وداعاً يا التي كانت قنديلاً وعمود بيت وكوثر!


وداعاً يا التي كانت قنديلاً وعمود بيت وكوثر!


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2662270.html

كانت مسجاة على فراش المرض منذ أمد بلا حراك، لا صبحها مملح بالضوء ، ولا مسائها له قنديل، خمس سنين عجاف والمرض أوجع جسدها،وكسر ظهرها ، وألغى الفرح من أعماقها، عندها من الأوجاع ما يدهش، غصنها يبس، وبلبلها ما عاد يغني فوق شجرتها العتيقة، ضؤها خبأ، وعينيها جفتا من البكاء،كانت لا تخاف الموت، وأن كانت كل يوم تموت، كانت مثل صخرة ضد الريح، تحاول أن تتغافل عن فجيعتها المهلكة، لكن مقدرتها لا تتوفر، كانت سيدة ملكومة ومثكولة بفعل اللطمات المرعبة، كان لديها تعبير ربكة دلالية داخلية، لكنها لا تستطيع البوح بفعل انعقاد اللسان، كان لديها نكوص طفولي لم تخفيه، كل شيء كان معد للانكشاف،حزينة كانتمثل قطرة ماء منحدرة من غدير الخسران، كانت تنوء كاهله بفعل ضغط مشاعر حارقة، حتى أن شرك الاكتئاب والمزاج السوداوي قد لفها واحتواها، كانت قدفقدت التمتع بالأشياء والموجودات، وتمددت بانكسار منطوية على ذاتها في محطة الحياة الأخيرة، لقد أصابها اليأس القاتم الخانق الذي يجعل الفرد يعيد مراجعة حسابات قلقه وهواجس مخاوفه التي كانت قبلا ترعبه وتقض مضجعة، فما الذي يعين الإنسان حينما يشعر بأنه مجرد جسد مسجى؟ … لقد تعاون عليها زلزلة المرض، وصدمة الواقع، مع ضغوط الألم، وحرائق العواطف، وجفاف المحيط،حتى صارت مثل ورق هش، أو سنبلة يابسة، أو قطنة رخوة،وهي التي كانتمثل نصوص القصيدة، وعطاء الينابيع،كانتبيدر، وتنور خبز، وحدائق ياسمين، كانت شجرة سدر، كانت مثل هامة النخيل، عمود البيت كانت، ونمو المشاعر، دفقبهجة، ولون مغاير،وابل أزلي، وقنديل مضيء، شجرة وماء،برزخ حديقة،إستبرق مكان، وكوثر حياة، ناعورة ماء ما أنكفت عن الدوران، كانت عين لا تنام،كانت نيزك، وبذرة أرض، وثبات، وبؤرة أبعاد، وشمول مكان، كانت قمح وحنطة وعريشة عنب، وكوز عافية، وحراك، كانت تركع بوجل كل يوم وليلة على سجادة الصلاة بلا دسائس ولا بهتان ولا كذب ولا نفاق ولا دجل ولا رياء، كانت رقيقة مثل فراشة تتغذى على رحيق البنفسج والياسمين، كانت نخلة باسقة، البارحة رحلت عنا بهدوء، نامت للأبد مثل طفل غرير، لكنها تركت في القلب متسع من الحزن والبكاء، بعدها كاسرت همي وشجني، حتى بدأت الشمس تنسكب من النافذة، البارحة جالستني في المنام، أوقدت لها السراج، كان صوتها حنوناً، ليس محبطاً ولا يأساً، ووجهها يكسوه البياض، كانت متوهجة كنيزك، فيا رب الأنام والحمام واليمام، أفض عليها عطفك، وأنفض عنها غبار الإنكسار، خذها نحو رياض الجنة، وأسكب عليها رحمتك، وأبهجها، وأغسلها بالبرد والماء، وسورها بين شعبتين من نور ودالية، وأكسها بملابس من حرير وسندس، وأسقها من نهر الكوثر،وأجلسها على السرير الموضون، وأجعل الولدان المخلدون يطوفون عليها بكأس وأباريق لا تأثيم فيهما، وأرزقها الفاكهة الكثيرة، لا مقطوعة ولا ممنوعة، وأمنحها السدر المخضود، والطلح المنضود، والظل الممدود، والماء المسكوب، فوعدك للعاملين بالحسنى والمؤمنيين الموقنيين الموحدين حق مبين، جزاء بما كانت تعمل، فلقد كانت مريضة جداً، لكنها كانت حاسبة، ولك مشتاقة راغبة، وللدنيا الفانية الباهتة لا فظة.

رمضان بن جريدي العنزي
ramadanalanezi@hotmail.com
@ramadanjready تويتر


3 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com