تبوك الورق


تبوك الورق


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2679838.html

تزامن قرار إعفاء قائد  مدرسة تبوك من مهامه مع حادثة سقوط طالب الصف الأول الابتدائي بالمدينة المنورة قبل أيام والغريب في الأمر سرعة قرار الإعفاء لقائد مدرسة تبوك قبل مباشرة لجنة التحقيق لعملها أما طالب المدينة المتوفي فقد شكلت لجنة للتحقيق بالحادثة وحتى هذا الوقت لم يصدر قرار بشأن الحادث المفجع .
 وأنا هنا لست بصدد المطالبة بمعاقبة مدير مدرسة المدينة المنورة ولكن علامات استفهام تجبرني للتأمل .
هل موت القيم وتقطيع الورق أهم من موت البشر لدى وزارتنا الموقرة ؟!ومن المسؤول المباشر عن سلوكيات طلاب مدرسة تبوك ؟
وما الذي دفعهم لهذا التصرف وكأنهم ينتقمون من الكتاب المدرسي ؟
لماذا يهرب طلابنا من التعليم والتعلم ؟
لماذا فشلنا ككوادر تربوية في تنمية دافعية ابنائنا للدراسة ؟
لم اندثرت القيم بين ابنائنا ؟
لماذا يتعلمون أسرع من شخصيات برامج التواصل ونفشل نحن ؟!
هل تعليمنا الان باستراتيجياته يتناسب مع أجيال الوقت الحالي ؟هل يلبي متطلباتهم ؟
آن الأوان لنعترف بقصور منظومتنا التعليمية لنبحث عن التصحيح ولا نسارع في البحث عمن يتحمل وزر المصيبة فزمن شيخ القبيلة انتهى نحن بعصر يقوم على مبدأ المنظومة المتكاملة وتوزيع الأدوار والمهام والمسئوليات وإصدار قرار إعفاء قائد المدرسة كعقوبة تسبق المساءلة والتحقيق يحتاج إلى إعادة نظر فالقرار ارضاء فقط للرأي العام وليس حلا للمشكلة .
فكلنا شركاء لقائد المدرسة بما حدث من أبنائنا :بدءا بالأسرة التي ورثت للطفل القيم ترديدا لا تطبيقا والبيت الذي يرى أنه اشترى رفاهية ابنه وكامل حقوقه من مدرسته الأهلية بالقسط المالي المدفوع .
فأين هما من تبجيل الأمين والمأمون لمعلمهما ؟!
فكيف ستغرس المدرسة قيما هشمها جهل بعض الأسر فالأب يثور ويشتكى  لأن قائد المدرسة وجه سلوك ابنه بغلظة فثقافة تقدير العلم والتعلم شبه معدومة في مجتمعنا ؟!
ولا نعفي أنظمة الوزارة التي قيدت صلاحيات القائد الممنوحة له لتذكرني بقول الشاعر : 
القاه في اليم مكتوف اليدين وقال له                  
إياك إياك أن تبتل بالماء 

