خضر العنزي - إخبارية عرعر:

كان مساء غير عادياً ليلة ارتبطت بمفردات الشعر وجمالياته لشاعر حمل الكثير من القيم النبيلة في قصائدة والمعاني السامية في أبياته الشعرية وقصائده التي تغنت بها الشعراء ولهجت بها ألسن كثيرة وحفظتها صدور الناس نظراً لقربها من مراكز الاحساس وملامستها للمشاعر والوجدان.

شاعرا جميل صور البيئة واستخدم أدواتها ووظفها في شعره وقصائده التي ارتبطت بالمكان و التي تنوعت أغراضها ما بين الألوان الغزلية والاجتماعية والثقافية شاعر استمد من الصحراء الصور الجميلة والقيم الراقية كتب عن الحب وكتب عن العشق وكتب عن القنص وصور الحياة الاجتماعية في تلك الفترة الزمنية من حياته بأجمل الصور وأرق المعاني كانت قصائدة قريبة من القلوب ومألوفه للنفوس تلامس أرض الواقع وتشنف لها آذان المتلقي انه الشاعر قطيفان سلامة الجميلي أحد شعراء منطقة الحدود الشمالية ـ رحمه الله ـ الذي تغنى كثيراً في جمال هذه المنطقة وصحرائها والتي كان يعشقها حتى الثمالة في هذه الليلة الماتعة التي جمعتنا مع قصائده وسيرته العطرة في أمسية ذات موسيقى جذابة وقصائد مخملية دندنت في آذان الحضور جعلتهم يلتزمون الصمت الذي يسبق العاصفة وهم يتأملون جمال الصور وبلاغة التعابير وعلى الرغم من ان الشاعر عاش في صحراء العويصي المعروفه بتضاريسها الوعرة وجبالها الشاهقة إلا ان قصائد الشاعر تميزت بالرقة والعذوبة أمسية جميلة أقامتها جمعية الثقافة والفنون فرع الحدود الشمالية تحت عنوان ( قصائد قطيفان .. لمسة وفاء ) في المكتبة العامة في مدينة عرعر وفاء وعرفان للشاعر المرحوم قطيفان الجميلي أحد شعراء المنطقة الشمالية وأميزهم ـ رحمه الله ـ بمتابعة من مدير جمعية الثقافة والفنون فرع الحدود الشمالية تركي بن رضيمان العنزي الذي يؤكد دائماً بأن أن هذه الأمسيات امتداد للبرامج والفعاليات والأمسيات الشعبية التي تقدمها الجمعية بالمنطقة لما لها دور كبير في المحافظة على الشعر الشعبي والاهتمام بالشعر والشعراء والمحافظة على هذا التراث الشعبي الجميل وقد حضرها الكثير من الشعراء والشخصيات المعروفة ومتذوي الشعر الشعبي ومحبيه.

أمسية استمعنا فيها لقصائد هذا الشاعر وعن حياته قدمها حفيده محمد ثميل القطيفان الذي أكد بأن هذا الشاعر ولد في لينة عام 1330هـ والتقى خلال حياته الملك سعود ـ رحمه الله ـ والأمير عبدالعزيز بن مساعد ــ رحمه الله ـ عاش أغلب حياته في المكان المحبب إلى قلبه وبنى قصره فيه في مزرعته في صحراء العويصي هذا المكان الذي يعتبر من آثار المنطقة ولا زالت آثاره شاهدت على ذلك الزمن الجميل والبسيط ورواها وانشد قصائدها أبنه ضيف القطيفان الذي بدا الأمسية بقصيدة رائعة والتي تعتبر من أفضل قصائده والتي يصف فيها الجرح بجرح الوادي أو الشعيب كناية عن عمق الجرح وتجدده في كل مرة يسيل هذا الوادي ويقول المثل ان هناك جرح لا يطيب وهو جرح الشعيب وشيء لا يشيب وهو طائر الغراب والتي قال فيها :

