من هو سعيد آل عمر ..؟


من هو سعيد آل عمر ..؟



والدي “صاحب الفضل” قبل أن تكون “صاحب المعالي”
الأستاذ الدكتور / سعيد بن عمر آل عمر

ما أصعب لحظات الوداع؛ عندما نودع رجل مثلك لن يكرره التاريخ مرة أخرى، رجل قد خدمت وطنك عبر مجال التعليم لمدة دامت لأكثر من ٤٠ عاماً، شاركت خلالها في تأسيس أهم الجامعات كجامعة الملك فيصل، وجامعة الدمام، ومؤخراً جامعة الحدود الشمالية التي تشرفت أن تكون أول مديراً للجامعة بثقة ملكية، لم نعرف عنك طوال تلك السنوات الا العمل الدؤوب والمثابرة لخدمة الجامعة ومنسوبيها، فقد شاهدت ذلك كله عندما كنت طالباً فيها، ولاحظت عملك عن قرب عندما أصبحت موظفاً بالجامعة.
واليوم؛ أقف عاجزاً عن الشكر كلما تذكرت اعمالك التي بذلتها لأجل خدمة الجامعة، ولعلي أذكر بعض الاشياء منها، والعتب على الذاكرة اذا نسيت بعضها، ولعل لا ينساها الرجال الشرفاء والاوفياء من غيري.
وحين أعود للوراء، أتذكر جيداً كيف كنا نعاني من انعدام القاعات الدراسية قبل تكليفكم مما أثرت سلباً على عدد ساعاتنا الدراسية، فقد كنا ندرس “التحضيري” في كلية الطب كأول دفعة لطلاب كلية التربية والآداب، وأتذكر جيداً كيف عالجتها عبر المشاريع المستعجلة، مما أحدثت وفره كبيرة في عدد القاعات الدراسية وانعكس ذلك ايجابياً على راحتنا في الدراسة، وهو أيضاً حال كافة الكليات والفروع في الجامعة التي كان ذلك بفضل من الله، ثم بفضل من معاليكم التي سخرت أموال الدولة لخدمتنا على أكمل وجه.

وأتذكر جيداً كيف كنا نعاني من قيمة شراء الكتب التي أهلكتنا قبل تكليفكم، وأتذكر جيداً كيف وجهت بدعمها فأصبحت بأسعار في متناول الجميع، وحتى وصل الدعم السخي لطلاب التحضيري والمتضمن حصولهم على كتاب الانجليزي مجاناً، علماً أن الكتاب يتجاوز الـ ٢٠٠ ريال (أي ربع مكافأة الطالب الجامعي).

وأتذكر جيداً كيف كنا نعاني من العودة الى “الفنادق” لشراء علبة ماء، وذلك بسبب انعدام التغذية كافة بالجامعة، ولم تكن خدمات “حي الضاحية” موجودة بسبب نشئت الحي، وتفأجنا بعد تكليفكم مديراً للجامعة بأنشاء مطعم جامعي متكامل يقدم الوجبات من كافة الاصناف كالاسماك واللحم والدجاج والارز وغيره بقيمة (٤ ريالات) ..!! كأرخص جامعة في المملكة العربية السعودية تقدم وجبة مخفضه بمقدار ٣ ريالات للفطور، و ٤ ريالات للغداء، بعد ما كنا نحلم (ببرادة ماء).

وأتذكر جيداً “معاناة اصدقائي من أهالي طريف” الذين يترددون من عرعر الى طريف لأجل الدراسة، وكيف تحول حالهم في أيام بسيطة من تعاسة الى فرح، وذلك عندما اتخذ معاليكم قراراً يصعب اتخاذه الا على الرجال الذين يشعرون أنهم في محل المسؤولية، عندما دفعتكم نخوتكم العربية كونك من أهل “البادية” لذلك الرجل المسن الذي انهك ظهره “بناته المغتربات” راجين من الله أن تساعده في رفع المعاناة، وبالفعل وجهت بانشاء فرع للجامعة بطريف “على مسؤوليتك” قبل صدور الأمر من المقام السامي الكريم، لعلمك التام أن الحكومة الرشيدة ستدعم موقفك لانه بالاخير هي (خدمة للمواطنين) وبالفعل تحقق ذلك وتم دعمه من الدولة أعزها الله، وفي خلال شهرين تم انشاء الفرع واستفاد من ذلك الطالبات، ثم الطلاب في هذه المحافظة التي تستولي على حب وتقدير معاليكم، كيف لا .. وهي تتربع في جزء غالي من وطننا العزيز، وبعد ذلك العمل الجبار قمتم أيضاً في انشاء فرع للجامعة بالعويقيلة مع رفض الوزارة بانشاء الفرع بسبب عدد السكان القليل بالمحافظة، ولكن اصرارك وحرصك استطعت بتوفيق من الله بافتتاح فرع الجامعة، ووجهتم بتحمل ميزانية العويقيلة على ميزانية الجامعة بعرعر من منطلق تقديركم لأهالي العويقيلة.

