نشر “ثقافة الجودة” في المجتمع.. “الرخيص لا يدوم”!


نشر “ثقافة الجودة” في المجتمع.. “الرخيص لا يدوم”!



تحقيقات - إخبارية عرعر:

على الرغم من أفضلية المُنتج الأصلي بدلاً من المُقلد، إلاّ أن المنتجات غير المطابقة لا تزال تدخل البلد، وتغزو الأسواق، وساعد على ذلك ثقافة المستهلك في شراء الرخيص الذي لا يدوم؛ بسبب عدم وجود حملات توعية كافية، وتحديداً ممن لا يدركون فروقات التصنيع بين المنتج الأصلي والمقلد في الشكل والمحتوى، إلى جانب ضعف العقوبات التي لا تصل إلى التشهير إلاّ نادراً، كذلك عدم وجود «كود» يُظهر علامة مطابقة المواصفات للمنتجات في السوق، وتحرير اسم المستورد أو المصنّع على المنتجات، حيث لا يزال بعض بائعي المحال التجارية والمستوردين يتلاعبون بجودة المنتج، ومصدره (صيني ويقول ألماني)، وإظهار السلع المقلدة والرديئة على أنها أصلية.

وتتفاوت درجة خطورة المنتجات المقلدة والمغشوشة بحسب ارتباطها بصحة وسلامة المستهلك، حيث تعد الأطعمة والأدوية والأدوات الكهربائية وإطارات السيارات من أخطر ما يواجهه، وتحديداً حين يجهل خطورتها، أو يحاول التقليل منها؛ بحثاً عن المنتجات الرخيصة التي لا تحمل مواصفات مطابقة وذات جودة عالية.

وتُعد الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة هي المظلة الرسمية لجميع أنشطة مراقبة الجودة وتطبيق معاييرها بالمملكة، سواءً في القطاعات الحكومية أو الخاصة، وتعمل على التنسيق مع الجهات ذات العلاقة باعتبارها شريكاً مع جميع الأطراف المعنية بالجودة، بما يخدم الاقتصاد الوطني والمنتج والتاجر والمستهلك على حد سواء، ويجسد ذلك رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- المستقبلية للجودة في المملكة 2020م، بأن تصبح المملكة بمنتجاتها وخدماتها معيارا عالميا للجودة والإتقان.

ولا تزال تطبيقات الجودة في المملكة بحاجة إلى استكمال البنية التحتية للتنظيمات والإجراءات، ودراسة تعديل بعض اللوائح وإيجاد منهجية موحدة لها، إلى جانب العمل على مزيد من الدراسات والأبحاث الخاصة بتطوير معايير الجودة، وضوابط منح شهادات الجودة، وإمكانية تطبيقها في مجالات التعليم والصحة والخدمات العامة، كذلك استحداث جوائز للتميّز في كل قطاع، وإنشاء مركز وطني للجودة والإتقان يهدف إلى وضع الخطط والبرامج السنوية ومتابعة تنفيذها وتأهيل الكوادر الوطنية. «الرياض» تطرح أهمية تعزيز الوعي المجتمعي تجاه ثقافة الجودة كمعيار أساس لشراء المنتجات، بعيداً عن ثقافة الرخيص.

نحتاج إلى استكمال التنظيمات والإجراءات وتعديل بعض اللوائح وتطوير معايير منح «شهادة الجودة».. وجائزة للتميّز:

