ثقافة ثلاثية الأبعاد


ثقافة ثلاثية الأبعاد


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2668560.html

انتشرت في مجتمعنا المحلي ثقافة اسميتها ثقافة ثلاثية الأبعاد فالقِدْر عندنا ما يركب إلا على ثلاثة ، ومن أطيب الأكلات الشعبية في موروثنا المخلى أكلة تسمى مثلوثة ، والمُهَربات عند البدو أيام الحروب هي ثلاثة أيام ، ويقولون حينما يكتشفون أنهم مجرد مواطنون بسطاء مضحوك عليهم في البناء :
البيت الأول بِعه والثاني أجره والثالث اسكنه ، يالها من سذاجة ، يقع المواطن المسكين إذا بني منزله الأول فريسةً لكل أبطال المسلسل العقاري بدءاً من المكتب الهندسي الذي يصمم منزلك ويضع صورة جميلة لمخططك ويرسم نخلة وسيارة وربما زهور ، ياسلااام تظن بسذاجة البدايات أن تصميم منزلك النهائي سيكون بهذا الشكل ومع التعديلات ستضطر للدفع ثم الدفع فالمقاول بطل من أبطال هذا المسلسل العقاري وكذلك مصمم الديكور بطل والدهان والسباك والكهربائي كلهم أبطال وتكتشف أنك الوحيد الكمبارس في هذا المسلسل الممل ، لذلك تُطلّق البيت بالثلاثة طلقة ثلاثية الأبعاد ليقع في فخ (الغش ) مشترٍ جديد ، نعم غش وإلا لماذا تبيعه أصلاً ؟!
ماعلينا !!
المهم : لماذا ثلاثة دائماً ؟!
ويبدو أن الرقم ثلاثة مرتبط بالموروث العربي فالمستحيلات في تراثنا ثلاثة (الغول والعنقاء والخل الوفي) ، والعرب تقول : ثالثة الأثافي ( وهي نفسها القدر مايركب إلا على ثلاثة )، والضيف في عرفنا العربي له حق الضيافة ثلاثة أيام ، وإذا تردد العربي الجاهلي في اتخاذ قرار حاسم رمى ثلاثة أسهم ، والثلوث من النوق التي تملأ ثلاثة أقداح من الحليب ، ولا تُشد الرحال إلا لثلاثة مساجد .
بل حتى في القرآن الكريم ثمة مدلولات للعدد ثلاثة ، فهو ثالث أكثر الأرقام ذكراً بعد الرقم ١و٧ ، والآيات التي تذكر الرقم ثلاثة بتصريفاته كثيرة منها قوله تعالى : ” إذا أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث ” ، وقوله تعالى : ” ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم ” .
وقوله تعالى :
“آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال” .
وقوله سبحانه : “في ظلمات ثلاث ”
وقوله أيضاً جل في علاه :
“انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ”
والعجيب أن عدد سور القرآن الكريم وآياته وحروفه من مضاعفات الرقم ثلاثة ، وعليكم الحساب !!
وفي الحديث الشريف قال رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم ) ” ثلاثة في ظل عرش الله يوم القيامة ….إلى آخره. ” ، وقوله (ص) : ” ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان …” ، وقوله (ص) : “ثلاثة لا ترد دعوتهم ….” و أيضاً قال الحبيب ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث …” ، وكان النبي (ص) يتنفس في الإناء ثلاثاً عند الشرب ، والأحاديث في هذا السياق كثيرة جداً ؛ ففي السنة الاستئذان ثلاثاً والوضوء كذلك والأيام البيض ثلاثة ، وفي السفر الثلاثة ركب وغيرها الكثير .
فلماذا ثلاثة تحديداً ؟!
والعدد ثلاثة مقدس عند العبرانيين والساميين أيضاً ؛فالكون في عرفهم همكون من ثلاثة أشياء السماء والأرض والبحار ، أما المسيحيون فالعدد ثلاثة ( الثالوث ) ضمن معتقداتهم المتأصلة “قاتلهم الله أنى يؤفكون” ، وزهرة الزنبق رمزاً ثلاثياً عندهم . والأعمدة الثلاثة حاضرة في الوجدان الماسوني كذلك ، والعدد ثلاثة مرتبط بالأبراج الفلكية أيضاً ، والمثلث من الأشكال الهندسية ذات الثلاث زوايا . وفي الأفلام السينمائية الحديثة يظهر الرقم ثلاثة بطريقة غريبة خوذوا مثلاً أسماء الأفلام الشهيرة ( الفرسان الثلاثة ، العرسان الثلاثة ، الأشقياء الثلاثة ، الشياطين الثلاثة ، الأصدقاء الثلاثة ، أرملة وثلاث بنات ، المغامرون الثلاثة ، ٣ لصوص ، المساجين الثلاثة ، المجانين الثلاثة …..)، وغيرها الكثير الكثير . وفي الرياضة دائماً تجد نقاط الفوز ثلاثة ، وهناك ثلاث فرص في لعبة البيسبول قبل طرد ضارب الكرة ، وعلمياً توجد ثلاثة ألوان أساسية يراها الإنسان ، وثلاثة فرعية ، والزمن ينقسم إلا ماض وحاضر ومستقبل ، والأرض هي الكوكب الثالث في النظام الشمسي .
ويعود السؤال :
لماذا ثلاثة ؟!
لقد حيرني هذا الرقم ولم أجد له تفسيراً ، فمن يجد تفسيراً لاستخداماته المتنوعة التي أشرت لبعضها فليخبرني وسأشكره ثلاثاً !!

منيف خضير الضوي


1 ping

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com