وأتذكر جيداً كيف كانت مكاتبكم مفتوحة لنا عندما نتعرض لمشاكل أكاديمية وغير أكاديمية، وكيف توجه بحلها المباشر مع المتابعة الشخصية (عندما تكون نظامية).

وأتذكر وأنا موظفاً كيف دعمت عمادة شؤون الطلاب بالغالي والنفيس من خلال رعايتكم وموافقاتكم لتنفيذ البرامج والأنشطة، وكيف حصلت الأندية الطلابية على دعمكم حتى تجاوزت عدد الأندية في كافة فروع الجامعة بـ ٣٥ نادي طلابي يصقل فيها الطلاب والطالبات مواهبهم، وتبني شخصيتهم، ومن خلالها يتم إعداد جيل وطني قادر على تحمل المسؤولية، ولا أذكر في يوماً ما تم رفض تنفيذ او دعم أي برنامج طلابي في إدارة الأنشطة الطلابية، ولا أذكر أنني دخلت على عميد شؤون الطلاب د. محمد بن صلال الضلعان استفسر عن خطاب نشاط، الا وقال لي (أبشرك وافق ابو بدر على برنامجك .. تجهزو انت وطلابك واشتغلو لتنفيذه).

وأتذكر جيداً خلال رعايتكم لليوم العالمي للإعاقة عندما طلب منك أحد المعاقين وهو يحمل رسالة طلاب الجامعة من ذوي الاحتياجات الخاصة يطلبون منكم تأمين سيارة لنقل المعاقين من خلال دعم أحد التجار، ورفضت.. ووجهت بدعمها مباشرة من حساب الجامعة، كونهم يسكنون في قلبك وفي أحساسك.

وأتذكر جيداً كيف كنا نشاهدك ليلاً ونهاراً وأنت تعمل في الجامعة بلا كلل ولا ملل، ودائماً في ساعات النشاط المسائية نشاهد سيارتك امام المبنى، فيقول بعض الطلاب بعفوية (شلون شايب مثله يداوم ليل ونهار) ولا يعلمون أن هاجس الجامعة يسكنه ليلاً ونهاراً وفي حله وفي ترحاله.

وأتذكر جيداً كيف تنسب الانجازات الى اصحابها، فلم نسمعك في يوماً ما، قلت أنا فعلت، ولكن لم نسمع الا الثناء على قيادات الجامعة من وكلاء وعمداء ومدراء ادارات وموظفين وطلاب، فجعلت الجامعة كالأسرة الواحدة، الا من خالف هذا النهج الحميد.

وأتذكر جيداً كيف كنت تعمل معنا في احتفالات الجامعة الكبرى وكأنك أصغر موظف إداري بالجامعة، وفي مرات تعمل وكأنك “عامل” عندما شاهدتك ترفع السجاد وتنقله من الجهة الاخرى ليكون مروراً لضيوف الجامعة في مسيح “المعيله” ، ورفضت عندما منعك أخي د.سعود جبيب الرويلي من ذلك احتراماً لمرتبتك ومكانتك وعمرك، وبعدها جعلت كل الكادر يعمل بحماس لتشريف الجامعة أمام ضيوف المنطقة.

وأتذكر جيداً كيف وجهت بقبول طلاب المنح الدراسية “الداخلية” في السكن الجامعي، وفي حصولهم على تخفيض الوجبات، وعلى توفير المواصلات لهم، علماً أن ذلك خارج النظام، ولكن لشعورك التام أن هؤلاء ابنائك، مقدراً من خلالها ظروفهم المالية الصعبة وفوق هذا غربتهم، خاصة وأن نظام العمل يمنع توظيفهم.

وأتذكر جيداً كيف كنت تعيش معاناة ابنائك الطلاب في ظروفهم الصعبة، ففي أحد المرات جعلت يومك المليئ بالعمل الشاق يوماً مفرغاً “للطلاب الذين تعرضوا لحادث مروري” فذهبت وبرفقتك د. محمد الضلعان تصلي على من مات منهم، وذهبت تعزي ذويهم، وذهبت الى المصابين في المستشفى، وبعد ذلك ذهبت الى السكن الجامعي لمتابعة حالة الطلاب، وأنت تحيطهم بجو من الحنان والأبوه الصادقة، علماً أن ظروفكم الصحية متعبه وأنت مصاب في السكري.

والدي أبا بدر، والله أن الكلام قليل في حقكم، وقلمي يقف عاجزاً عن احتواء الرسالة أمام منجزاتكم العظيمة، ولكن سأبقى على عهد المحبة لكم، وعلى صادق التعبير لشخصكم، وسأذكر للدفعات القادمة عن منجزاتكم ومواقفكم الوطنية المشرفة، مثلما تحدثت للدفعات السابقة عن شخصية ( سعيد آل عمر ).

والله يحفظكم أينما كنتم، في خدمة الدين والمليك والوطن.

ابنكم ومحبكم

مدير إدارة الأنشطة الطلابية
عبدالله ضحوي الشمري


3 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com