متطلبات الجودة

في البداية تحدث “د. حسين القرشي” -عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للجودة، والخبير في مجال الجودة والتميز المؤسسي-، قائلاً: إن الجودة تعني تحقيق تطلعات وتوقعات المستفيدين من المنتجات والخدمة بشكل دائم، بل وتتخطى ذلك للوصول إلى إسعاد المستفيد والتنبؤ بما يتطلع إليه من خلال الإبداع والابتكار واتقان العمل، وصولاً إلى الولاء، مضيفاً أن الجودة لا يمكن أن تتحقق إلاّ من خلال تحقيق رضا العاملين، وهم حجر الزاوية، عبر اتقانهم العمل واسعاد المستفيد الخارجي بتجويد أعمالهم ورعاية من يقدمون له الخدمة أو المنتج؛ لأن فاقد الجودة لا يعطيها، وجودة أي مؤسسة وتميزها تعتمد على جودة وتميز أفرادها، مضيفاً أنه لا يمكن تحقيق رضا العاملين إلاّ من خلال اختيار الأفضل، وهنا يأتي دور مؤسسات التربية والتعليم والتدريب والعمل، ومن ثم تدريبهم وتحفيزهم وتمكينهم وهذه مسؤولية القيادة كعنصر أول وأساس للجودة الشاملة والتميز المؤسسي، مبيناً أنه يأتي بعد ذلك إعداد الخطط والأهداف ومؤشرات الأداء الرئيسة والفرعية، وتحقيق الترابط والتكامل بين الخطط والبرامج والمؤشرات، ومن ثم قياس الأداء والتحسين المستمر للمقومات والنتائج على حد سواء، وهذا ما يسمى بإدارة الخطط والتحسين والتطوير المستمر والإبداع والابتكار.

بائعون ومستوردون يتلاعبون بجودة المنتج (صيني ويقول ألماني)

تكثيف الجهود

وأكد “د. أيمن بشاوري” -رئيس المجموعة السعودية للجودة ورئيس قسم الدراسات الإستراتيجية وإدارة الجودة في الجامعة العربية المفتوحة- على أن الجودة هي الإتقان، وهي أن تعمل بشكل صحيح، مضيفاً أن معايير الجودة تختلف باختلاف المنتج، حيث أن لكل منتج مواصفاته ومعاييره الخاصة، مبيناً أن هناك شروطا مهمة لتطبيق الجودة؛ منها اقتناع الإدارة العليا، وأن تكون هناك ثقافة الجودة لدى الأفراد لتطبيقها عليهم، مشدداً على أن توعية الأفراد أمر مهم لنشر ثقافة الجودة وتطبيقها، ذاكراً أن ظهور الغش التجاري جاء بسبب ضعف ثقافة الجودة بين أفراد المجتمع، والبحث عن المنتج الرخيص، مطالباً الجهات الرقابية تكثيف الجهود بشكل أكبر، وكذلك إرسال حملات توعوية لنشر ثقافة الجودة بين الأفراد، موضحاً أن الجودة تُعد تطبيقا وثقافة، فهي ليست تنظير ولكنها سلوكيات وتطبيقات ذات تأثير.

عنصر الإتقان

وأشار “د. فواز العلمي” -خبير في شؤون التجارة العالمية ورئيس فريق السعودية التفاوضي في منظمة التجارة العالمية الأسبق- إلى أن علامة الجودة تُعد عنصراً رئيساً من عناصر الإتقان في الإنتاج، الذي يُشكل أحد أهم مرتكزات تسويق السلع والخدمات في الأسواق العالمية، مضيفاً أن المملكة أطلقت بتاريخ الثلاثاء 16 ذي القعدة 1430ه شعار “المملكة العربية السعودية بمنتجاتها وخدماتها معيار عالمي للجودة والإتقان”، لتحقق بمنتجاتها وخدماتها معياراً عالمياً للجودة والإتقان، مؤكداً على أنه بدأت الإدارة التنفيذية في مختلف القطاعات تطبيق برامج إدارة الجودة الشاملة، حتى تصبح المملكة في مصاف الدول الصناعية الكبرى، مبيناً أن توعية أفراد المجتمع تنحصر في تعريف المستهلك بعلامة الجودة، التي تشترط.

