ذبح لضيفه الكلب خروفاً


ذبح لضيفه الكلب خروفاً


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2647863.html

ذبح لضيفه الكلب خروفاً
قصة بدويٌ يضرب أروع الأمثلة في كرم العرب

العرب مازوا غيرهم من الأمم بقيم الأخلاق النبيلة وهم أقرب البشر إلى إنموذج شخصية الإنسان العفوية, وشهد على ذلك غيرهم من مفكري وأدباء أوروبا وروسيا الذين زاروا جزيرة العرب وأعجبوا بحاضرتهم وباديتهم ومن هؤلاء: (دارفيو حيث قال العربي بطبعه الكرم لا يفعله تطبعاً بل طبع جبل عليه وأن اهل أوروبا يفتقدون هذه السجية الإنسانية العظيمة).
البدوي أبوعايد (رحيل) ذو البشرة القمحية السمراء لونت سحنة وجهه الحنطي نفحات شمس الصحراء الحارقة, وهو يمارس معظم أنشطته الحياتية على تضاريسها المختلفة, التي أسهمت إلى حد كبير في تشكيل شخصيته (الطوبوغرافية) من حيث التأثر القيمي, وعززت لديه أدبيات الفضيلة ذات الإرث النفسي من معين مناهل فضائل الأخلاق العربية, والتي أتمها نبي الرحمة وصاحب الخلق العظيم (محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم).
إنني شغوف بهذا البدوي الكريم (أبوعايد) تزيدني به شغفاً بساطته وعفويته.
وتذكرني دائما بأولئك البشر الندرة, في زمن حضارة المادة في عصرنا الحديث, وتمنيت أن الأديب الروسي الكبير (تيودورفيسكي) (مشاهداً هذا الرجل الطيب أبوعايد قبل أن يكتب روايته العالمية (الأبله) التي حصل بها جائزة نوبل ربما يخفف من حسراته من زحف الرأسمالية المتوحشة والاشتراكية الخانقة على الإنسان والتي ساهمت في تشكيل المجتمع الإنساني المقلوب.

أبوعايد أنا رأيته قبل أن يتوفي يرحمه الله, شيخ كبير ترى على قسمات وجهه البشوش: تقاسيم إيقاعات موسيقى الصحراء العذبة, وترانيم حُداة العيس, في ليالي الصحراء الساجية.

لفت نظري أن قصته مع الكرم عجيبة لم أر مايماثلها في الأدب العربي حتى قصة الفرذدق مع إكرامه للذئب فقد قسم له من بقايا ظبي صاده, أما أبوعايد فقد استقبل كلبه الوفي الذي غاب عنه شهراً تائهاً في الصحراء لما أتاه على حين غره, ولما شاهده فرح له فرحاً كانت مشاعر السرور حارة ومتماثلة في توهجها بين الإنسان والحيوان فاقترب منه الكلب بحركات حميمية مؤثرة, وبادله أبوعايد نفس الأحاسيس, وأسرع إلى غنمه فاختار خروفاً ثميناً وذكر اسم الله عليه وسلخه فقربه إليه وأخذ يقطع للكلب قطة قطعة من أطايب اللحم ويناولها بيده إلى فيه.

أعتقد أن وجه التماثل في الموقف بين أبوعايد وأحد كرام العرب وهو مبشر بن هذيل الفزاري حيث قال:
ولائمةً هبت بليل تلومني
ولم يغتمرني قبل ذاك عزولا
فقلت أبت علي نفس كريمة
وطارق ليل غير ذاك يقول
ألم تعلمي يا عمرك اللهُ أنني
كريم على حين الكرام قليل
وإنني لا أخزى إذ قيل مملق
وأخزى أن يقال بخيل
فلم أر كالطيب فمذاقه حلو
وأما وجهه فجميل

كتبه لكم ابن الراعي
عياد بن مخلف العنزي


5 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com