تفاصيل أخطر العمليات الانتحارية: “مهندس” يخطط لتفجير مصفاة .. و”طبيب” يستهدف الضباط


تفاصيل أخطر العمليات الانتحارية: “مهندس” يخطط لتفجير مصفاة .. و”طبيب” يستهدف الضباط



محليات - إخبارية عرعر:

بين عشية وضحاها، وفي غفلة من الرقابة الذاتية والأسرية، ينجرف بعض شبابنا في مسارات متطرفة تحولهم فجأة إلى «أجساد مفخخة» قابلة للانفجار كيفما أدارت بوصلة مختطفيهم عقاربها. وهذا بلا شك تحد كبير يواجهه المجتمع ويتقاسم همه الجميع بلا استثناء ما يتطلب تكاتفا وترابطا يخلق صفا موحدا ضد من يحاول المساس بأمن الوطن ومكتسباته، ولعل في اعترافات بعض الموقوفين في سجن ذهبان مؤشرا يكشف خطورة الأمر حقا.
فهذا مهندس كان نموذجا في عمله وكفاءته يتحول الى «انتحاري» بدرجة منفذ أول، وهذا طبيب أوشك على التخرج يهجر مرضاه في فترة التدريب ليكون أحد أفراد خلية إرهابية قررت استهداف رجال الأمن. والمحرك لهما لم يكن «البطالة» أو «العوز والحاجة» بل كان القناعة الفكرية التي وصلا إليها قبل أن يقبض عليهما.. وفي قصصهما عظة وعبرة.

وبحسب صحيفة عكاظ، يروي أحد المتورطين في التخطيط لعملية انتحارية وهو المهندس (ف. ع) الذي كان يعمل في مصفاة جدة قصته فيقول «كنت قاب قوسين أو أدنى من تفجير جدة بأكملها، لم يكن ينقصني سوى ساعة الصفر للبدء في مخطط تفجير مصفاة جدة الكبرى، حيث رسمت المخطط وعقدت اللقاءات لذلك ولم يتبق سوى الانطلاق، لكن رعاية الله أنقذت جدة وأنقذتني أيضا، قصتي أشبه بنسج الخيال يا أخ علي لكنه واقع مرير عشته قبل سنوات، لا أعلم ما الذي جرفني للتفكير في هذا الطريق المظلم، فأنا شاب متعلم وأحمل شهادة الهندسة وكنت في رغد من العيش فمرتبي عال، وحياتي مستقرة ولم يكن ينقصني شيء مطلقا، في عام 1425هـ بدأت حياتي تتغير شيئا فشيئا، شرعت في قراءة بعض كتب التكفيريين من باب الاطلاع، تصفحت عدة كتب وأمضيت نحو عام كامل بين تلك الكتب المشبوهة وزاد شغفي للمزيد، فقررت الالتحاق بالنت عبر السماع والحديث مع من يسمون «علماء البالتوك» حينها، وهم من الأشخاص المجندين لاستدراج الشباب وللأسف كنت أحد الضحايا لهم، توغلت كثيرا في الأمر وبدأ الغزو الفكري يدب في عاطفتي فهم يخاطبون العاطفة لا العقل، ولم يطل الأمر بي حتى أصبحت بين عشية وضحاها أحد المؤمنين بفكرهم بل وشرعت في التحريض من خلال معرفي في البالتوك وهو «كشري» كان الاسم الحركي لي إلى جانب بعض الأسماء الأخرى كشجرة الدر والمنجنيق والفيلق لكن الأول هو الأشهر، ومضت الأيام ومعها كنت أزداد شغفا للموت، كنت على استعداد بأن أكون انتحاريا في أي وقت، وفي هذا التوقيت تعرفت على أحدهم وكان اسمه «زياد»، قابلته غير مرة، وطلب مني أن ننطلق في عمل إرهابي، لم أعارضه فقد كنت وقتها أفكر في الخروج للعراق، كان ذلك في نهاية عام 1426هـ، لكنه أقنعني أن العمل التفجيري داخل المملكة أكثر أجرا وأشد وقعا، ولا سيما وأنا أعمل مهندسا في مكان حيوي وهو مصفاة جدة، طلب مني وقتها مخططات المصفاة بالكامل للبدء في ما أسماه «الغزوة الكبرى»، وافقته فورا وأحضرت له المخططات التفصيلية للمصفاة بأكملها وكان يرى أني الشخص الوحيد القادر على تنفيذ واحدة من أقوى الضربات الجهادية لأنه بإمكاني الدخول لمواقع حيوية في المصفاة دون شك من أحد لطبيعة وظيفتي حيث بإمكاني الوصول للخزانات الكبرى في المصفاة، حينها وافقت على هذا المشروع الانتحاري وكنت أنتظر منهم ساعة الصفر فقط، لم أكن أعرف من يقف وراءه ولكني كنت أثق به كثيرا، وطلب مني الانتظار لإعطاء شارة البدء».