الغش في الأطعمة والأدوية والأدوات الكهربائية

وإطارات السيارات يهدد صحة وسلامة المستهلك

مطابقة السلع والخدمات للمواصفات القياسية السعودية، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن تكسب هذه السلع رضا وثقة المستهلك أو تساهم في زيادة المبيعات داخلياً وخارجياً، إلاّ من خلال التطوير والتحسين المستمر للمنتج بهدف الارتقاء بجودته وتعزيز قدراته التنافسية في الأسواق، مما يكسبه سمعة وشهرة بين المستهلكين محلياً وإقليمياً ودولياً.

وأضاف أن الهدف من الغش التجاري هو تقليد المنتج الأصلي بطريقة يصعب على المستهلك معرفة الفرق، ذاكراً أن هيئة المواصفات والمقاييس السعودية اعتمدت علامة الجودة على المنتجات للحد من آفة التقليد، كما طبقت الجهات الرسمية أنظمة حماية حقوق الملكية الفكرية للحد من جرائم الغش التجاري، وتشديد الرقابة على المنتجات الأجنبية المستوردة، مُشدداً على أهمية توعية المستهلك بعلامات الجودة، إضافةً إلى تطبيق الأنظمة الخاصة بمكافحة الغش التجاري وتنفيذ العقوبات الرادعة بحق الممارسات التجارية الضارة.

الحد الأدنى.. والأعلى

وقال “د. ممدوح الروحاني” -خبير الإعلام والاتصال والتسويق بمعهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستثمارية-: إن علامة الجودة بالصورة المستخدمة لدينا هي عبارة عن شارة توضع على المنتجات للدلالة على أنها موافقة للحد الأدنى من مواصفات ومقاييس الجودة، وهي تمنح من قِبل العديد من الجهات والمنظمات الحكومية والخاصة محلياً وإقليمياً وعالمياً، ونظراً لتعدد الجهات المانحة لعلامات الجودة وتباين مستوياتها ومصداقيتها، مضيفاً أن الدول تضع تنظيمات لتحديد مستويات الجودة المطلوبة، خاصةً بالنسبة للمنتجات الحيوية، وتلك التي يمكن أن تؤثر سلباً على صحة أو سلامة المستهلك، إذا ما انخفض مستوى الجودة فيها، موضحاً أنه للحصول على علامات الجودة، فإنها تتطلب في الغالب اجتياز سلسلة من الاختبارات المخبرية والاستهلاكية، وفي بعض الحالات تقتضي جولات ميدانية وتفتيشية لمراحل الإنتاج والتصنيع، ذاكراً أنه غالباً ما تحرص الشركات الرائدة في الحصول على علامات الجودة المعتمدة محلياً، وكذلك تلك المعروفة عالمياً في مجال تخصصها، مبيناً أن الشركات تحرص على ذلك لمجموعة من الأسباب مرتبطة بجودة وسمعة منتجاتها، ولزيادة القيمة الذهنية للمنتج، وكذلك مراعاة لبعض المتطلبات القانونية والتنظيمية.

وأشار إلى أن شروط علامات الجودة تختلف من منتج إلى آخر حسب طبيعة المنتج وطبيعة استهلاكه؛ وكذلك من بلد إلى آخر حسب الظروف البيئية والمناخية والثقافية والتشريعية في البلد أو الإقليم المانح للعلامة، مؤكداً على أنه غالباً ما تعتمد المنظمات المحلية والإقليمية المانحة لعلامات الجودة على مقاييس وتجارب المنظمات العالمية الرائدة ذات السمعة المتميزة وغالبها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

