غرامة مالية على الأراضي البيضاء أمام هيئة كبار العلماء


غرامة مالية على الأراضي البيضاء أمام هيئة كبار العلماء



تحقيقات - إخبارية عرعر:

تنظر هيئة كبار العلماء الأسبوع المقبل في مشروع مدى جواز فرض غرامة على الأراضي البيضاء، وهو اجتماع حاسم، ومفصلي، ويترقبه سوق العقار، وقبل ذلك المواطن الذي لم يستطع شراء أرض سكنية بعد أن وصل المتر إلى أرقام خيالية.

وناشد مواطنون سماحة المفتي وأعضاء هيئة كبار العلماء بتحمل مسؤولياتهم الدينية والوطنية تجاه فرض غرامة على الأراضي البيضاء، مُؤكدين على أنَّ هذا الأمر من شأنه حل أزمة الإسكان بالمملكة في وقت وجيز جداً، وتحسين وضع السوق العقاري بشكلٍ عام، إلى جانب تحقيق الموازنة المطلوبة بين العرض والطلب.

مواطنون يناشدون المفتي وآخرون يرون فيه حلاً لأزمة السكن وكسر الاحتكار:

وتُعد “المملكة” قارةً بحد ذاتها؛ نظراً لمساحتها الشاسعة وجغرافيتها المتنوعة وأراضيها المختلفة، ما يعني وجود المساحة التي يمكن من خلالها توفير سُبل العيش الكريم والمسكن المناسب لجميع أفراد المجتمع، إلاَّ أن ما يعكر صفو ذلك كلّه هو ما نشهده في واقعنا الحالي من احتكار البعض للأراضي البيضاء على حساب كثير من المواطنين؛ الأمر الذي نتج عنه افتعال أزمة كبيرة في السكن، خاصةً مع زيادة الطلب مقابل قلّة العرض، والمؤسف أنَّ ذلك يحدث رغم ما تتحمله الدولة –أيَّدها الله- من تكاليف البنية التحتية داخل النطاق العمراني للمدن، إلى جانب تقديم الدعم السخيّ لقطاع الإسكان في المملكة.

ورغم ذلك، إلاَّ أنَّ الأراضي البيضاء ما تزال محتكرة وغير مستفاد منها، وكما هو معلوم فإنَّ العديد من هذه الأراضي تم شراؤه بمبالغ زهيدة، قبل أن يتم تطويرها بتكلفة لم تتجاوز مبلغ (200) ريال للمتر الواحد في أغلب الأحوال، فيما تُباع اليوم مواقع سكنية في كلٍ من “الرياض” و”جدة” و”الدمام” بأسعار مُبالغ فيها، إذ تتراوح ما بين (3000 -4000) ريال للمتر الواحد.

1

 

ونظراً لأنَّ المراد الشرعي للأراضي هو إحياؤها وليس احتكارها، فقد تقدَّمت “وزارة الإسكان” بمشروع نظام فرض غرامة -وليس زكاة- على الأراضي البيضاء، وتمت إحالة النظام من “المقام السامي” إلى “هيئة كبار العلماء”؛ للنظر في جوازه من عدمه، وذلك في اجتماع الهيئة منتصف الشهر الحالي، علما أنَّ الدراسات المستفيضة التي أجرتها “وزارة الإسكان” تثبت أنَّ جميع النصوص الشرعية في شأن الأراضي وممارسات الخلفاء الراشدين لا تمنع من فرض الرسوم.

ويأتي الهدف من فرض الغرامة على أصحاب الأراضي البيضاء محاولة لتقليل الأسعار الخيالية التي وصل إليها العقار في المملكة، ولا ينظر إليها على أنها دخل إضافي للدولة، ممَّا سيُسهم في تحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب. وتتمحور فكرة الغرامة في أنَّ الأرض التي يمضي عليها مدة زمنية محددة بعد الشراء ولم يستخرج مالكها رخصة بناء، فإنَّه يتم فرض غرامة مالية عليها، إلى جانب فرضها على من استخرج رخصة بناء ولم يبن عليها خلال مدة زمنية معينة، الأمر الذي سينتج عنه بناء منتج سكني، كما أنَّ برنامج “قوقل إرث” سهَّل من تطبيق تلك المخالفة وتحديد الأرض المعنية.

ولعلَّ ما يهمنا في هذا التحقيق هو أن تُحدِّد هيئة كبار العلماء موقفها من الموضوع -يجوز أو لا يجوز-، وترك التفاصيل الإجرائية التنفيذية لجهات الاختصاص، وعدم تأجيل الموضوع لمزيدٍ من الدراسة، في ظل ما أجرته “وزارة الإسكان” من دراسات شاملة ووافية للموضوع.

وفي التحقيق ناقشت صحيفة الرياض مع عدد من المواطنين قرار تطبيق رسوم الغرامة على الأراضي البيضاء، وأثر ذلك في حل أزمة الإسكان في “المملكة” من وجهة نظر مجتمعية.

