عرعر … بين ثقافة أدبائها وأدب مثقفيها‎


عرعر … بين ثقافة أدبائها وأدب مثقفيها‎


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2647642.html

(1)
المنتج الأدبي رسالة وليس برستيج … المنتج الأدبي المخلص العميق مؤشر وعي إنْ جادت المشاعر والألباب بالمختلف المبهر والنفيس … وهو دلالة نضج في الذات وإصلاح للمجتمع … وليس الهدف من كتابة القصيدة أو المقال أو المسرحية إبراز ذات أو نصرة تنظير … فكتابات الأديب الفارق الفائقة رسائل تنويرية تثير وتثري، وتثور لأجلها قرائح وفرائح …

(2)
لا أقبل صورة مثقف يحاول بتصنع الأناقة واللباقة واللياقة … وما أضرّ ذا نومٍ وإعاقة وهو يتوهم القدرة والإفاقة … لا أجيز صنيعه وهو يميل قناعةً إلى ستخدام اللفظ المهجور وبناء التركيب المبهم وصنع الرأي الجاف … فأنا فهمًا أريده بسيطًا يجاهد في نصحٍ لطيف وتوجيهٍ لطيف … ولا بأس من طرفة أو مزحة للتسلية والتنويع والترويح وصنع قبول المستمع والقارئ … لا أقبل منه أن يجعل من كتاباته سيوفًا يبارز بها أقرانه … فلسنا في حرب … نحن في سلم فكري صنع ألفة وجَنَّبَنا الكلفة … فالشعور بشراكة الأدباء والمثقفين ووحدة هدفهم هو من التميز الذي يرفع من أسهمهم أن يروه -بصرًا وبصيرةً- هدفًا يسعون إليه …

(3)
اكتبوا لأن هناك ما دفع إلى الكتابة … واكتبوا لأنكم تستطيعون كتابة المعنى المؤثر … لا تتمايزوا إلا بأساليبكم … أما أهدافكم؛ فلتكن راشدة واعية واحدة … وأنصفوا الحق والخير … فنحن، إلاّ قلّة … نحتد … نتعصب … ننكر … نرفض … ننتقد … نساير … نهمش، ونخالف أو نحالف من باب عصبية … ونتوهم الصعوبة في اللين النافع، وننسب السهولة إلى المعقد الضار … لا لشيء … فقط لنكون الأبرز كما ظنّ بعض من القوم هذا الكسب عندما يوقظ فتنة أو عندما يصنع شبهة … الحياد مطلب وسبيل أمنيات … هو ثقافة ومنهج وسلاح وسلوك …

(4)
لا تصنعوا فُرقتكم عن مجتمعٍ هو في حاجتكم … لا تنووا العزلة من باب الْعِزَّة … المجتمع يحتمل التضاد ويحتمل التباين … من الهفوة أننا في ظن أنفسنا منصِفون وغير منصَفين … هذه مسالك غرور وعمى … لا نريد أن تضعي قلوبنا لصوت افتراق هنا … لا نود أن نجوّز نزاع العاطفة أو خصومة الفكرة هناك … من السيء أن يطربنا فشل غيرنا … وتذكّروا … سيريحُ خصومًا كُثُر أنْ تبدو عقولنا معطلة وأنْ تغدو مشاعرنا مضطربة وأنْ تمسي ملامحُنا صُوَرَ فقْدِ اطمئنان ونقْصِ اتزان …

(5)
الثقافة سلوك تصنعه معرفة المعايشة وخبرة التجربة لتكون الشخصية دالة على مستوياتْ وقيمٍ وأمداءٍ خاصّةٍ بتفسير ومفاوضة وتجويد وتوجيه الأثر والعلاقة والرؤية وفق عوامل بناء الفكر … والأدب خلائق تضبط الأمزجة وتسلّيها معًا … ومن لم يفهم العِبرة جاد بالعَبرة … ومن ظن المجد بضبطه قواعد الصرف والنحو والإملاء؛ فحسب أورث نبضه الوهن والغيّ …

(6)
عرعر .. وأخواتها … لا تريد منكم أن تبرزوا حروفكم كالسيوف … هي مدنٌ حالمة سمتها الخشوع والأناة والأمل … تريدكم متعاونين بإدراك وبنبل وبحزم وبثبات وبإخلاص … ستحتضن الفعاليات … المعارض والندوات والمسرحيات … ستكون فارهة مفوهة … ستذيب النسائم عشقًا … فمشعل … يَعِدُ؛ كرمًا، وبذلاً، ووفاءً، بوفرة جيدة دائمة بإذن الله … ما دمتم -بعون الخالق الكريم- شركاءَ شرعيين له في ألمٍ وأمل …

(7)
لا تدعوا أميركم المحب المرن الهادئ المتسامح يلتمس ما يولد المفارقة وجفوة المعنى للمبنى … دعُوه يرى ركض الروح، وصهيل الفكر كما نافس الفلاشات في عشق الملامح … تلك التي رآها في وجوهكم وفي مشاعركم … رآكم بشارة … كما كُنتُم تعدونه عدّة نصرٍ على ضعفٍ، وعلى غلبة خوفٍ، وتردُّد … هو قائدٌ أهداه إليكم وليّ الأمر، سلمان الحزم … جاءكم هذا الأميز عاشقًا يستنطق الذّكرى لهفةٍ ولذّة … جَاءَ مرتعَ الصِّبا مطرًا وعطرا … دراما مفرحة … وأحلامَ مستقبلٍ بهيج بإذن ربي …

(8)
لا تبحثوا عن مجد كتابة … ولتكتبوا المجد … دوّنوا نفائسكم؛ بوصفها خلائق وعلائق ووثائق … تبهركم وأنتم تلتمسون قبول الأرض وعاطفة الغيم … وتبهر الخصوم … وتصهر الهموم … واعتزلوا الشّحناء، ووعثاء السّفر؛ فالوحدة منطق فلاحٍ، ومنطلق نماء …

(9)
دينكم … ثم لغتكم، ووطنكم … دساتير ومواثيق … فيها كثيرٌ مثير … ممّا يلهم الألباب ويدل على الأسباب … لتكون المغانم، وليكون رفع المظالم، بلغة إصلاح متزنة معتدلة مرنة كلنا فيها سواء …

(10)
من كان ذا تدوينٍ، ومنبرٍ، ومنصةٍ، ومسرح … فهو ذو همٍّ، وسعْيٍ، ومسؤولية … لا صاحبَ تصنُّعٍ، ولا طالبَ سمعةٍ، تدفعانِ إلى زهْوٍ ولهو … وهذا يلزِمكم، ثقةً لا ثقلاً، بأنْ تبذلوا من وعيكم السديد وفهمكم النير المصيب صدقةَ سِرٍّ تزهِّدُكُمْ في شهرةٍ لم تنفع إبليس …


4 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com