يمضي الموقوف (ف. ع) حديثه عن مفاصل حياته قبل السجن فيقول «لم أكن أفكر كثيرا في مستقبل أبنائي وأسرتي، نسيت كل شيء فجأة وبات كل همي الموت انتحاريا، ومع هذا قررت الزواج من ثانية اقترنت بها قبل سجني بثمانية أشهر فقط، كانت الحياة بالنسبة لي محطة مؤقتة والموت هدفي الوحيد، لذا كنت أترقب ساعة الصفر من صاحبي الذي ظل يتواصل معي خفية بين الفينة والأخرى، وفجأة اختفى ولم أعد أعرف له طريقا، وقتها حار أمري وظللت في البالتوك علني أعثر عليه ولا أعلم هل قبض عليه أم مات حتى اللحظة، لكن لم يطل الأمر بي وقبيل أن أتخذ قرارا بارتكاب جريمة التفجير ضبطتني الجهات الأمنية وأودعت السجن».

يقف قليلا ثم يسهب «حمدت الله بعد سنوات من إيقافي أني هنا في السجن، فقد عدت لصوابي بعد عدة جلسات مع أهل العلم، انقشعت الغمامة التي غطت على عيني لسنوات ورجعت لعقلي وندمت على كل شيء، نعم ندمت أن سلكت هذا الطريق المظلم الذي يحاك لشباب هذا الوطن بعقول الحاقدين في الخارج وتمكنت بقهر ما يعرف بصنم الانتكاسة، وهو ما يستغله المحرضون لتفخيخ عقول الشباب بأن العائد عن فكره يعد منتكسا كافرا، وهذا أحد أقوى الأسلحة الفكرية التي يتخذها أرباب الفكر الضال للإبقاء على الشباب في صفوف الغواية التي يقودونها، وهنا نصيحتي لكل شاب ألا يسلم عقله لأحد وأن يدرك أن هذا الوطن مستهدف وشباب الوطن في خطر من أصحاب المخططات الإرهابية».

وعلى النهج نفسه، كان طبيب الامتياز (ع. ن) يخطط لعمليات من نوع آخر حيث كان ينوي استهداف رجال الأمن وقتلهم بعد قناعته بفتوى جواز ذلك.
يقول (ع. ن) «كانت حياتي سعيدة، لم يكن ينقصني شيء، فأنا من أسرة ثرية، أملك كل شيء وكان طموحي أن أكون طبيبا أخدم المجتمع، مضيت منذ نعومة أظفاري صوب حلمي هذا الذي أوشكت على تحقيقه لولا انجرافي وراء السراب الذي انتهى بي هنا في السجن، لم أكن ملتزما بل كنت شابا أحافظ على صلاتي وأطيع والدي وأحب المجتمع والعمل التطوعي، فجأة وقبيل تخرجي من الجامعة والحصول على شهادة الطب، تعرفت على شباب كانوا من أعمار مختلفة ويتابعون الأحداث في مناطق الصراع الخارجية بشغف، لم أهتم كثيرا بميولهم في البداية ولم أتوقع في الوقت ذاته أني سأكون معهم في التخطيط لأعمال إرهابية، كنا نلتقي بين الفينة والأخرى في استراحة خاصة وهناك كنت أرى مشاهد القتل والحروب ضد المسلمين في الخارج وشيئا فشيئا بدأنا في التحليل والنقاش الذي تنامى مع الأيام ليصل إلى تكفير الدولة، لم أكن أملك شخصية مقاومة لهم فكنت أنصت لبعضهم سيما المفوهين منهم، مرت الأيام ودخلت دوامة الصراع الذاتي بين ما أسمعه منهم وبين حلمي بأن أكون طبيبا، لم أقاوم أحاديثهم وشرعت في الانخراط معهم في كل أمر، بدأت حياتي تتغير وتلمس من حولي سيما أهلي حالي المتذبذب ولم أعد أحرص على الدوام بالجامعة رغم أني كنت في فترة التخرج والتدريب العملي ونسيت واجباتي تجاه مرضى كنت أراهم في المستشفى ينتظرون مني لمسة حانية كطبيب مستقبل واعد».

تغيرت حياتي وبات همي أن أبدأ مشروعي الجديد وهو قتل رجال الأمن حيث كنا نجلس في الاستراحة ونتبادل أحاديث التكفير ونؤمن بها، وشرعنا في التخطيط لعمليات استهداف واسعة، كنا نجمع المعلومات عن رجال أمن وقيادات أمنية وضعناها في قوائم التصفية سيما ضباط الداخلية حيث كانوا هدفا لنا من خلال عمليات انتحارية خططنا لها بدقة، ولم نكن ننتظر سوى ساعة البداية التي يأمرنا بها قائد المهمة الذي فعلا كنا نمتثل لأمره، لكن وأثناء هذه الترتيبات فوجئنا بمداهمة أمنية آلت بنا إلى السجن منذ عشر سنوات».


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com