ومنظومة العمل الحالية اهملت بناء العقول وركزت على الشكليات أكثر من المضمون ليخرج لنا جيلا يردد ويحفظ (النظافة من الإيمان) عن ظهر قلب ولا يتمثلها سلوكا فأين القيم ؟!
ركزنا على انضباط الطلاب وحضورهم للمدرسة ولم نخطط ماذا نقدم لهم ؟
انشغلنا بتثبيت الغياب وغفلنا عن بناء شخصياتهم  ,فالفيديو الذي يٌظهر طلابنا وهم يمزقون الكتب مسيء لنا محليا وعالميا وإنني اتساءل لم لا تظهر الغيرة الوطنية لدى البعض بعدم نشر المقاطع والصور السلبية التي تسيء لنا كشعب سعودي ؟!
لم لا يعاقب من ينشر الصور السلبية بوسائل التواصل الاجتماعي ؟!
نحتاج إلى تغيير ثقافة ووعي المجتمع بأهمية العلم واحترام المعلم نحتاج أن نجعل من طلابنا جيلا منتجا وعاملا لا جيلا مستهلكا وعاطلا.
فوزارة التعليم ليست الوحيدة المعنية بإصلاح التعليم فإذا لم يثقف المجتمع نفسه سلوكيا وقيميا فلن نتقدم .
فقائد المدرسة لا يحاسب بنهاية العام وبعد عطاء ثمان وعشرين سنة سخر كل وقته وجهده لخدمة التعليم ليكون الجزاء عقوبة الإعفاء عن جرم خارج أسوار مدرسته وبعد انتهاء اليوم الدراسي .
ونحن هنا لا نعفيه تماما من التقصير لكن هناك معلمين بالمدرسة ولديهم جدول مناوبة. وحارس المدرسة أين هو في ذلك الوقت؟
والمرشد الطلابي ماذا قدم للطلاب عن أهمية المحافظة عل الممتلكات واحترام اسم الله ونظافة الشارع ؟!وإدارة الجودة هل تعترف الآن بقصورها وعدم وصولها لرضا المستفيد الأهم بالتعليم وهو الطالب؟ ومعلمي المدرسة أليسوا شركاء في المسئولية فاين القيم وتنمية الوطنية التي يحرصون على غرسها؟والمشرفون التربويون المعنيون بالإشراف والمتابعة ووزارة التعليم ماذا قدمت من برامج ومشاريع لمعالجة مثل هذه السلوكيات ؟
أين منسقي فطن ذلك المشروع القيمي الذين صرفت له الملايين أليس من الفطنة التصرف السليم وعدم الانقياد للآخرين بدون وعي ؟
ومبادراتنا المستمرة وخطابات الشكر الكثيرة والفلاشات المستمرة لماذا لم تلامس واقع الميدان وتعالج الظواهر التي يعاني منها مجتمعنا لماذا لا تحط مبادراتنا رحالها لأرض الواقع لم لا تولد معالجاتنا وخططنا من رحم البيئة السعودية والخليجية القريبة منا فقطر والإمارات دول متقدمة وأحرزت سبقا في التعليم .
وإني لا أعجب ان نقفز بالصعود قفزا بمحاكاة دول نختلف عنها فكرا وتراثا وبيئة  ولا يأتي إلهامنا إلا بالأجواء الغربية.
فالمسؤولية جماعية  يا وزاره التعليم ومن الظلم أن يتحملها قائد المدرسة وحده ويعفى الباقون فماذا ينتظر الطلاب من إجراءات تربوية  حتى لا نعزز سلوكهم السلبي بعقوبة المدير وحده لم لا نشعرهم بالخطأ الذي ارتكبوه بحق مدرستهم ومدينتهم لم لا تشكل لجنة من تربويين ونفسيين لدراسة الحالة ومعرفة مسبباتها والطرق العلاجية الممكنة والمتناسبة مع أعمارهم كأن يشترط عليهم قراءة مجموعة من الكتب ومناقشتهم بها أو تلخيصها في الأندية الصيفية وحضور دورات تنمي شخصياتهم وتشغل وقت فراغهم بالإجازة الصيفية بالمفيد فلا نجعل من المدير شماعة لنعلق عليها أخطاء الآخرين فهو ليس شمسا شارقة.
فماذا سيخسر قائد المدرسة من الإعفاء وهو يتساوى مع الجميع بالمزايا ويزيد عنهم بحجم المسئولية فالاستغناء عن الكفاءات المؤهلة وأعداد المتقاعدين هذا العام خير شاهد وتضامن مدراء المدارس بتبوك مع زميلهم بطلب الإعفاء والعزوف عن الإدارة ناقوس خطر بأن هناك عدم رضا في الميدان يحتم على الوزارة دراسة جادة لتلك الحالة ومعالجتها بأسلوب علمي لا إعلامي .

بقلم /سهام الرميح  

كاتبة سعودية/عرعر


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com