يا جرح قلبي جرح عرعر لواديه …….
إن جاه من نو الثريا مخيله

غراء تدربي من وحمها هواديه …….
وللي على راس الزبارة تشيله

نقر لها الشرقي وسكر شماليه …….
وصبت غزير الماء لمن يشتهيله

على عشير كل ما قلت قال إيه …….
يقول قول ولا أدري وش حصيله

مثل العسيف اللي على الهون اداريه …..
انوى ونوى كان هو ما بديله

والله لخلي كل شغلي وابديه …….
اما اتركه وإلا استحله طويله

افمي يهذري به وعيني تراعيه …….
وقلبي قعد عنده وكبدي غليله

والرِّجل يمه ما شكت من مواطيه …….
والحال لو تاكل نفيعن نحيله

لا تحسبوني كل مبطيت ناسيه …….
شري وغربالي اليا طال طيله

يا منهو اللي كل هرجي يوديه ……
يكسب بي أجرٍ وغير ذلك جميله

جنسه غريب وعايزات مواريه …….
زملوق صيفٍ نابتٍ في مسيله

ودك على أول زوم نبته تباديه .! ……
وتاكل بقفراته ليالٍ طويله

يا مطلق المخلد طبعت ابلاو يه …….
لا يا الذيابي فل حيلي بحِيله

ما من صديق ولا محامي يحاكيه …….
وليا دفعت له الغرض ما يجيله

يدرى عدوٍ مبغضٍ ما يدانيه …….
لو هو على كيفه يجي ما نجيله

أخاف من دحشٍ كبارٍ علابيه …….
ما يعرف العفة ودرب الفشيله

ثم بعد ذلك اقتطف لنا ضيف القطيفان مجموعة من الورود من بساتين قصائد هذا الشاعر وقدمها ومنها قصيدة المقناص والتي قال فيها:

يا ما حلا المقناص والخد خـالي
ومعك أشقر يرمي الشــوات السمينه

في سهلة ريدا شمال الرهالــي
وندفى يسارك والقـطر زاحـمينــه

في قفرة خضراء من الوسم سالي
والصيد كل اللي تبــي منه عينــه

ما به طعوس ولا جبـال عوالي
لاضـاع طـيرك يا السنافي غبـينه

اليا طلع طلعة يهد امتكـــالي
نجم شعق والـموت صـار بيمينـه

إن راغ وإن ما راغ ماله مجالي
والـجول مـخمر بالشـجر شايفينه

شره على الخرب الكبير الموالي
عليــه حــلف ما يفتّـح بعينـه

بالجو صارت قطعتين قبالــي
قطعـه معـه واللّـي بقـى جادعينه

قضى على الأول وحاس التوالي
ومن شـاف فعلـه قال هم مزعلينـه

وشالوا بواقي صيدهم بالكمـالي
وراحـوا لروضٍ والغـدا محترينـه

هذا يشب النار جاب الدلالــي
وهـذا تبـرع بالغـدا معجلينـــه

وتسولفوا والربع ربعٍ رجالــي
هـذي حــلات القنـص يا مشتهينه

خويـهم كنّـه بيـت العيالــي
هو حاشـمٍ نفسـه وهـم حاشمـينه

هذي طبايعهم من أول وتــالي
سلـم العـرب وجـدودهـم تابعينـه

والخاتمة باللــي ينشّي الخيالي
ثم الرســـول اللي سـكن بالمدينة

ومنها قصيدة ( البلد ) والتي يصف فيها الشاعر الحياة المدنية بالقبر الذي حجبه عن مشاهدة الغيوم والسحب واكثر عليه من الهموم ويتوجد على حياة البادية التي فيها من الوناسه الشيء الكثير والصفاء الذهني والتي قال فيها :

اللي قعد وسط البلد ما يقومي
القصر قبره والوناسه عقبها

لا يشوف غيم ولا يشوف النجومي
ولا ذاق لذة دلته من حطبها

يجمع عليه الفقر هو والهمومي
وحريمته لو تضربه ما ضربها

عجل يجيب لها الغرض والهدومي
ومن هش قلبه ما يداني غضبها

كما ان الشاعر جميلا في الغزل فعندما طلب يد أحد النساء التي كان يعشقها رفض أهلها ان يزوجوه بسبب العادات والتقاليد البالية والتي يطلق عليها سابقا ( الحيار ) مما زاد شوقه وولعه وبات يبحث عن أخبار أهلها ومكان تواجدهم فما ان سمع بمكان منازلهم في مكان يسمى ( مجنة) فقال قصيدته المشهورة :

