سباق الانتهاء من ورقة الامتحان “أستاذ خلصت”


سباق الانتهاء من ورقة الامتحان “أستاذ خلصت”



تحقيقات - إخبارية عرعر:

“أستاذ خلّصت” أسلوب ينتهجه بعض الطلاب في الاختبارات، تنم عن أمور أخرى تتعلق بالطالب نفسه، تشكل مجموعة من الملاحظات والتساؤلات، هل انتهاء الطلاب من حل الأسئلة في مدة وجيزة هو خلل في طريقة إعداد المعلم للأسئلة؟ بحيث لا يضع أسئلة تقيس مدى استيعاب الطالب للمنهج ولمهارات التفكير وللمادة، أم أنّه ذكاء خارق لدى طلابنا؟، أم هو لجوء بعض المعلمين للأسئلة السهلة، من أجل تسهيل التصحيح عليه بعد انتهاء الاختبارات، على حساب استيعاب الطلاب للمادة، في حين أنّ كثيراً من الطلاب لا يهمهم ذلك بقدر ما يهمهم إنهاء الاختبار مبكراً، وتسليم الورقة والخروج من قاعة الامتحان.

أداء ضعيف

ذكر محمد بن مبارك الدوسري -مدير مدرسة ثانوية بالرياض- أنّ استعجال الطلاب في تسليم أوراق إجابة الاختبار يعود إلى المعلم والطالب نفسه، فالطالب يكون غالباً لا يعي أهمية الإفادة من الوقت في مراجعة الإجابات؛ بسبب عدم الوعي واللامبالاة، بل يبحث عن درجة النجاح فقط وعدم البحث عن أعلى الدرجات، ويكون باله أحياناً، مشغولاً بالخروج مبكراً؛ لكي يستمتع بوقت الخروج قبل العودة للمنزل، وهذا ما يكون عليه أحياناً الطالب قليل المستوى، أما الطالب المتفوق فيبحث عن أعلى الدرجات بالتريث في الحل، موضحاً أنّ هذا الجيل من الطلاب لا يطمح للعلو والتميز فقط، همه كيفية الحصول على درجة النجاح، أما من ناحيه المعلم فهناك بعض من المعلمين يبحث عن وضع الأسئلة التي تسهل له التصحيح، وعدم أخذ الوقت الطويل في التصحيح، مبيّناً أنّ هناك بعضاً من المعلمين ليس له دراية وخبرة في وضع الأسئلة المناسبة، ويكون أداءه داخل الفصل ضعيفاً، فيبحث عن تغطية أدائه الضعيف بوضع أسئلة سهلة تساعد الطالب على الانتهاء من الحل في وقت قياسي.

من جهته بيّن محمد مسلم السويهري -معلم- إذا رجعنا إلى أوراق الاختبارات سهلة التصحيح لوجدنا طالباً حصل على (٣٠) درجة وآخر (١٠) درجات وربما نجد أقل، حيث إنّ المشكلة تكمن في التملل السريع لطلابنا، حيث يحرص على الخروج غير آبه بما قدمه في الورقة.

فيما اعتبرت سميرة المطيري -معلمة تربوية مرحلة ثانوية- أنّ انتهاء الطلاب والطالبات من حل الاختبار لا يعود أبداً لذكاء خارق في الطلاب والطالبات، وإنما يعود لطريقة وضع الاختبار وعدم وضع أسئلة تقيس مستويات الذكاء، وعدم مراعاة الفروق الفردية في تفكير الطلاب والطالبات واستيعابهم.

تحديث الأزمنة

ورأى علي بن عبدالعزيز المجلي -وكيل مدرسة ثانوية بالرياض- أنّه لا يوجد خلل بقدر ماهو تطوير وتركيز على مستوى الفهم، حيث كنا في السابق نركز على مستوى الحفظ، أما وقد تطورت وسائل حفظ المعلومة والبحث عنها واستدعاؤها عبر الأجهزة الذكية والآلات الحاسبة وغيرها من الأجهزة، وأصبح التعامل معها سهلاً وميسورا للجميع، فقد تطورت أساليب وضع الأسئلة وأهدافها، إلى الأسئلة التي تقيس مستوى الفهم، مطالباً بتحديث نظم الاختبارات المعنية بزمن الإجابة والخروج من قاعة الاختبار، وتقليص الأزمنة القديمة وفق المعطيات الحديثة.

لا مبالاة

واعتبر سلطان بن سعيد القحطاني -مرشد طلابي- أنّ لجوء بعض المعلمين للأسئلة السهلة يسهل على المعلم التصحيح، وهو سبيل لحرص الطلاب للخروج من المدرسة بأسرع وقت، مبيّناً أنّ ذلك يظهر مدى اللامبالاة لدى الطلاب وعدم حرصهم للحصول على أعلى الدرجات.

من جانبه اعترف عبدالعزيز العمار -طالب مرحلة ثانوية- أنّ سبب الخروج المبكر للطلاب من المدرسة قد يكون بسبب ممارسة التفحيط؛ لأنّ الروح الجماعية بين الشباب، تولّد التشجع للقيام بمثل هذه التجاوزات، كما أنّ بعض أولياء الأمور ﻻ يراعون أبناءهم ويحصل منهم إهمالاً كبيراً ﻷبنائهم، وبعض المعلمين يعطي أسئلة لا تقيس مفردات المنهج ولا مهارات التفكير العليا.