علامة الجودة

وشدّد “د. الروحاني” على أهمية الإشارة إلى تراخيص وعلامات الاعتماد التي تمنحها بعض المؤسسات، مثل هيئة الغذاء والدواء، والتي لا تصنف فنياً كعلامة للجودة إلاّ أن وجود اعتمادها على المنتج ضمانة هامة للمستهلك، حيث تُعد من المنظور الاستهلاكي علامة هامة لجودة المنتج وعاملا أساسيا في اتخاذ قرار الشراء والاستهلاك، مضيفاً أنه من المهم أن نفرق بين جانبين مختلفين غالباً ما يلتبسان على المستهلك، الأول هو مطابقة المنتج للحد الأدنى من المواصفات والمقاييس، والذي يفترض أن لا يسمح بدخول المنتج في السوق إذا لم يلتزم بها تماماً، وذلك حفاظاً على صحة وسلامة وحقوق المستهلك، أمّا الثاني فهو علامات تُظهر التميز في الجودة، كون المنتج يتصف بأعلى المقاييس العالمية، معتبراً عدم وجودها لا يعني بأن المنتج غير صالح للاستهلاك أو مضر بصحة أو سلامة المستهلك؛ لأن الأصل هو أن يمتلك المستهلك حق اختيار ما يشتريه والقيمة التي يرتضي دفعها للسلعة، وبالتالي مستوى الجودة التي يحصل عليها، شريطة ألاّ ينزل مستوى الجودة عن الحد الأدنى الذي يمكن أن يضره، فعلى سبيل المثال للمستهلك خيار أن يشتري جوالا بمواصفات عالية جداً وبسعر مرتفع، أو أن يشتري جوالا متواضع الجودة وبسعر زهيد شريطة أن لا ينزل مستوى الخيار الأقل جودة عن الحد الأدنى للمواصفات والمقاييس، وبالتالي لا يسبب له أي ضرر.

رغبة المستهلكين

وكشفت “هدى محمد” -مسوقة- أنه يتم طلب المنتجات عبر مواقع الكترونية مختصة، مضيفةً أن المستهلكين يرغبون في شراء المنتجات المقلدة بنسبة كبيرة لقلة المردود المادي وتشابه الفروقات بين الأصلي والمقلد من جانب الشكل، إضافةً إلى عدم علمهم بجودة المنتج، مبينةً أنه يوجد درجات للمنتجات المقلدة؛ أولى وثانية وثالثة، مؤكدة على أن المنتج المُقلد خاصةً الدرجة الأولى هو الأكثر رغبة، مرجعةً أسباب اقتناء أفراد المجتمع للمنتج المقلد إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأصلية.

وثمّن المواطن “عبدالله القحطاني” الجهود المبذولة من وزارة التجارة في الحد من تلك المنتجات المقلدة، وحرصها الدائم على مراقبة المحال والمنتجات المخالفة نظاماً، بل ومكافحة الغش التجاري وتطبيق العقوبات الرادعة، مضيفاً أنه وبرغم تلك الجهود إلاّ أننا بحاجة إلى مزيد من تكثيف الحملات الرقابية، لافتاً إلى أننا أصبحنا نواجه صعوبة في التفريق ما بين المنتج الأصلي والمقلد، نظراً لتطور المصانع، مما أسهم في تشابه العلامات التجارية، إضافةً إلى ضعف خبرتنا وقلة الوعي المجتمعي، مؤكداً على أنه يمكن التفريق ما بين المنتجات في حال كانت أجهزة الكترونية، عبر ثقل المنتج وميزاته ورونقه وتصميمه.

وشدّد “القحطاني” على أن وعي وثقافة المجتمع تُعد مطلبا مُهما وركيزة أساسية للكشف عن الفروقات بين المنتجات، إضافةً إلى إسهامه في معاقبة المخالفين لمعايير الجودة، مؤكداً على حرصه الدائم على اقتناء المنتجات ذات الجودة العالية حتى لو كانت باهظة الثمن، نظراً لأن المنتج الأصلي يدوم طويلاً، إلى جانب جودته العالية، بعكس المنتج المقلد رغم رخص سعره وقلة جودته، موضحاً أنه من الصعب تشابه المنتج الأصلي بالمقلد من جانب المحتوى، كما أنه لا يحل مكانه مهما كانت درجة التشابه، ذاكراً أن ضعف ثقافة أفراد المجتمع زاد من الغش التجاري وانتشار توزيعها، مشيراً إلى أن بعض التجار في المملكة هم من يطلبون من الدول المصنعة صناعة تلك المنتجات المقلدة ضعيفة الجودة؛ نظراً لقلة أسعارها وقلة الوعي المجتمعي، مطالباً بتفعيل أكبر من جمعية حقوق للمستهلك.

