية، وفي ضوء ذلك سيكون هناك تنازل من كل معلم عن ثماني حصص، في أسوأ الظروف؛ بمعنى أن تسعين معلِّمًا متميِّزًا، في اللغة العربية مثلاً، في مدينة عرعر، سيوفرون فرصة نقل ثلاثين معلم لغة عربية، يحل محلهم ثلاثون معلِّمًا؛ كمعيَّنين جدد.

٢)تخفيض أنصبة المعلمين عامة إلى ٢٠ حصة، مقابل مهام، وأعباء إدارية، يمكن تنسيقها، وتوظيفها لصالح جودة المنتج المدرسي، في ضوء تخصصات المعلمين، واتجاهاتهم، وقدراتهم، وعليه، وبما يتصل بحصصهم التدريسية، ومهام التدريس؛ حتى لا يكون الفعل بلا معنى؛ ففي مدرسة ابتدائية تضم أربعة فصول (أ، ب، ج، د)، من كل صف؛ أي أن فيها أربعة وعشرين فصلاً، حصص المدرسة ٧٢٠ حصة، وعدد المعلمين ٣٠ معلِّمًا بنصاب قدره ٢٤ حصة، سيتنازل المعلمون عن مئة وعشرين حصة؛ أي استيعاب ستة معلمين منقولين، يحلّ محلهم معلمون معيَّنون.

٣)من المعلوم أن المعلم لا يحظى بزيارة المشرف التربوي إلاّ نادرًا، وقد لا يزوره المشرف التربوي إلاّ مرة، أو مرتين كل عام دراسي، وهذا يخالف فكرة أنّ المشرف مطور، وشريك، يفاوض المعلم، ويقايضه حول أفكاره التدريسية، وطروحاته التربوية، ما يضعف من ناتج هذه الشراكة، هذا إن استوعب لقاء أو لقاءان عابران مناقشة أفكارٍ جادَّة، وعليه إمّا أن يكون هناك تطبيق مختلف لمفهوم المشرف التربوي داخل المدرسة؛ فالمدير ليس إلاّ مشرفًا فنيًّا إداريًّا، قد لا يلبي حاجة معلم وقع في مشكلة ذات علاقة بالمقرر الدراسي، ويختلف معه في التخصص؛ فيكون من المأمول توطين مشرفي المقررات الدراسية داخل المدرسة الواحدة؛ أي يكون هناك مشرفون تربويون لكل المواد في المدرسة، يكلفون بأعباء تحقق متطلبات جودة العمل المدرسي؛ ففي مدينة بها ٥٠ مدرسة، سيحقق هذا المقترح مكاسب جمة، منها إعطاء معلمين متميزين فرص بذل نوعي يحقق حاجتهم إلى الإبداع ويطور العمل المؤسسي، إضافة إلى نقل ٣٠٠ معلِّمٍ دفعة واحدة، يحلّ محلّهم معلِّمون معيَّنون.

٤)افتتاح مدارس جديدة تلبي الحاجة الواضحة، في ضوء الكثافة السكانية، وازدحام الطرق، وهنا … نعم هنا … أعتذر إلى طفل يضطر إلى قطع طريق خطيرة، وأعتذر إلى أب يتكلف أحيانًا أكثر من نصف ساعة؛ ليوصل ولده، وليذهب إلى عمله، وعليه؛ فليكن افتتاح المدارس خطة استباقية، وفق مفهوم وقائي، يمنع المشكلة، أو يستطيع مقاومتها إن حدثت، لا أن يكون علاجًا متأخِّرًا، وفق ثقافة البتر، والكي، ولإسكات المتضررين، كأن حديث المتضرر هو المشكلة! وكمؤشرات على حقيقة هذا المعنى احسبوا عدد الأسر، وعدد المدارس في أحيائكم، للجنسين، في المراحل التعليمية كافة، أو لتسألوا عن مواليد مدينتكم هذا العام، ولتعلموا أننا نريد مقابل كل عشرين مولودًا فصلاً دراسيًّا بعد ستّ سنوات، وتذكروا أنّ طلاب الصف الأول الابتدائيّ هذا العام هم، بإذن الله وتوفيقه، طلاب الصف الأول المتوسط بعد ستّ سنوات، وقارنوا بين أعداد مدارس المرحلتين هذه الأيام، وقارنوا بين أعداد مدارس المرحلة المتوسطة هذا العام، وقبل ستة أعوام.
٥)السماح لمن يريد التدريس في مرحلة أعلى، من المعلمين، عبر برامج التجسير، أو الترميم، وتوفير فرص التفرغ لأجل ذلك؛ فالذي أعرفه أن المشرف التربوي لمقرر ما يجب أن يكون قد درّس في جميع مراحل التعليم؛ فكيف درّس بها لولا أنه رُفِّعَ إنْ كان قد تخرج ضمن مسار التعليمي الابتدائي؟! وكيف سمح له بالتدريس في المرحلة الابتدائية إن كان من خريجي مسار التعليم فوق الابتدائي؟! وكمعلومة، يحب الانتباه إلى مسألة أن المرحلة الابتدائية أهمّ وأشقّ، وجُلُّ حالات الوهن في طلاب الجامعات، وطالباتها في اللغة، والاتصال، والثقافة العامة، سببها المرحلة الابتدائية.
٦)ترشيح ثلاثة معلمين لكل مدرسة، يكون أحدهم مرشدًا طلابيًّا، والثاني أخصائيًّا اجتماعيًّا، والثالث مشرف نشاط، في ضوء ترشُّحٍ ذاتي، ومقابلات واختبارات مقننة، وتدريب نوعي؛ ليكون هناك فرصة لنقل ١٨٠ معلِّمًا إلى ٦٠ مدرسة، يتعيّن مكانهم معلّمون جدد.

كان حديثي حديث نفس أشركت فيه أحبة، هم أهل نصح، وإصلاح، وفلاح …

دمتم في خير


5 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com