تسونامي عرعر


تسونامي عرعر


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2609214.html

عجلت مشيئة الله بهطول الأمطار في بداية موسم الشتاء الحالي , ففي خلال اليومين الماضيين هطلت أمطار على عدة أماكن في منطقة الحدود الشمالية نسأل الله أن يعم بنفعها كل أرجاء وطننا الغالي .

الغريب في الأمر هو تبدل الحال:
فالأمطار التي دائماً نستبشر بدخول موسمها تحولت إلى فزاعة تثير الخوف والذعر وأقصى درجات الحيطة والحذر من المآسي التي قد تخلفها ورائها .

وبما أن الشي بالشيء يذكر يبدو أننا في زمن الفزاعات حيث الفزاعة السياسية والفزاعة الدينية والفزاعة الوطنية والفزاعة الإعلامية وكلها لتخويف الإنسان وإجباره على سلوك محدد .

الخوف ليس من الأمطار التي تهطل ومعها أقدار الله التي لا نملك لها دفعاً ولا تأخيراً لكن مانخشاه هو الطريقة التي ستتصرف فيها مدارسنا مع سلامة الطلاب والطالبات أثناء هطولها .

فبعد بداية اليوم الدراسي ودخول الطلاب إلى فصولهم ومع تساقط زخات المطر يبدأ الجميع بالتململ وكأن تسونامي قادم سيلتهم المدارس فقط ويترك البيوت والحارات المجاورة بسلام .

فسرعان ما يبدأ عدد قليل من أولياء الأمور بالحضور للمدرسة للعودة بأبنائهم إلى منازلهم خوفاً من التسونامي القادم الذي تكون في عقولهم نتيجة التهويل الإعلامي الممزوج بالعاطفة الأبوية .

أما أغلبية الطلاب الباقين في المدرسة فسلامتهم تتوقف بعد مشيئة الله على نوعية القرار الذي ستتخذه إدارة المدرسة إما بإكمال اليوم الدراسي بشكل طبيعي أو صرف الطلاب فوراً قبل وصول التسونامي المزعوم .

القرار الثاني(صرف الطلاب قبل نهاية اليوم الدراسي) فيما لو تم سيعرض الطلاب إلى مخاطر جسيمة كان من الممكن تفاديها في حال بقائهم داخل المبنى المدرسي .

فصرف الطلاب في بداية تساقط الأمطار هو مثل الزج بهم في وسط العاصفة , وهو مثل رمي الركاب من السفينة العائمة إلى عرض البحر خشية غرقها مع أنها سليمة من كل عيب .

حيث سيخرج الطلاب من المكان الآمن وهو مبنى المدرسة إلى المكان الأخطر وهو الشارع في وقت نزول الأمطار مما يعرضهم إلى موجات من البرد الشديد وزخات المطر وعصف الرياح والسقوط في برك الماء المتكونة من الأمطار وقد يتعرضون لحوادث الدهس نتيجة ضعف الرؤية في مثل هذه الظروف الجوية السيئة .

والحل الأمثل هو بقاء الطلاب في المدرسة واستكمال اليوم الدراسي بشكل طبيعي حتى مع هطول الأمطار ففي نهاية اليوم الدراسي سيحضر أولياء الأمور تلقائياً لاستلام أبنائهم حسب الوقت المحدد وهذا أفضل من (رمي) الطلاب في الشوارع قبل نهاية اليوم المدرسي .

للأسف يحاول بعض مدراء المدارس التخلص من مسؤولياتهم اتجاه طلابهم بأسهل الطرق فيتخذون قرارات متسرعة وخاطئة ستزيد حتماً من احتمالات الخطر على الطلاب .

كما أن التسرع بخروج الطلاب يولد الإحراج للمدارس الأخرى التي لم تصرف طلابها حفاظاً على سلامتهم .
أيضاً إدارة التعليم لها نصيب كبير من المسؤولية .

فيجب عليها التنسيق المستمر والمبكر مع إدارة الدفاع المدني لمعرفة إمكانية تعليق الدراسة بوقت كاف قبل توجه الطلاب إلى المدارس .

فقرار تعليق الدراسة إذا اتخذ في الوقت المناسب ووفق معطيات مؤكدة هو قرار شجاع ومسؤول ولا عيب فيه .
الشيء المذهل في الأمر أن المجتمع السعودي ربط بين هطول الأمطار وبين توقف الدراسة كارتباط شرطي لازم الحدوث أما في احد مجتمعات جنوب شرق أسيا فيقطع الطلاب يومياً النهر عبر جسر من الحبال للوصول إلى مدرسة القرية .

نايف العميم


5 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com