وأضاف أننا ننتظر المزيد لحفظ حقوق المستهلكين، وتفعيل الجانب التثقيفي لأفراد المجتمع، مطالباً بتكثيف الحملات الرقابة على المنتجات التجارية، وذلك للتأكد من مطابقتها للمواصفات والمقاييس، في ظل امتلاء الأسواق والمحال بتلك المنتجات.

عقوبات رادعة!

ورأى “جابر قرادي” أن ظاهرة الغش التجاري أصبحت حديث المجالس، وبالتالي لا يمكن أن نغفل عن المخاطر الناجمة عنها، وما تشكله من خطورة على سلامة مستخدميها، مضيفاً: “كم رأينا من مشاكل وحوادث جسيمة بسبب هذا الغش، وعند سؤال أصحاب المحال التجارية عن الأجهزة الأصلية ذات الجودة العالية فالجواب يكون: السوق كله تقليد”، مبيناً أنه عند شراء واستخدام الأجهزة الكهربائية غير المطابقة للمواصفات والمقاييس، فإن العواقب قد تكون وخيمة على المجتمع، مشدداً على ضرورة نزع الأجهزة المقلدة من السوق ومراقبتها ووضع العقوبات الرادعة، مناشداً الجهات الرقابية المسؤولة ببذل الجهد على نزع هذه السلع المقلدة واستبدالها بالسلع الأصلية ذات الجودة العالية والآمنة.

وأيده “فارس الشيحان”، قائلاً: الجودة تُعد مقياسا رئيسا ومطلبا مُهما لكافة فئات المجتمع، خاصةً عند شراء مُنتج ما، مبيناً أن المُنتج ذا الجودة العالية لا يقارن بتاتاً بأي منتج أقل منه في الجودة، حتى لو جرى تشابه في العلامة التجارية، مطالباً بإلغاء جميع المُنتجات المُقلدة من الأسواق والمحال التجارية، نظراً لما تشكله من تأثير سلبي على الفرد والمجتمع، إلاّ أنه وفي الوقت نفسه يطالب بالإبقاء على بعض منها، خاصةً ذات الجودة العالية القريبة من المُنتج الأصلي.

جهات محايدة لقياس

جودة الخدمات والمنتجات

أوضح «د. حسين القرشي» أن من أهم متطلبات الجودة التوعية والتدريب، خاصة توعية المجتمع بأن الحصول على الخدمة أو المنتج الجيد أوفر بكثير من تلك الخدمات أو المنتجات غير الجيدة، مشدداً على أنه لابد أن تقيس كل الجهات جودة خدماتها ومنتجاتها، وتتولى ذلك جهات محايدة، على أن يتم نشر هذه المؤشرات على المسؤولين والمجتمع ويكون هناك جزء من المخصصات المالية على هذا الأساس.

وقال: متى ما انتشر الوعي في المجتمع وأصبح له رأي في تقويم هذه المنشآت، فلاشك أن مؤشر الجودة سيرتفع؛ لأن التوقعات سترتفع، مبيناً أنه ومن خلال تقويمنا بعض المنشآت الحكومية والخاصة فالمؤشر دون المستوى المطلوب، بل إن أفضل المنشآت الخاصة لم يصل إلى (60%)، بينما في القطاع العام لم يصل إلى (40%)!.

