باحث سعودي: “السرورية” أخطر ما أفرزته جماعة الإخوان المسلمين


باحث سعودي: “السرورية” أخطر ما أفرزته جماعة الإخوان المسلمين



تحقيقات - إخبارية عرعر:

بعيداً عن السجال السياسي والإعلامي الدائر حول «جماعة الإخوان المسلمين» العالمية، ناقشت رسالة أكاديمية ضخمة (مجلدان)، منهج «الجماعة»، استناداً إلى أبجديات «السياسة الشرعية»، التي توسعت فيها الجماعة، وركبت مطيتها في كثير من تعاليمها المكتوبة.
إلا أن رسالة الدكتوراه التي طبعت عام 2013 للباحث الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، لم تخلُ من محاكمة «الإخوان» أيضاً في جوانب عقدية وشرعية، رأى الباحث أنها «مزالق»، لا يمكن التغاضي عنها عقدياً، وإن ناقشها بمعزل عن نظيرتها السياسية.
وليس واضحاً ما إذا كان الكاتب اشترط على نفسه الحياد في تقويم مسيرة «الإخوان» ونهجهم الديني والسياسي، لكنه بدا مخلصاً في تتبع كل ما له صلة بـ «الجماعة»، حتى تجاوزها إلى دول وتنظيمات، خلص إلى أنها تأثرت بها، مثل «السرورية» التي قال إنها أسوأ ما خرج من رحم الإخوان المسلمين.
وأوضح أن «الفكر النظري للجماعة متناقض مع نفسه من جهة، ومع واقع وممارسة الجماعة من جهة أخرى (…) فهم ساندوا الشيعة والتشيّع والدعوة الشيعية، وعملوا على نصرتها ومؤازرتها بكل طاقاتهم. ولا يمانعون من خروج المرأة ومزاحمتها للرجل في العمل والمكتب وفي المدارس والجامعات، وهناك ركام من البدع في العقيدة والعبادات التي يمارسها الإخوان المسلمون، ويبيحون الخروج على ولاة الأمر».
ولفت المؤلف إلى أن علماء مذهب أهل السنة والجماعة لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف، وإن حصل منهم ظلم أو تقصير، وليس من مذهبهم التشهير بعيوب الولاة على المنابر، لأن ذلك يفضي إلى الفوضى، وعدم السمع والطاعة في المعروف. وكانت طريقة السلف النصيحة في ما بينهم، ويكفي إنكار المنكر والمعاصي الحاصلة والتحذير منها من غير أن يذكر فاعلها.

الحكم وتوسيع الأتباع
ذكر الباحث أن للجماعة أهدافاً كثيرة، لكن غالبيتها ترجع إلى أمرين، هما السعي للوصول إلى الحكم، وتوسيع رقعة الجماعة وتكثير عدد أتباعها. واستخدم الإخوان لتحقيق أهدافهم وسائل عدة، منها الخروج على ولاة أمور المسلمين ومنافستهم على كراسيهم، والاغتيالات والمصادمات المسلحة أحياناً وتاريخهم يعج وينضح بهذا، ووضع أيديهم بأيدي أهل البدع والزيغ والانحراف، وفي أيدي غلاة الرافضة، وموقفهم من الخميني وثورته، مُعْرضين عن نصح أهل العلم. والتنازل عن كثير من الأمور التي لا ينبغي أن يتنازل عنها المؤمن لأنها من الثوابت العظيمة في دين الإسلام كأمور العقيدة وما تفرع منها.
وأبان المؤلف أنهم انتشروا في اليمن وفلسطين والأردن وسورية ولبنان والعراق والسعودية ودول الخليج والسودان. وبدأ نشاطهم في السعودية بشكل واضح في فترة حكم الملك فيصل بن عبدالعزيز (1964-1975)، في هذه الفترة كانت العلاقة بين مصر والسعودية في أقصى درجات التوتر بين الدولتين ذواتي النظامين السياسيين المختلفين جذرياً، إذ كان يترأس وقتها جمال عبدالناصر.
وفي السعودية سيطر المنتمون للإخـــوان المســلمين على المناحي التعليمية في الجامعات وتحديداً في عقدي السبعينات والثمانينات، وكذلك علــى المنابـــر الإعلامية، وكانوا سبباً مباشراً في موجة العنف التي شهدتها المملكة. كما توتّرت العلاقات بين المملكة والإخوان أثناء حرب الخليج الثانية بسبب موقفهم الذي اعتبره البعض مؤيداً لغزو العراق للكويت.
وأشار المؤلف إلى أن الجماعات والتنظيمات المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين كثيرة، منها جماعة التكفير والهجرة، وجماعة الفنية العسكرية، وحزب التحرير الإسلامي، والقطبية. مؤكداً أن السرورية هي شر إفرازات القطبية، وهي حركة فكرية دينية انشقت عن السلفية وولدت من رحم الإخوان المسلمين، وهي أحد أساس البلاء في انتشار ثقافة رفض الآخر، جوهر التيار الذي عرف في ما بعد بتيار الصحوة، وسميت بالسرورية نسبة إلى مؤسسها الشيخ محمد سرور زين العابدين الذي استخدم العنف كوسيلة مشروعة لتحقيق أهدافه، وهو عالم سوري إسلامي أقام في السعودية للتدريس في أحد المعاهد العلمية الدينية في منطقة القصيم، وكان من تلاميذه سلمان العودة، وكوّن له قاعدة جماهيرية. وقامت الحركة على مبدأ الحركة ضد السكون، وصوّرت لأنصارها أن المؤسسة السلفية التقليدية جامدة في نظرتها لمفهوم السياسة.

