الإشراف يا سعادة الوكيل


الإشراف يا سعادة الوكيل



مما أثلج صدورنا وبعث الأمل في نفوسنا نحن  منسوبى الإشراف التربوي تكوين لجنة لتطوير الممارسات الإشرافية بناء على خطاب صادر من وكيل الوزارة لتعليم البنين الدكتور : “نياف الجابري” لتتولى هذه اللجنة وضع الإطار العام لتطوير الإشراف التربوي الذي نحن بأمس الحاجة إليه وطمعنا أن يستشرف برأي الميدان لتستأنس به اللجنة قبل بدء عملها و إصدار قراراتها الميمونة ولسان حالنا يقول: (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا) وهي بادرة سابقة تسجل لوكيل الوزير ونقف لها إجلالًا وتقديرًا، فتحديث الأنظمة والسياسات الإشرافية المعمول بها وفق رؤية المملكة الطموحة وبناء تصور مقترح لنموذج إشرافي فاعل مطلب ملح لذلك أبت غيرتي الوطنية إلا أن أحلق بآمالي ليصل صوتنا لوكيل الوزير على جناح التفاؤل  فالمشرف التربوي منذ الأزل يفتقد للتوصيف الوظيفي لمهنته فلا يوجد دليل إجرائي دقيق يحدد مهامنا بدقة  فبعد ظهور منظومة الإشراف التربوي بإصدارها الرابع وإقحام المشرف بالأعمال الإدارية غُيب المشرف التربوي عن دوره الحقيقي الذي وجد من أجله والجميع  يتساءل: هل الأعمال التي أوكلت للمشرف التربوي بمؤشر الأداء النوعي  للمدارس من صميم عمله؟! وما مهام المشرف التربوي ؟ وهل المشرف الفني للمادة إذا كلف بالأعمال الإدارية وفق مؤشرات الأداء والتي تحتاج منه فهم ومتابعة وجهد ووقت يستطيع أن يقوم بدوره الأساسي ورسالته التي رشح للإشراف من أجلها وهي تحسين مستوى التعليم والتعلم؟! ففي ظل عدم وضوح الأهداف أضحى مشرف إدارة الإشراف منجزًا ومساندًا لجميع الإدارات التعليمية وقائم ببعض أعمالها !! لا أعلم  لماذا ينظر لمشرف إدارة الإشراف بأنه متعدد القدرات والمهارات ؟! فحضور الحصة يا وكيل الوزير يحتاج مني كمشرفة حواسًا افتراضية مضاعفة؛ فبين بنود استمارة الحضور وبين بطاقة التعلم النشط إذا نالت شرفها المعلمة والاختبار القصيرالذي يٌنفذ بالحصة  وتصحيح أوراق الطالبات وجمع الدرجات وتقسيمها على عدد طالبات الفصل الحاضرات والنقاش والمداولة مع المعلمة ونادرًا ما تكون معلمة واحدة بالمدرسة لمشرفة يزيد نصابها عن الثمانين معلمة وتعبئة الاستمارة الالكترونية المكررة يوميا ولا يختلف فيها إلا نسبة الاختبار فأنا وزميلتي نُدخل بيانات مكررة برابط الاستمارة الالكترونية أثناء زيارة المدرسةباليوم نفسه وتقييم نظافة المدرسة وجهود المديرة وغيرها كثير فيختلف تقييمي عن تقييمها فمن يؤخذ بتقييمه أنا أم هي؟ فنظافة المدرسة وجهود قائدة المدرسة في متابعة المعلمات وأمور أخرى لا تخضع لضوابط، فما أراه أنا قد لا تراه هي أليس في هذا ما يبكي يا وكيل الوزير؟!! وأتجرع مرارة الحرقة الوطنية والغيرة على الميدان وأنا من قضيت بين جنباته باعا طويلا عندما أرى الجميع يتسابق من أجل ألا يكون في أسفل القائمة في الترتيب الفئوي والرتبي للمدارس من خلال تجميع شواهد ورقية لا تحمل من الصدق إلا أندره، مخرجات هشة، شبه وهمية، صرفتنا عن عملنا الأساسي، وأضعفت منجزاتنا الحقيقية ونحن في سباق مع الزمن، نهرول لنفهم العمل الإداري الذي وكلنا به فبين أسئلة متكررة وبحث، وبين تحديثات مستمرة، وبين ذبذبة في المطالب وتناقض بالمعلومة، ما بين اليوم والآخر يُعاد العمل مرارًا فلسان حال أخصائية التقويم: أنا وأنتم في ميدان واحد،  فاليوم نريد التوثيق ورقيا، وغدا تقنيا، اليوم نريد وغدا لا نريد، والميدان يغرق بموج من الهدر الورقي وازدواجية بعمل اللجان مؤشرات الفريق النوعي الذي يستهلك جزءًا كبيرًا من وقتنا تكرار لعمل لجان أخرى ومؤشر تطبيق قواعد السلوك مجهر مكبر عن عمل مشرفات الإرشاد ومتابعة لسجلاتهن “فرصد حالة سلوكية سلبية من طالب أثناء مرور المشرف الزائر يحسم من المدرسة (200) درجة فكيف ستكون علاقة المدرسة بالطالب الذي تسبب لها بهذا الحسم؟ وكيف سأدعم المدرسة وأساندها وأنا القاضي والجلاد! ومؤشرات لجنة الانضباط لا تقيس الواقع فتوزيع الدرجات على بنود لا تُقاس بكل زيارة نحو (توزيع الكتب والجدول المدرسي 00الخ )فهل من العدل مقارنة مدرسة عدد طلابها قليل بمدرسها عدد طلابها كبير بالغياب والحسم للغياب غير دقيق فمن يكون نسبة غياب مدرسته 5% يحسم منه 100 درجة ومن يصل غياب طلاب مدرسته 74 % يحسم منه نفس الدرجة! وتتساوى نسبة الحسم من 75%الى 100%ومؤشر مدى رضا أولياء الأمور عن المدرسة غير واقعي يختلف حسب بيئة المدرسة وثقافة ولي الأمر فقناعة ولي الأمر المتعلم تختلف عن غيره فما ذنب المدرسة يحسم من درجاتها  بهذا المؤشر! وهل من مهام المشرف تحليل هذه الاستبانات أليست هذه من مهام إدارة الإرشاد الطلابي؟!  وزيارة الفريق النوعي أشبه ما يكون  بالحملات التفتيشية ففتح الكتب ورصد الأخطاء بالحصة تفتيش ممقوت ومرفوض فالأنظمة الممارسة تقطع  همزة الوصل بين المشرف والمدرسة فالإشراف الفعال يعمل على زيادة أواصر التواصل بين المشرف والمدرسة لا العكس فالإشراف الذي نطمع به أن يتقدم بنا وكيل الوزير إلى الخلف حيث المشرف قبل عقد من الزمان لنجد مشرفا يصرف جل وقته في مناقشة قضايا تسهم في تعلم الطلاب وتطوير مستوى معلميه والإسهام في خدمة تخصصه،  مشرف معظم وقته يتجول في أروقة أساليب الإشراف ما بين زيارة واجتماع وحلقة نقاش وتعليم مصغر إلخ، نريد أن يعود جوهر الإشراف وتُرد إليه روحه القوية نُريد إشرافًا متطورًا يستخدم سلطة التأثير والتطوير لا سلطة الأنظمة والمعايير،  فجل الأعمال الإدارية التي سرقت وقتنا ولم نتفرغ لمعلماتنا ومادتنا وطالباتنا هي للأسف أعمال مشرفة القيادة المدرسية فما الجدوى من البحث في سجلات تتابع من قسم القيادة المدرسية؟! ولم لا يسند عمل المؤشرات إلى إدارة الجودة كجهة محايدة؟! أو يفرد للمنظومة إدارة مستقلة بمنسوباتها أو تكون تحت مظلة “هيئة تقويم التعليم لتؤتي ثمارها المنتظرة فتقييم الإشراف لعمل المدارس تقييم لإجراءات منسوبي الإشراف ومنجزات المدارس وخططها بضائعة الإشراف وجهوده فكيف تكون إدارة الإشراف محكما على أرضها؟! فعين المحب عن كل عيب كليلة،  فالخلل هنا  تبادلي فمن سيقدم برامج التصحيح؟!. ما يتعب النفس أن عمليات المتابعة معقدة وغير واضحة واجتهادات فردية تبدد وقتنا وجهودنا فالميزانية وبنودها أليست إدارة المالية أولى بها؟! وقرارات الحسم للمعلمات من مهام إدارة المتابعة وخطط المدارس وتقييمها أين إدارة التخطيط منها؟! والمشرفة الفنية مشتتة الجهود تتألم لحال مادتها التي أشغلت عنها تحزن لتقيدها بأساليب إشرافية فرضت عليها بالعدد والمسمى، والمؤلم أن جهودنا بمؤشرات المنظومة نُحاسب عليها ولا تحسب لنا؟! وترتيب المدارس حسب نسب الاختبارات القصيرة للطالبات قاصر فما ذنب المدرسة التي لم تختبر طالباتها بأغلب المواد وكيف ستعامل؟! والصراع للحصول على بطاقة التعلم النشط التي تشتت فهم الميدان بتطبيقها وتسابقت مديرات المدارس لحصول معلماتهن عليها فما تقتنع به قائدة المدرسة لا تقتنع به المشرفة أحيانا ؟ ولما لا يشترط  الحصول على بطاقة التعلم النشط الذي تحضره القيادات بعد تقييم الأفضل والأقوى من الاستراتيجيات المطبقة  فالحكم على اتقان المعلمة لضوابط بطاقة التعلم النشط  يحكمه خبرة مشرفة المادة وقائدة المدرسة بالتعلم النشط وفهمها لاستراتيجياته وضوابطه  ولم لا يٌحسب درسا تطبيقيا ليستفيد منه الأغلبية؟!  فحضور الهرم التعليمي بمستوى مدير تعليم أو مساعد للشؤون التعليمية أو مدير إدارة حصة بأساليب التعلم النشط به إجحاف بحق المدارس التي قد لا يٌحضر لها فهل تستطيع القيادات تغطية الكم الهائل من معلمات المدارس مع مهامهم الجسام  فعدم الحضور يٌفقد المدرسة(ما يزيد عن ألف درجة) فهل هذا قصور من المدرسة؟! فظهور القيادات بالميدان يلزمه تجربة مبتكرة إبداع من نوع أخر يمثل مكانتهما كتقديم تجربة أو دراسة أو منجز يخدم الميدان ويتوافق مع جائزة التميز للمعلم حتى لا يكون الإنجاز من أجل الجائزة ولا يرى النور إلا قبل الترشيح للجائزة ومن لجنةالتحكيم فقط ! ورغم تلك الجهود لا نقييم من لجان خارجية أو يقدم لنا تغذية راجعة لنعلم هل نحن على الطريق الصحيح نسير ؟  يا وكيل الوزير  انطلقت أحلامنا محلقة من بين أوراقنا تعانق السحاب لتهمس بمسامعكم بصوت الغيرة على الميدان : حددوا مهامنا ارسموا لنا خارطة الطريق ولكم عظيم شكرنا
بقلم / سهام الرميح  
كاتبة سعودية


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com