وأضاف أن المسؤولية كبيرة ومهمة على المؤسسات الإنتاجية والخدمية بتطوير نفسها والعاملين فيها وفق معايير الجودة والاعتماد، كذلك على الجهات الرقابية تحديد المواصفات والمعايير والشروط والتأكد من تطبيقها بحزم، ومحاسبة المقصر وتحفيز المتميز، معتبراً ذلك جزءا من مؤشرات الأداء ومعيار أساسي لترسية المناقصات، وبالتالي لا يكون السعر الأدنى فقط هو المعيار.

وأشار إلى أن الجودة والتميّز خيار استراتيجي للمملكة بكل مؤسساتها وقطاعاتها المختلفة، ولابد من استمرار الدعم السخي والتعاون بين الجهات والأفراد وقياس الأداء والتحسين لنحقق مكاننا ومكانتنا بين الأمم والشعوب.

من يوعّي المستهلك..؟:

طالب “د. ممدوح الروحاني” باختيار مؤسسات متخصصة في التوعية، تدرس احتياجات حملاتها وتخططها وفقاً للمعايير العلمية، ذاكراً أن معظم الحملات التوعوية في مجتمعاتنا تأثيرها محدود ومؤقت وغير عميق، متأسفاً على أن كثيراً من الجهات القائمة على الحملات التوعوية عن الجودة والغش التجاري تتعرض هي نفسها لنوع من الغش، وذلك بتصميم وإنتاج حملاتها بصورة لا تؤدي الهدف المطلوب وبأساليب فنية خاطئة.

وقال: إن التقدم التقني وتطور المهارات الهندسية والفنية ساعد كثيرا من ضعفاء النفوس على إنتاج سلع مقلدة أو مغشوشة تباع على أنها أصلية أو مطابقة للمواصفات، مبيناً أن الشركات العالمية جميعها وباختلاف مجالاتها من قطع غيار السيارات إلى الأجهزة والمعدات الكهربائية إلى المواد الاستهلاكية والغذائية، ووصولاً إلى البرمجيات بل حتى الدواء والمنتجات الطبية جميعها تعاني هذا التحدي.

وأضاف أن المصنعين والموزعين لهذه المنتجات المقلدة والمغشوشة يعتمدون بشكل رئيس على نقص الوعي لدى المستهلك، وكذلك السلوك الاستهلاكي المفرط في بعض المجتمعات، وكلاهما للأسف موجود في مجتمعاتنا.

وأشار إلى أن الجانب التوعوي مهم جداً خاصة في المجتمعات النامية، وهي لا تقع فقط على عاتق هذه الهيئات، بل يفترض أن تكون هناك جهات رقابية مستقلة تعنى بحقوق المستهلك وعلى رأسها حماية صحته وسلامته، وكذلك حمايته من الغش، مشدداً على أهمية إبراز حالات الغش والتلاعب والاشهار بالمنتجات والمؤسسات التي يثبت تلاعبها بالجودة وحقوق المستهلك، فالتجارب أظهرت أن كثيرا من المجتمعات يكون التأثير الصادم للإعلان عن حالات الغش والتشهير بمن يرتكبونها تأثيراً أقوى وأعمق من الإعلانات التوعوية المعتادة.

الجمارك: مقاطعة الأصناف المقلدة دليل وعي المجتمع:

أكد الأستاذ “عيسى بن عبدالله العيسى” -المستشار والمتحدث الرسمي لمصلحة الجمارك العامة- على أن وعي المستهلك هو المعول عليه في نشر ثقافة الجودة في المجتمع؛ كونه أحد الأركان الرئيسة للحد من تنامي ظاهرة الغش التجاري والتقليد. وقال ل”الرياض”:”لا نزال بحاجة إلى إنتاج برامج ومواد إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية وتضمين المناهج الدراسية لمراحل التعليم العام موادَّ للتوعية بالأضرار الاقتصادية والمادية والنفسية المترتبة على شراء واستخدام هذه الأصناف، وتثقيف المستهلكين بحقوقهم في رفع القضايا والمطالبة بالتعويضات عند خداعهم، وإقامة معارض دائمة في مراكز التسوق الكبرى والمعارض التجارية لتوعية الجمهور حول أخطار الأصناف المغشوشة والمقلدة، وإيضاح كيفية التفريق بين الأصلي والمقلد، وتعزيز وترسيخ ثقافة المقاطعة لتلك الأصناف ومنتجيها ومروجيها وبائعيها”. وأضاف أن مصلحة الجمارك العامة بذلت جهوداً كبيرة في مجال نشر ثقافة الجودة، من خلال النشرات والمطويات التي يتم توزيعها خلال المنتديات وورش العمل المتخصصة والتحذيرات التي تطلقها عبر موقعها الإلكتروني على الشبكة العالمية “الإنترنت”، أو الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية، أو من خلال المناشط والندوات وورش العمل التي تنفذها أو تشارك فيها. وأشار إلى أنه على رأس هذه المناشط قيام مصلحة الجمارك العامة بتنظيم المنتدى العربي لمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية في المملكة، وجار الإعداد لتنظيم المنتدى العربي الرابع الذي سيعقد بتاريخ 5/5/2015م، وسوف تستمر الجمارك في عقد هذا المنتدى كل عامين طبقاً للموافقة السامية الكريمة على اقتراح معالي وزير المالية بأن تستمر مصلحة الجمارك العامة بتنظيم المنتدى العربي لمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية في المملكة كل عامين، ويشارك في فعالياته الجهات ذات العلاقة بمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وعدد من أصحاب العلامات التجارية العالمية.

المواصفات: تفعيل «علامة الجودة» لدعم قرار المستهلك:

كشف الأستاذ “عبدالمحسن اليوسف” – نائب محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة للشؤون الفنية، والمتحدث الرسمي – عن نشر ثقافة الجودة كأحد أهم الأهداف الاستراتيجية للهيئة، مشيراً إلى أن الهيئة قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق هذا الهدف، من خلال شراكات متنوعة مع الهيئات المتخصصة، ورفع مستوى الوعي بأهمية تطبيق نظم الجودة المختلفة، إضافة إلى تنفيذ مشروعات نوعيّة تهدف إلى ربط مفهوم الجودة في أذهان المجتمع وكافة أطراف المنظومة التجارية بداية من التاجر أو المصنّع أو المستورد، مروراً بالجهات الرقابية والمعنية وانتهاءً بالمستهلك.

وقال ل “الرياض” إن هناك عددا من الوسائل التي تسهم في تحقيق هذا الهدف، منها تفعيل دور “علامة الجودة”، علاوة على تهيئة المجتمع وتوعيته بالإقبال على المنتجات الحاصلة عليها، مؤكداً أن الهيئة ماضية في استكمال عقد مزيد من الملتقيات والمؤتمرات لنشر مفاهيم الجودة ونشر ثقافتها لدى أفراد المجتمع والأوساط التجارية.

وأضاف أن تحقيق تلك الرؤية يتطلب تبني كافة الجهات للجودة بدءا من الإدارة التنفيذية من قمة الهرم التنفيذي إلى قاعدته عبر تطبيق برامج إدارة الجودة الشاملة، بحيث تكون الجودة في أي منشأة جزءً لا يتجزأ من أهدافها الاستراتيجية.

وأشار إلى أن قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 61 وتاريخ 28/02/1430ه الذي نص على تعديل اسم الهيئة بإضافة الجودة لاسمها الرسمي، هو خير دلالة على بُعد نظر قيادتنا الحكيمة بأهمية هذا النشاط، كما أن تبني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله – رؤية 2020 “المملكة العربية السعودية بمنتجاتها وخدماتها معيارٌ عالميٌ للجودة والاتقان” يوكد هذا التوجه.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com