من هو حبيبي


من هو حبيبي



وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/24723.html

عندما أُريد أن أكتُب أو أتحدث عن حبيبي الذي أسر قلبي بحبه أجِدُ أنّ روحي تُعانِق السماء وتتسابق مع الريح وفؤادي يخفِق وأنفاسي تتابع مُسرعة وعيناي تذرف دمعاً شوقاً إليه كُلما ذكرته فإني بشوق دائمٌ إليه فليس لي غِنى عنه وإن لم أجِده في ذلك اليوم فإن حياتي عدم فهو بالنسبة لي يُمثل روحي التي أحيا بها وهوائي الذي أتنفّسه ومائي الذي أشربه فهو حُبيّ الذي أحببته وعشقي وهيامي الذي لا أستطيع نسيان ذكره .

وكلما أردت أن أصِفه أو أتحدّث عنه أجِد كلماتي تتزاحم وتتبعثر وتخجل مراراً وتكراراً وتقف صامته عاجزة عندما تريد الحديث عنه فالحديث دائماً وأبداً لا يمل وكلما رغِبت في الكتابة عنه أجد قلمي وعباراتي يعتريها كثيراً من النقص والخجل في حقه لأنّي مهما كتبت وعبّرت فلم ولن أكتُب إلا الشيء النزر .

وإليك بعضاً من صِفاته :
يُحبّ السِتر فعندما أتته الزانية تُريد تطهيرها من جريمة الزنا قال لها ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه ليس إقراراً منه لعملها ولكن للسِتر عليها ولم يُرسل وراءها مخابراته ورجاله للتحريّ عنها ليعرف من هي؟ وابنة من ؟ وأين تسكُن ؟ وتُصبِح حديث المجالس يتلقفها الركبان .ويا ليت قومي يستفيدون ويطبقون هذا الدرس التربوي الحكيم بدلاً من التشفّي والتشهير بأعراض الناس .

ويُحبُّ الرحمة حتى في تطبيق الحدّ فعندما أُوتي له بشارب الخمر فقال اضربوه ولما ضربوه قال بعضهم أخزاك الله فقال ” لا تقولوا هكذا ، لا تعينوا عليه الشيطان ” فأراد تطبيق الحدّ لعله يرجِع إلى رشده وليس التشفّي أو طرد الناس من رحمة الله .
ويا ليت شعري نُترجِم ذلك إلى واقع ملموس بدلاً من أن نكون وصاية على الناس ونُدخِل هذا الجنّة ونطرُد الآخر من رحمة الله سبحانه وتعالى .

ويُرشِد إلى الخير حتى في الأمور المُخالفة للشرع والعُرف ويُبيّن الخطأ دون غِلظة أو قسوة فعندما أتاه شاباً يُريد أن يأذن له بالزنا لم يثور ويجول ويُعنِّفه ويأمر بقطع عٌنقه أو جلده على أمر مُزري مثل هذا الأمر والطلب بل ضمّه إليه وبيّن له بأسلوب تربوي حكيم مضار مثل ذلك الفعل الاجتماعية والنفسية حتى خرج الشاب من عنده وهو يكره ذلك الفعل طوعاً منه وإرادة وليس تعنيفاً وإكراهاً . ومن منّا لديه القدرة على التحاور مع الطرف الآخر ويُبيّن له الصواب من الخطأ دون تزمّت أو تندّر حتى وإن كان الأمر مُخالف للشرع أو العُرف ؟! .

ورِفقه بالجاهل وعدم التعجّل في ذلك فعندما بال الأعرابي في طائفة المسجد وهموا به فقال لاتزرموه ونهاهم عنه فلما فرغ الأعرابي من بوله أمر أن يصب على بوله سجل من ماء يعني: دلو من ماء واكتفى بذلك وبيّن للأعرابي أن المساجد ليست مكان للأذى والنجاسة وإنّما للصلاة وذكر الله وقراءة القرآن الكريم .

و لازال حديثي عن من مَلك القلوب حُبّا وشوقاً إليه واعتقد جازماً عزيزي القارئ بأنّك عرفته إنّه الحبيب محمدا صلى الله عليه وآله وسلّم .

ورحمته بالطير والحيوان عندما قال أصحابه رَأَيْنَا حُمْرَةً مَعَهَا فَرْخَيْنِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا ، فَجَاءَتِ الْحُمْرَةُ تَفْرِشُ ،فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم : ” مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا ”

ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال من حرق هذه قلنا نحن قال صلى الله عليه وآله وسلم إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار وكذلك الجمل الذي اشتكى له سوء معاملة صاحبه له .

