انهيار القيم … زمن النكبة


انهيار القيم … زمن النكبة


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2641909.html

نعيش زمن انهيار القيم … تلك المعايير التي بدت بحكم التقادم الزماني والتباين الجغرافي نوعًا من المسخ الذميم … نحن نأبى السلطة ونرى في التمرد نزوة محببة … لا بأس … لا إكراه … ولكن العقل مناط تكليف وحجة محاسبة … أليس كذلك؟!

نحن نقاوم العادة التي حفظناها ثم لفظناها دون قناعة أو شراكة حقيقة في صنع رأي أو قرار حولها بإعمال أو بإهمال … وهذا مكلف على المجتمع قبل الأفراد … فراحة وفاعلية وإيجابية المرء أصلٌ لرقيّ مجتمعه فالبشر هم من أكسبوا تلك الرقعة أو تلك البقعة صفة الاجتماعية …

نتبنى التجديد بلغة الغفلة والطيش … نحن لا نطور ولا نملك نية التجويد … نعم! كثير من سلوكنا وجدنا أسلافنا عليه … وها قد بات في نظرنا جالبًا المللَ فالتّرْك … نطبّق دون قناعة فلا نلتزم فنهمل وتقل درجة الملازمة والإتقان فتكون الجفوة المريحة كما نشعر توهُّمًا …

وأحايينَ كثيرة … نزهد بأصالةٍ لا غبار عليها … نبحث عن بديل … لا لقناعة بحاجة … لا وربي … إنّما لملء فراغٍ بعد حذف الأصيل بما يكافئ الفراغ حجمًا دون تثبت أو حسن انتخابٍ لمعنى مفيد …

قلّي:

هل صور وأنماط سلوكنا كما نفهم ونعي مبرَّرة؟!
هل نرى الالتزام بالقواعد المنظَّمة والمنظِّمة نوعًا من القهر؟!
هل تحاسب نفسك حال خلوتك؟!
هل صنع منهاج التربية الممتد من الولادة إلى الموت في مجتمعنا حالاً من المنعة والحصانة بما يؤهّلنا لاستيعاب غايات نظامٍ هنا أو تشريعٍ هناك؟!

أحبتي … لن تنقطع المعصية فالنفس في صراع دائم ما بين خيرٍ يستنطق تقواها وشرٍّ يستجلب فجورها … والتوبة كما هو معلوم ومفهوم مسبوقة بذنب كما هي متبوعة بقبول من الرحمن الرحيم بعفوه وصفحه وجوده … ولكن …

لماذا نتهم كل مخالف بأنه: “ما عنده سالفة، من جنبها”؟!

من يصف الذوق العام بالتدني صاحب أمل يحتسب أجر صبره مسغبةَ الأخلاق وفجيعةَ الفضائل … وله دعاءٌ بمثوبةٍ تكافئ ألمه …

يبدو أننا نتاج مجتمع زرع في عقولنا فكرة تعنّت صاحب القرار … غدت مبارزتنا لوحةً تحذرنا من الخطر لذةً لا يفوقها إلا التحايل أو الإهمال لإشارة النصح هذه … أمسينا نفهم كل توجيه وكل تنظيم وكل منع أو تحديد صنوفًا من القسوة … لا لشيء … إلاّ أنّنا نؤمن إيمان من لا يملك الدليل بمفاهيم خاطئة عن تلك الحرية … تلك التي يجب أن تكون واعية راشدة منظَّمة …

نقع في هفوات ونحن نصنّف … ونحن نقبل أو نفاوض أو نرد أو نعلن الحياد … نقع في رداءة الاقتناء والاقتداء … ونقع في فحش الكلمة والنظرة والفكرة والبناء … لدينا تصورات هامشيّة صوب الأماني والطموح … كساد أوعية وفساد أقنية …

فرحنا بتجاوز أمية القراءة … وحتى نخفف العبء النفسي … نتوهم أن ما نحن مصابون به إنّما هو أمية حضارة نحن من يتهمها ظلمًا فقط لنعفي أنفسنا من المحاسبة …

نحن أحبتي مصابون بأمية الفكر وبأمية الأمن والسلامة وهذه قابلة لتوليد المعاني … ونحن مصابون بأمية الحاسب الآلي والأمية التقنية … وليست الأمية ألاّ نستخدم بل هي أن نسيء الاستخدام … ولا أسوأ من هذا السوء إلاّ إدراكه وتعمُّد فعله …

ونحن في زمن الزلازل القيمية والبراكين الأخلاقية على مشارف انسلاخ الجلد عن العظم …

آهٍ وآه …

نحن الأمة التي جاء القرآن الكريم بلغتها … ذلك الكلام المعجز المتعبد لله بتلاوته … الذي أخذت وتبنّت سياقاته ثقافات العرب ومناخاتهم وأمزجتهم … محمد صلى الله عليه وسلم إنّما بعث ليتمم مكارم الأخلاق … دلالة على تصديق القرآن الكريم الذي هو كلام الله كثيرًا من عادات العرب وشيمهم ومآثرهم … والآن … نستدرك على الشمائل ونتعدى على الثوابت ونبحث عن التغيير نصرةً لصرعة الموضة التي هي دراما تستمطر الخبث والزيف والفوضى إلاّ ما رحم ربي … احذروا فالوفود كثر وزمن العولمة لن نقدر غلق الأبواب والألباب … ولا أجلّ من صنْع حالٍ من الاكتفاء الذاتي … بل ما المانع من أن تمتهن أمّتنا التّعيسة بخوارنا التصدير يومًا ما؟!

نعم … ثقافتنا الإسلامية وموروثنا الاجتماعي مصدرا ثراء وإثراء … لننتخب ولنستوعب الأصلح والأملح ولننقل نتاج فكرنا الديني بوعي وبمرونة وبلطف إلى الآخر … فعارٌ أن يغدو صاحب الإرث العظيم عائلاً متطفّلا …

أحبّكم في الله …


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com