مصلحة المواطن

شدَّد المواطن “إبراهيم المحيسن” على ضرورة فرض هذه الغرامة على مُلاَّك الأراضي البيضاء، موضحاً أنَّها ستحل أزمة الإسكان بالمملكة في وقت وجيز، داعياً إلى تسريع تنفيذ القرار للمصلحة العامة، إذ إنَّ ذلك سيصب في مصلحة المواطن، وتحديداً مع ما يشهده الوضع العقاري من ارتفاع غير مبرر من قبل ملاك الأراضي، مُبيِّناً أن فرض هذه الغرامة سيسهم في حل مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي وعودة الأسعار في السوق العقاري إلى وضعها الطبيعي.

ركود عقاري

وأشاد المواطن “عبدالمحسن المطيويع” بقرار فرض هذه الغرامة على أصحاب الأراضي البيضاء في حال تمَّ تطبيقه، مؤكداً على أنَّ ذلك سيعود بالنفع على المواطن بشكل كبير، خاصةً مع وجود العديد من الأراضي ذات المساحات الشاسعة التي لم تتم الإفادة منها؛ ممَّا سبب في ظهور موجة من الركود في السوق العقاري حالياً، في ظل عدم رغبة أصحاب هذه الأراضي بيعها إلاَّ بمبالغ خيالية تفوق قدرة ذوي الدخل المحدود، في الوقت الذي تزيد فيه هذه المبالغ عن القيمة الحقيقية لتلك الأراضي، مما يعني ضرورة تطبيق هذه الغرامة في أسرع وقتٍ ممكن. وأضاف أنَّ الغرامة هي من أفضل الحلول لحل أزمة السكن في المملكة، مثمناً دور وزارة الإسكان في إيجاد حلول سريعة وفاعلة للمواطنين، موضحاً أنَّ معظم الأراضي البيضاء ظلت فترة طويلة من الزمن تحت طائلة طمع وجشع بعض التجار، ممن ساهموا في رفع أسعارها بدرجة تُخالف الواقع، داعياً الجهات المعنية إلى فرض رسوم على أصحاب تلك الأراضي؛ نظراً لما تقتضيه المصلحة العامة.

1

 

وأكد على أنَّ المشكلة التي يواجهها السوق العقاري حالياً، تكمن في زيادة الطلب على المنتج بشكل يفوق الكمية المعروضة، وبالتالي فإنَّ الأراضي البيضاء هي السبب الرئيس في ذلك، إلى جانب تسبّبها بشكلٍ أو آخر في ارتفاع أسعار الأراضي، في ظل عدم وجود نظام صارم وحازم يضمن وضع الحلول الناجعة لهذه المشكلة.

 

برنامج “إسكان”

 

وقال المواطن “عبدالله العنزي” :”لدينا في المملكة –ولله الحمد- مساحات شاسعة من الأراضي بشكلٍ يضمن إيجاد الحلول المناسبة لأزمة السكن”، مُضيفاً أنَّ الدولة –أيَّدها الله- لم تقصر في هذا الجانب، في ظل حرص واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بأبنائه المواطنين، عبر دعمه السخي لقطاع الإسكان في المملكة بشكلٍ عام، لافتاً إلى أنَّ ثمرة هذا الدعم ما شهدناه على أرض الواقع، ممثلاً في برنامج “إسكان” للدعم السكني، إذ تمَّ من خلاله تسليم الوحدات السكنية للمستحقين بمنطقة جازان عبر المرحلة الأولى.

وأضاف أنَّ من ثمار هذا الاهتمام والدعم أيضاً تحمّل الدولة –أيَّدها الله- تكاليف إنشاء البُنى التحتية للمدن من ماء وكهرباء وشبكات الهاتف والصرف صحي، مُشيراً إلى أنَّ العديد من أصحاب الأراضي البيضاء يحرصون غالباً على إطالة فترة بيع أراضيهم؛ نظراً لما تتميَّز به الأراضي عن غيرها من المنتجات الاقتصادية الأخرى، في ظل انعدام تكاليف الصيانة أو المتابعة، إلى جانب إمكانية ارتفاع أسعارها مع مرور الوقت.

1

على أن يتم ذلك وفق شروط وآليات مُحكمة، بحيث تُضاعف الغرامة على من يمتلكون مساحات كبيرة. واقترح أن يتم إتاحة الفرصة لمُلاك تلك الأراضي لإحيائها ببنائها والإفادة منها خلال فترة زمنية محددة يُقرّها النظام، وألاَّ يتم فرض غرامة عليها، مُشيراً إلى أنَّ ذلك سيُسهم في تسريع حل مشكلة السكن في المملكة وتحسين وضع السوق العقاري بشكلٍ عام، إلى جانب تحقيق الموازنة المطلوبة فيما يتعلَّق بجانبيّ العرض والطلب.

1


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com