وبلغ منزِلة عند الله لم يبلغها ملك مقرّب ولانبي مُرسل ولم يغترّ بذلك ولم يتعالى أو يتكبّر بل كان متواضعا حيث رقد على حصير قد أثّر في جنبه وتحت رأسه مرقعة من أدم حشوها ليف وكان يأكل الشعير وتمر الثلاثة أهلّه بشهرين لم يوقد ببيته النار قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كنا نتراءى الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهلة في شهرين ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار قيل: فما كان طعامكم قالت الأسودان التمر والماء .

وكان يُخاطب الناس بألقابهم التي اعتادوا عليها تأدباً منه واحتراماً للآخرين فقد كان يُرسل الرسائل من محمد بن عبدالله إلى هرقل عظيم الروم ليس تعظيماً له وإنّما مُكاتبة له وصدق الله إذ يقول (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) .

لم يتعصّب لرأيه ويأخذ بالرأي والمشورة إذا كان فيه خير للإسلام والمسلمين (أن الحباب بن المنذر بن الجموح قال : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ، ولا نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال : يا رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم ، فننزله ، ثم نغور ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ، ثم نقاتل القوم ، فنشرب ولا يشربون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد أشرت بالرأي . فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس ، فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ، ثم أمر بالقلب فغورت ، وبنى حوضا على القليب الذي نزل عليه ، فملئ ماء ، ثم قذفوا فيه الآنية ) .

لم يستعجل ويتريث ولا يأخذ بظاهر الأمور في حكمه على الآخرين (روى البخاري بسنده عن علي بن أبي طالب قال: بعثني رسول الله أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال: “انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها”, فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة, فقلنا: أخرجي الكتاب, فقالت: ما معي من كتاب, فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب, فأخرجته من عقاصها, فأتينا به رسول الله فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله فقال رسول الله : “يا حاطب ما هذا”, قال: يا رسول الله لا تعجل علي, إني كنت امرأ ملصقًا في قريش ولم أكن من أنفسها, وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم, فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا يحمون بها قرابتي, وما فعلت كفرًا ولا ارتدادًا ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام, فقال رسول الله : “لقد صدقكم”, قال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق, قال: “إنه قد شهد بدرًا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطّلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم”.

الله أكبر قائد الأمّة وسيّد ولد أدم يكشف عن بطنه الشريفة ليُقتصّ مِنه بأبي وأمي ونفسي وكل ما أملك فداك يا رسول الله (قال ابن إسحاق : وحدثني حبان بن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ، وفي يده قدح يعدل به القوم ، فمر بسواد بن غزية ، حليف بني عدي بن النجار – قال ابن هشام : يقال ، سواد ، مثقلة ، وسواد في الأنصار غير هذا ، مخفف – وهو مستنتل من الصف – قال ابن هشام : ويقال : مستنصل من الصف – فطعن في بطنه بالقدح ، وقال : استو يا سواد فقال : يا رسول الله ، أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل ، قال : فأقدني . فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه ، وقال : استقد ، قال : فاعتنقه فقبل بطنه فقال : ما حملك على هذا يا سواد ؟ قال : يا رسول الله ، حضر ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير) .

يُحب التيسير ولايُريد أن يُحرّج على أمّته فجمع بين الصلاتين من غير خوف ولامطر وكذلك قال صلوا في رِحالكم وماخُيّر بين أمرين إلاّ اختار أيسرهما مالم يكن به إثماً وصدق الله عندما قال عنه (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) فأين المتشددون والمتنطعون من الرحمة المهداة ؟ .

حريصٌ على نجاتنا من النار ويُريد لنا طريق الخير والسعادة حتى بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا ( أخرجه مسلم .

ما ذكرته أعلاه هو أقل القليل من صِفاته فصلّى الله عليه وآله وسلّم ما ذكروه الذاكرون وما غفل عن ذِكره الغافلون .

وقفة :
هلاّ عوّدنا أولادنا على حبّ الله وحبّ رسوله صلى الله عليه وآله وسلّم .

خاتمة :
إن لم يكن الحبيب محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أحبّ الناس إليك بعد الله من نفسك ووالديك وولدك والناس أجمعين من غير غلو ولاتطرّف فراجع إيمانك وعقيدتك .

محمد بن حوران العنزي


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com