غيرة التنمية الاقتصادية في الشرقية تصيب المناطق


غيرة التنمية الاقتصادية في الشرقية تصيب المناطق



إخبارية عرعر"الشرقية"متابعات:
أغلب الظن أن كثيرا من المناطق ربما شعرت بـ «غيرة» من المنطقة الشرقية التي احتفت بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
زيارة الملك للمنطقة الشرقية تقرأ من جانب «أن الخير سيعم كل المناطق»، وهذا الخير كشف خادم الحرمين الشريفين، في زيارته للمدينة المنورة قبل عامين، حينما تحدث في جلسة مجلس الوزراء حينها عن ملامح استراتيجية، ستطبقها حكومته وأساسها التنمية المتوازنة بين جميع المناطق الـ 13.
ومن المنطقي الإشارة هنا إلى أنه وعلى رغم الجهود التي بذلت لمواجهة تحديات التنمية المتوازنة بين المناطق، في مجال توفير مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية من تجهيزات أساسية، وخدمات حيوية مختلفة في جميع المناطق.
خبراء ومخططو التنمية، يؤمنون أن الوضع الاقتصادي للمناطق خصوصا، يتأثر إلى حد كبير بعدة عوامل رئيسية، منها: موقعها الجغرافي ومناخها، مواردها الطبيعية والبشرية، تجهيزاتها الأساسية، مخزونها المادي والمعرفي. ولتفعيل هذه العوامل يتبعون عادة منهج التخطيط الشامل لتحقيق التوازن التنموي بين المناطق في حدود الإمكانات المتاحة.
وفي بلاد مترامية الأطراف، يعتبر تعزيز الطاقات الاستيعابية للمشاعر المقدسة، وإنشاء المدن الصناعية في كل من الجبيل وينبع، وتطوير مراكز النمو في مختلف المناطق، أمثلة بارزة على هذا التوجه.
ولا جدال على أن جهود تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق اقتضت في المراحل الأولى، توفير القاعدة التنظيمية والإدارية، والتي شملت إنشاء مجالس المناطق، واعتماد الاستراتيجية العمرانية، وتحديد مراكز النمو، وغيرها من الإجراءات.
لعل من أهم التحديات المقبلة، هو النمو السكاني وما يفرضه من تحديات على البنية التحتية والعلوية وتوفير الخدمات، ما ينعكس على توافر الفرص الاقتصادية المواتية والأوضاع المعيشية.
فمن هذا الجانب مثلا، شهدت مناطق الرياض، ومكة المكرمة، والشرقية، نمواً سكانياً كبيراً خلال خطط التنمية بفعل الهجرة الداخلية، وأصبحت تستحوذ على 64.5 في المائة من السكان حتى العام 2004، أي ما يقارب ثلثي السكان.
والمثير في إحصاء السكان، أن اتجاهات النمو في المناطق تشير إلى وجود تباين فيما بينها بسبب عوامل الهجرة الداخلية، ففي حين تزيد فيه معدلات النمو السكاني في مناطق الرياض، المدينة المنورة، القصيم، تبوك، جازان، نجران، والجوف، بقدر ملحوظ على المتوسط العام السنوي البالغ 2.5 في المائة خلال الفترة من 1992ـــــ 2004م، فإن معدلات النمو السكاني لمناطق مكة المكرمة، الشرقية، عسير، حائل، الحدود الشمالية، والباحة، تقل عن هذا المتوسط.
ولنقف قليلاً ونتساءل، فالبحث عن تخصص جامعي أو وظفة، كان سببا رئيسيا في زيادة حركة الهجرة ما بين المناطق، وامتدت من القرى والهجر إلى المدن داخل المنطقة الواحدة، ما أسهم في زيادة معدلات التركيز السكاني في المدن الرئيسية. فعلى سبيل المثال، شكل سكان أكبر مدينتين في منطقة الرياض نحو 82 في المائة من إجمالي سكان المنطقة، وفي الحدود الشمالية 85 في المائة، وفي المدينة 82 في المائة، وفي تبوك 78 في المائة، وفي مكة المكرمة 73 في المائة. في حين أن مناطق مثل الباحة وعسير وجازان، بقي السكان فيها أقل تركزا في المدن الكبيرة.
وربما رفع مواطن في جدة حاجبيه يمينا ويسارا، وهو يرى كيف كانت أصداء أوامر خادم الحرمين الشريفين بإنشاء جامعة في منطقة الباحة، تلقى ترحيبا من أميرها إلى أب ربما كان على وشك وداع ابنه إلى منطقة أخرى؛ لرغبته في التحصيل العلمي!
كان أمرا طبيعيا، وليس اختلالا في التنمية، أن ينسجم التوزيع الجغرافي للنشاطات الاقتصادية مع التوزيع السكاني، حيث يتركز في مناطق الرياض، ومكة المكرمة، والشرقية، إذ تشير البيانات إلى استحواذها على نحو 74 في المائة من إجمالي عدد المؤسسـات التجارية البالغ عددها 570 ألف مؤسسة حتى العام 2003، توزعت بنسب 30 في المائة، و28 في المائة، و16 في المائة على التوالي.
وانعكس ذلك أيضا على نوعية الخدمات، فمدينتا مكة والمدينة المقدستان وعلى خلفية حاجتهما إلى خدمات الحج والعمرة، حظيتا باهتمام نسبي، وتحولت الرياض كمركز للخدمات الحكومية.
إذا، بات واضحا أن تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق هدف رئيسي وأساس استراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذا تحركت الحكومة سريعا إلى توفير التجهيزات الأساسية والخدمات العامة؛ للحد من التباين.
ويمكن القول هنا، إن بعض الفجوات والاختلالات في حجم المشاريع كما ونوعا بين المناطق، سببه الرئيسي المقومات والمعطيات التنموية الذاتية للمنطقة وخصائصها. ولكن بغض النظر عن ذلك، فإن ضمان توافر مستوى ملائم من التجهيزات الأساسية والخدمات العامة ذات الكفاءة الجيدة في المناطق الأقل نموا، كفيل بتحسين مستويات المعيشة في هذه المناطق، ودعم نموها وتطورها، وينبغي أن يكون ذلك التوجه الرئيسي لسياسة تنمية المناطق.
تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق، لا يتطلب توفير التجهيزات الأساسية والخدمات المهمة فقط، بل يحتاج أيضا وبشكل متزامن، إلى بناء قاعدة إنتاجية تستند بشكل أساسي إلى المعطيات الذاتية للمنطقة ومقوماتها التنموية.
ولعل التحرك السريع في إنشاء مشاريع المدن الاقتصادية، هي الاستراتيجية المتاحة حاليا، التي سنشهد توسعاً فيها بشكل أكبر، فنماذج المدن المتوسطة والصغيرة من شأنها أن تخفف الضغوط على المدن الرئيسية.
المرحلة المقبلة، تستدعي تفعيل الدور التنموي لمجالس المناطق انطلاقا من التحول التدريجي نحو «اللامركزية»، وهذا لا يعني إلغاء دور الوزارات والجهات الحكومية المركزية بشأن تنمية المناطق مع احتفاظها بمهام الإشراف والتنسيق على المستوى الوطني في ضوء الإمكانات المتاحة.
والأمر كله يجب أن ينصب أخيرا في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين فيما يتعلق بالإسكان، الصحة، التعليم، والبنية الأساسية مثل الكهرباء، المياه، النقل، الزراعة، الاتصالات وغيرها، في إطار استراتيجية مكافحة ظاهرة الفقر واستراتيجية تقليص البطالة.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com