لا فرق بين سنة وشيعة!
وأرجع الخلل العقدي عنــــد الجماعــة إلى ثلاثة أصـــول: الأصـــــل الأول، الحساسية المفرطة من العقيدة، ومنشأ هذه الحساسية ارتباط هذه العقيدة في أذهان الجماعة بمفهوم الفرقة بين المسلمين. والثاني قطع الصلة بعلماء السنة، ومن مظاهر هذا الأصل، عدم العناية بحِلَق علماء السنة والجلوس عندهم لطلب العلم، وعدم الرجوع إلى فتواهم في النوازل والملمات، وعدم الاعتداد بنصائح علماء السنة المتوالية، وعدم الاعتناء بمؤلفات علماء السنة تدريساً وتداولاً. ومن طرق هذا الأصل، زعمهم أن علماء السنة يجهلون الواقع، ورمي علماء السنة بالمداهنة والعمالة للحكام، ورميهم بالشدة مع المخالفين والتنطع في الأحكام الشرعية، وتصيّد الزلات والعثرات لأفراد العلماء ونشرها في الناس تنفيراً لهم.
والأصل الثالث يتمثل في فتح نوافذ الضلال بتسييد البدعة وتنصيبهم قادة ومنظرين، فهم خليط من الصوفية والأشاعرة، ومعظم المفكرين منهم متأثرون بالنزعة العقلانية في الموقف من نصوص الوحي، والكثير منهم يؤمن بنزعة عصرنة الدين وتطويره حتى يتوافق مع متطلبات العصر بلا قيود أو ضوابط شرعية.
ويوثق الباحث الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز أن الإخوان المسلمين ساندوا الشيعة والتشيّع والدعوة الشيعية وعملوا على نصرتها ومؤازرتها بكل طاقاتهم، وزعموا أنه لا فرق بين الشيعة والسنة إلا كالفرق بين مذاهب أهل السنة والجماعة الفقهية (الحنفية، الشافعية، المالكية، الحنبلية). ويرى الإخوان المسلمين أنه لا مانع من خروج المرأة ومزاحمتها للرجل في العمل والمكتب وفي المدارس والجامعات، وهي شريك الرجل في حياته ولها ما له وعليها ما عليه.

بدعة البيعة
أشار الباحث إلى وجود ركام من البدع في عقيدتهم وعباداتهم، وذكر منها بدعة الاحتفال بالمولد النبوي والإسراء والمعراج، وأن منهج السلف الصالح نبذ البدع وهجران أهلها. مؤكداً أن بدعة البيعة عند الإخوان، وأنها لا أصل لها في الشرع، وأن البيعة في الإسلام من ذوي الشوكة (أهل الحل والعقد) لولي أمر المسلمين وسلطانهم.
يُذكر أن جماعة الإخوان المسلمين نشأت بعد سقوط الخلافة العثمانية عام 1924، إذ أنشئت عام 1928، وهمشت الدعوات التي سبقتها، أنصار السنة المحمدية، جمعية الشباب المسلمين، وأظهرت للعالم أنها هي الأصل وأن كل هذه الطوائف منشقة منها وعنها.
وأن سبب تسميتها بهذا الاسم يرجع إلى أن مؤسسها حسن البنا وأتباعه يزعمون أنهم أحسنوا فهم الإسلام، وأن الإسلام عندهم عقيدة وشريعة وسياسة وعبادة وحكم وجهاد في سبيل الله، أو بتعبير آخر دين ودولة مصحف وسيف. وإنما سموا بالإخوان المسلمين تأسياً بالقرآن الكريم في قوله تعالى «إنما المؤمنون إخوة». الآية 10 الحجرات.
وبفكرهم الذي دأب على الخروج على ولي الأمر، أعطوا لأنفسهم الحق وهم بعيدون عنه في أن يقدموا شباب الجماعة وأنصارها ومتبعيها قرابين للحكام الذين أعدموا الكثيرين منهم، وزجّوا بهم في غياهب السجون، خصوصاً بعد اغتيال حسن البنا، (1949) وخالف الإخوان ما عليه سلف الأمة فشهّروا بالحكام وتشدقوا ببعض الأقاويل؛ التي قرأوها عن سير بعض علماء السلف وتعرضهم لسلاطينهم وولاتهم.

