اللهم ارحم ميتا مازال في قلبي حي !


اللهم ارحم ميتا مازال في قلبي حي !



أكتب هذا المقال بعد أكثر من أربعة شهور مضت من وفاة والدي رحمه الله .. بعد هدوء سبقته عاصفة من الحزن اجتاحت وكادت تهد وتبلد معاليق قلبي الضعيف ومشاعري وأحاسيسي الجياشة بالحزن .. وبفضل الله عز وجل الرحيم الرؤوف ثبت على قلبي المخطوف وقلب اخواني حفظهم الله ، لم أكن أتوقع أنني في يوم من الأيام سأتحمل فراق والدي وغيابه عن عيوني كنت أخاف عليه من نسمة الهواء الباردة .. عندما يكون مريضا ويخبرني بأنه يشعر بألم وأوجاع في أي مكان ما في جسده فجأة تتغير ملامح ولون وجهي إلى السواد ويرد علي قائلا ” وش عندك ياابوخالد تغير لون وجهك .. هل تخاف علي من الموت ؟! .. ياولدي مايموت عبد دون يومه .. ياولدي الموت مصير كل حي .. خل عندك يقين بالله .. خلك شجاع يامطوع !!
كان صبورا ، شجاعا رحمه الله عندما قرر الأطباء بتر ساقه بسبب غرغرينا السكر قبل 5 أعوام أحضر الأطباء ورقة لي ولأخواني حفظهم الله لكي نوقع عليها بالموافقة بإجراء العملية له على توقيع بالغ الخطورة قبل العملية بسبب أن قلبه ورئتيه في خطر وقد لايتحمل البنج المخدر وقد تكون تلك العملية الجراحية سببا في وفاته .. وترددت مع اخواني بالتوقيع بالموافقة .. وعلم بذلك وإذا به ينادي للطبيب المعالج قائلا له ” هات القلم يادكتور أنا سأوقع على حياتي أومماتي بإجراء العملية .. الموت والحياة عند الله عز وجل
والله إذا مكتوب لي حياة سأحيى واذا مكتوب لي موت سأموت اليوم او بعد حين ” . وتم إجراء العملية بنجاح وعاش بعدها 5 سنوات بصبر وإيمان وإحتساب الأجر من الله عز وجل عن كل ماأصابه .. نعم كان صابرا محتسبا شجاعا رحمه الله عينه اليمنى كريمة ، وعينه اليسرى تم عمل لها اكثر من عملية جراحية تكللت بنجاح ، وساقه وقدمه اليمنى مبتورتان ، وإبهام قدمه اليسرى مبتور ، وضعف وقصور حاد بأحد شرايين قلبه رحمه الله وعندما سأله احد أصحابه كيف حالك ياأبوعطا قال ” الحمد والشكر لله على كل حال .. الله يجعل ماأصابني طهورا لي .. كل سنة الأطباء يبترون من جسدي حتى يحين أجلي ( قالها بإبتسامة وشجاعة ) الله المستعان .. هنا مثال للمسلم الصابر المحتسب .. وبمثل والدي أفتخر .
.. اخواني قراء مقالي .. لن أطيل عليكم .. فسبب كتابتي لهذا المقال الحزين .. ليلة البارحة كنت أتصفح تويتر وهيض حزني ومشاعري هاشتاقا بعنوان
#موقف_لن_تنساه
فقلت هو ليس موقف فحسب بل مصابا جلل لازلت أتجرع مرارته مع الرضا بقضاء الله وقدره موقف لن أنساه ماحييت .
عندما ذهبت لوالدي رحمه الله الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء 1439/2/19
لكي استأذن منه للذهاب لسكاكا الجوف لحضور دفن وتشييع جثمان خالي رحمه الله شقيق والدتي المتوفي قبله في ليلة
ووجدت اخواني ووالدتي مستيقظين الصباح مستعدين للسفر لمدينة سكاكا لتعزية أبناء خالي ، وذهبت لغرفة والدي
لأقف عند رأسه رحمه الله وإذا به نائم على سريره .. على جنبه الأيمن وواضع يده اليمنى تحت رأسه وناديته مرارا وتكرارا ” يبه ، يبه ، يبه ، يباااااه .. ولم يحرك ساكنا تجاهي .. لاحركة .. لاتنفس .. حتى عرفت انه قد ماااااات .. آه .. آه .. لم أكن أعلم بأن ندآءي لوالدي تاج راسي .. آخر نداء له في هذه الدنيا الفانية .. آ آه .. آ آه .. لم أكن أعلم بأن الله سبحانه وتعالى سيجعلني اول من أشاهد والدي ميتا في فراشه .. واخبر كل من حولي بوفاته .. قدر الله وما شاء فعل .
اسأل الله أن يرحم والدي ويرحم خالي ويسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة وجميع موتى المسلمين .
مع ذلك كان المصاب جلل للوالدة ( مريضة الضغط والسكر ) الله يشفيها ويعافيها ويحفظها بحفظه .. مع صلاة الظهر دفن أخاها ومع صلاة العصر دفن زوجها وتستقبل العزاء للأخ وللزوج معا .. قدر الله وماشاء فعل ولاإعتراض على قضاء الله عز وجل وقدره .
أخي القارىء الكريم :
كتبت هذا المقال الحزين
تذكيرا لي ولك ولكل مسلم ومسلمة
بأن الموت إذا جاء لايستأذن
ولايطرق أبواب الأعناق !!
ولايتقدم ولايتأخر
كمال قال الله تعالى :
( فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }

ولن نستطيع الهرب والفرار من الموت
كما قال الله تعالى
( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )

اسأل الله حسن الخاتمة لي ولكم
وأوصيكم وأوصي نفسي المقصرة :
بروا بإبآئكم بإمهاتكم ، احترموا ووقروا كبيركم ، واعطفوا على صغيركم ، وسامحوا من أخطأ عليكم ليسامحكم الله ويغفر لكم
وبالإستغفار تنعمون ،
وبالتهليل والتسبيح تنجون وتسعدون ،
وبالصدقة يقيكم الله مصارع السوء ،
وبالمحافظة على الصلوات وصلاة الفجر تكونون في ذمة الله ، وتفوزون بالنور التام يوم القيامة ،
وبالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم تكفى همومكم وتنشرح صدوركم ،
وبذكر الله تطمئن قلوبكم
كما قال تعالى :
( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) .
دعاء :
اللهم ارحم ميتا مازال في قلبي حي .
( سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ).


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com