حكايات تجددها “الجنادرية”.. “الربابة” من عناق الليالي إلى معالجة الملدوغ!


لم يكن يخلو منها بيت من أبيات "الخيمة".. زينت جلسات السمر وهيجت الأشجان:

حكايات تجددها “الجنادرية”.. “الربابة” من عناق الليالي إلى معالجة الملدوغ!



محليات - إخبارية عرعر:

قصص وحكايات وروايات تغنت بأمجاد وتاريخ وبطولات عزفتها “الربابة”، تلك الآلة وحيدة الوتر التي تستهوي عشاقها لتعانق ليالي الصحراء والبيد العربية استخدمها الأجداد في جلسات سمرهم، وكذلك في علاج مرضاهم ممن يتعرضون للدغ الحشرت؛ حيث كانوا يقومون بتسهير المصاب على صوتها حتى ينسى ألمه.

جلسات السمر
لا يكاد يخلو بيت من أبيات الشعر القديمة “الخيمة” من الربابة؛ حيث كان البدوي، يلجأ إلى الربابة في ساعات راحته وهدوئه، هذا ما قاله السيد محمد الرويلي أحد عازفي الربابة.
وأضاف: “الربابة تعتبر حليفة جلسات السمر يقصد عليها العازف أعذب الأشعار وأجمل الألحان التي عرفتها الصحراء العربية؛ حيث لا تخلو البيوت من وجودها على عكس اليوم فقد هرمت وشابت وتكاد تندثر”.
وتابع: “الربابة كانت آلة يلجأ إليها صاحبها في وحدته ليبثّ إليها همومَه وشجونه؛ حيث يجد ضالته فيها يحكي إليها قصة حياته وتعب أيامه أو قصة عشق مر بها ولكنها لم تكتمل”.

وأردف: “غالبية شيوخ القبائل والوجهاء كانوا يجمعون أهل المنطقة في بيوت الشعر ويستمعون إلى القصائد والحوارات التي كان يجريها الشعراء، فهي كانت تسامرهم حتى وقت متأخر من الليل”.

لدغ الحشرات
أما العم “ملهم عنتري” فيقول: “الربابة قديمة جداً، ونحن الأجداد عرفناها من آبائنا، وأتوقع أن عمرها يزيد عن مئتي عام”، مضيفاً: “كانت مرغوبة جداً وحاضرة لدى العرب؛ حيث يروون عبرها أهم الأحداث والقصص التي كانوا قد سمعوها من الآباء والأجداد، أو أحيانًا كانت تستعمل للتفاخر والتباهي في أبيات الشعر والشعراء بين القبائل، وكان عندما يبدأ عازف الربابة العزف والقصيد الجميع ينصت لعذوبة الكلام الذي امتزج مع اللحن الأجمل الصادر عن الربابة”.
وبين: “آباؤنا كانوا قد أخبرونا أنه سابقاً عندما كان أحد أفراد الأسرة يلدغ بحشرة، فإنه يتم تسهيره لمدة أسبوع تقريباً على صوت الربابة حتى ينسى ألمه”.

أحيتها “الجنادرية”
يقول عدد من زائري “الجنادرية”، وهم متجمهرين بجوار عازفي الربابة يستمعون إلى لحنها والأشعار التي تقال عبرها، إن “الجنادرية استطاعت إعادة هذا الموروث الشعبي القديم الذي افتقدناه كثيراً في ظل أوجه الحداثة التي غزت العالم وما تخللها من تقنية واستخدام الفيديو كليب التي مزجت بمؤثرات افقدت الموسيقى الحقيقية طعمها.
وقال أحد زوار المهرجان، ناصر العتيبي، إن المهرجان استطاع بقريته التراثية جمع مختلف ألوان التراث؛ حيث تجد بيوت الشعر حاضرة والربابة وعدداً من الحرف التقليدية التي كنا قد سمعنا عنها من أجدادنا، وها نحن اليوم نراها في أعيننا عبر هذا المحفل التاريخي الذي ترعاه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، وأن فكرة إقامة هذا المهرجان كل عام تعتبر رائعة وتعمل على تذكير الأحفاد بتاريخ الآباء والأجداد.

وحيدة الوتر
الربابة هي الآلة الموسيقية وحيدة الوتر، أول من أوجدها العرب الرُحل في الجزيرة العربية، وهي من التراث البدوي، وأكثر من يستعملها شعراء المدح، وتكاد تكون الأداة الفاعلة في مجالس شيوخ البادية، ويفسر البعض تعلق البدو بها، لأنها تتناسب مع طبيعة البادية، من حيث مكونات صنعها وملاءمتها للمناخ الصحراوي، إذ تصنع الربابة من الأدوات البسيطة المتوفرة لدى أبناء البادية، كخشب الأشجار وجلد الماعز أو الغزال، و”سبيب” الفرس.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com