دولة الإخوان المنتظرة!
أما عن أهدافهم التي يدعونها، فقسمها المرشد حسن البنا إلى أهداف عامة وأخرى خاصة، وترتكز العامة على نقطتين، هما، أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي، وذلك حق طبيعي لكل إنسان لا ينكره إلا ظالم جائر أو مستبد قاهر. وأن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي وتعلن مبادئه القويمة وتبلّغ دعوته الحكيمة للناس، وما لم تقم هذه الدولة فإن المسلمين جميعاً آثمون بين يدي الله العلي الكبير.
أما الأهداف الخاصة فعرضها الإخوان خلال تجسيد ما يعاني منه المجتمع الإسلامي ومصر بالذات اجتماعياً واقتصادياً وفكرياً وعسكرياً، ورأوا أن الدواء الناجع لكل هذا يكمن في إمامة الدولة الإسلامية وتطبيق أحكام الإسلام.

فقهاء اعتبروا مشكلتهم في «التكتم والخفاء والتلوّن»
< أورد الباحث الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز أمثلة من فتاوى علماء أهل السنة والجماعة تدحض شرعية تنظيم الإخوان المسلمين منذ القدم كما قال، منها فتوى الشيخ ابن باز التي جاء فيها «… ننصح بالاجتماع على كلمة واحدة، والسير على منهج أهل السنة والجماعة، أما التحزب للإخوان المسلمين أو جماعة التبليغ أو كذا، فلا ننصح به، هذا غلط…».
وأضاف ابن باز: «حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم لأن ليس عندها نشاط في الدعوة إلى توحيد الله وإنكار الشرك وإنكار البدع، ولهم أساليب خاصة ينقصها عدم النشاط في الدعوة إلى توحيد الله، وعدم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة، فينبغي للإخوان المسلمين أن تكون عنايتهم بالدعوة السلفية، الدعوة إلى توحيد الله وإنكار عبادة القبور والتعلق بالأموات والاستغاثة بأهل القبور كالحسين أو الحسن أو البدوي أو ما أشبه ذلك».
وذكر الألباني أن التحزب والتكتل في جماعات مختلفة الأفكار أولاً، والمناهج والأساليب ثانياً ليس من الإسلام في شيء. وأن أحد الإخوان في دمشق قدم باسمه طلباً للدخول في جماعة الإخوان المسلمين فرفض لأنه «رجل وهابي»، وذكر أن السبب الحقيقي أنه إذا دخل في الجماعة واعتبر منهم سيصيب الجماعة انقلاب فكري عظيم وخطير بالنسبة إليهم، وهم يريدون التكتل. وأضاف: «أنا أقول كلمة حق، لا تجد في الإخوان المسلمين عالماً، لماذا؟ لأن هذا العالم سيدعو الناس إلى دعوة الحق، ودعوة الحق تفرق الصف، وهم يريدون أن يتكتلوا وأن يجتمعوا، والفرق بين دعوتنا ودعوة غيرنا، دعوتنا تقوم على أساس: فقه ثم كتل، ودعوة غيرنا تقوم على أساس: كتل ثم فقه، ثم لا ثقافة ولا شيء بعد ذلك».

ويقول ابن عثيمين: «ليس في الكتاب والسنة ما يبيح تعدد الأحزاب والجماعات، بل إن في الكتاب والسنة ما يذم ذلك». ويقول صالح الفوزان: «ليس من منهج الدعوة أن يتفرق المسلمون، وأن تكون كل طائفة منهم تزعم لنفسها أنها على حق وأن غيرها ليس على حق».

وقال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: «أما جماعة الإخوان المسلمين، فإن من أبرز مظاهر الدعوة عندهم التكتم والخفاء والتلوّن، والتقرب إلى ما يظنون أنه سينفعهم، وعدم إظهار حقيقة أمرهم، يعني أنهم باطنية بنوع من أنواعها».

 

 

 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com