وأوضح عبدالعزيز بن مغرم الغامدي -معلم مرحلة ثانوية- أنّ الخلل قد يكون في الأسئلة، وقد يكون في الطالب نفسه، وقد يكون هناك إشكال في المعلم لكونه جديداًذ في الصرح التعليمي أو ينقصه بعض مهارات التعليم، وهذه نسبه قليلة إلى حدٍ ما، وإنما الملاحظ والأغلب تكون المشكلة من الطالب، فالطالب المجتهد لا يتنازل بتسليم الأسئلة مهما كانت صعوبتها أو سهولتها، إلاّ بعد التأكد من الحل الصحيح.

الأهم النجاح

ولفت ناصر محمد القباني -طالب مرحلة متوسطة- إلى أنّ ظروف المدرسة تختلف عن الظروف الخارجية، فالمدرسة للتعليم والمحيط الخارجي ملك لكل طالب، معتبراً أن بعض الطلاب يؤدون الاختبارات للنجاح فقط وليس بحثاً عن الدرجات العليا للتخرج والحصول على وظيفة، وأن بعض الطلاب هو من يبحث عن أسئلة سهلة للخروج بشكل سريع والالتفاف ببعض الزملاء في الخارج للعب وغير ذلك.

من جانبه رأى بدر عبدالله الشهيل -طالب مرحلة ثانوية- سهولة الأسئلة مطلباً للطلاب جميعهم، وأن كيفية قياس المستوى لا يهم بقدر ما هو نجاح في آخر السنة.

تقويم المستوى

ونوّه عبدالله بن محمد الفراج -معلم مرحلة ثانوية- بأنّ الاختبارات وسيلة من الوسائل المهمة التي يعول عليها في قياس وتقويم قدرات الطلاب، ومعرفة مدى مستواهم العلمي والتحصيلي، وأنّ مفهوم الاختبارات هو تحقيق قياس وتقويم العملية المتمثّلة في جميع الأعمال التي يقوم بها المعلم، من أجل الحكم على مستوى تحصيل الطلاب واستيعابهم.

فيما رأى أحمد الفقيهي -معلم بإحدى مدارس الرياض الثانوية- أن طريقة إعداد الأسئلة للطلاب يجب أن تُطبق فيها المواصفات والمقاييس، حيث إنّ بعض المعلمين جعلوا من أسئلة الاختيارات مطلباً لهم، لأنّها تساهم في سرعة التصحيح، وهي لا تقيس بالمعنى الأصح مستوى الطالب الحقيقي.

وذكرت مهرة القحطاني -معلمة تربوية مرحلة ثانوية- أنّ الاختبارات لا تقيس مستوى الطالب والطالبة، والمفترض أنّ المعلم طوال الفصل الأول يعلمون ويقيسون مستوى الطالب والطالبة، ومن ثم يقفون على إيجابيات كل طالب وطالبة ويشجعون ويحفزون للاستمرار، ويقفون على السلبيات ويحاولون التعديل والتقويم منها، ولا يتركون هذا التحفيز والتعديل لاختبار يعقد في نهاية كل فصل.

وقال الدكتور عثمان بن ناصر البريكان -عضو هيئة تدريس جامعة الملك سعود بكلية التربية قسم المناهج وطرق التدريس- أنّ صياغة الاختبارات علم ومهارة وفن يدرس بحد ذاته، ولعلنا نسأل أولاً ماذا نريد أن نقيس من الاختبارات، فالاختبار عند التربويين يقيس أداء المعلم والتحصيل العلمي للطالب، مبيّناً أنّ المشكلة أنّ أغلب الاختبارات الآن تقيس أداء الطالب فقط، موضحاً أنّ التوجه الذي يتبعه بعض المعلمين في طريقة التدريس وبيئة التعلم وطريقة الشرح لا تجد أي اعتبار من قبل بعض المعلمين، مفيداً بأن الاختبارات مقالية أو نوعية وكل منها لها إيجابياتها وسلبياتها تعتمد على نوع المادة ونوع الطلاب وعلى المرحلة الدراسية، موضحاً أنّ بعض طلاب مراحل الابتدائية لا يعي ماهية أسئلة (الصح والخطأ) و(الاختيار المتعدد) التي يضعها المعلم، وأن الطالب يكون ضحية بعض أسئلة الاختبارات من قبل المعلمين، حيث تضع تلك الاختبارات الطالب في مواقف تتطلب منه جهداً وسهراً للمذاكرة ينتج عنها شيء من والارتباك، مطالباً بوجود ورش عمل وتدريب لتعليم المعلم على كيفية أعداد الاختبارات.

وأضاف أنّه يجب تطوير المعلم وإعطاؤه بعض الدورات وورش العمل لكي يصبح ملماً بعمل وصياغة أسئلة الاختبارات وماذا نريد أن نقيس من الاختبارات وكم نسبة الفهم والحفظ ونسبة الذكاء والمعلومات العامة، وإيجاد آلية تغذية راجعة للطالب في الاختبارات يطلع الطالب من خلالها على ورقته ليعرف أخطاءه؛ للإفادة من عملية التقويم التعديلي في الاختبارات، في ظل الحاصل من غياب بعض المفاهيم عن صياغة الاختبارات، مؤكداً أنّ الاختبارات الموجودة في مدارسنا حالياً لا تقيس مخرجات التعلم وتعديل السلوك بشكل صحيح، ولا تقيس التطور الحقيقي للتربية، وتظهر حالات الفوضى الموجودة فيها.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com