لعل اهل مجنه تجيهم سحابه
سحابة ٍ وبله تواقع دنانير

من شان مجمولِ ضحك لي بنابه
قلبي صخرني له على الشروالخير

ان كان هو مقبل علينا هلابه
وان كان هو مقفي عسى ينطحه خير

اللي عن اللاشه عزيزٍ جنابه
نزهٍ شليله مايداني المعايير

والقلب مشفي به وطول اهذابه
والوج لوج محرجات العصافير

قافيه صعصيع ٍ قليلٍ زهابه
الا بروس معكفات المناقير

امنين ماجا مضربه مايهابه
لطه انطوح وطار ريشه بعاذير

ووقع بتالي جثته والبلا به
ولاله على درب المقاضا مقاير

وبعد ان تخطى الشاعر قطيفان الجميلي حاجز الثمانين عاماً قال قصيدته المشهورة والتي حذر فيها من الدنيا ومغرياتها مذكراً نفسه وغيره بالآخرة مطالباً الجميع بالعمل للآخرة بالعمل الصالح والأعمال الجليلة رحم الله الشاعر رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وقال في قصيدته :

اناعشـــت بالدنيــا ثمانيـــن حجـه
والآخــرة عنــــــدي تخافـــق سبــورهـا

ترى هــذه الدنــيا كفى الله شــرهــا
مخاليبها عــوج تحــــــوِّل طيــورها

كم واحـــدٍ خلَّى عيــــاله وثروتـــه
وتلــحق علـى كـل القبـــــايل شـرورها

راحـــت بجـــاويد لــها كل هيـبــه
راحــوا ودمَّـــن الهبـــــــايب قبـورها

ولهــم ليـــا جاء البعـــث بالله مرجع
مكتــوب كل اللـي ظهــــــر من صــدورها

تشهــد عليــك العيـن والفم والقـدم
شهــادة تــعطـــى المحاســــب حضــورها

يوم بهـــا كــل المخـــاليق تطــلبـه
صلبٍ وقـــوف مـــا تحنـــــِّـي ظهـــورها

ولا ينـــفع المـــولود والأم والأبــو
إلا الـــذي حســـــناه تقــبل بنـورها

ترى زَينـــه التــوبة إذا ما نقضتهـا
وترى زيـــنه الحجـة مع الصـــوم سورها

وتـــرى تنفع الصـدقة لمن يستحقها
وجميع محـــــرومٍ تخــــــــدم قـدورها

لا تقـارب النجسـين تمسك طريقهـم
ولا تطـاوع الحـــرمة تخــدعك بجــورها

المسلــم المخــلص يقـــدر بسمعته
وإن مـا وجــدت المـــاء يكـفِّي عفورها

ولا دايم إلا اللــه بعـزمــه وقـوته
هو خالق الدنيـــا وخالـــق بحــورها

يآمـــر وينهى اللي يريده ويشتهي
ولا لــــــه زميــــل ولا عمامٍ يشــورها

الخلــق تخشع له ويرجـون رحمتـه
والنفـــــس لا صــامت تحـرى فطـورها

عنده لنــــا تسعة وتســـعين رحمـه
مع جنـــــةٍ خضــــــراء تدارج نهورها

صمـــنا وكبـــــرنا صلاةٍ على النبي
وأبطــت لنـــا الدنـيا ليالي شهـورها

أوصيــك يالسايل إذا جـــتك عيله
من جـــــاهل ٍ متمـــــــردٍ لا تـدورها

الصـبر يا السايـل مفـاتيحه الفرج
والصــــــبر يا الســـايل يخاوي صبورها

وختمت يا السايل صلاة على النبي
الجاونــــي والعــود الأزرق بخـــورها

جاء بعد ذلك المداخلات من الحضور التي رد عليها ضيف القطيفان والتي كان أبرزها اصدار كتاب يحوي قصائد الشاعر الجميلة وتكرار مثل هذه الأمسية مؤكدين ان أمسية واحدة لا تفي بالغرض ولا تعطي الشاعر حقه وقد وعد مدير جمعية الثقافة والفنون فرع الحدود الشمالية تركي بن رضيمان العنزي بذلك اذا سمحت الظروف وتهيأت الأسباب في الأيام القادمة ان شاء الله وتلى ذلك تكريم المشاركين بالأمسية وتكريم مدير المكتبة العامة التي احتضت فعاليات هذه الأمسية والتقطت الصور التذكارية.