أبو فراج يقص على الأطفال


أبو فراج يقص على الأطفال



وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2698727.html

هذا الشتاء فصل اللقاءات المرتعشة، والتحلق حول الوجار المرصع بجمرات الغضا المتلالئة تعكس ومضاتها الحمراء خربشات قلم الرصاص التي كتبتها السنون على محيا «أبو فراج» الوضاء، وهو يعطر ليالي الشتاء بقصص القيم العربية التي يعبق من أنفاسها التاريخ. يقصها للصغار كأنه يمارس دوره التربوي مع أطفال «النجع» بطريقة عضوية تساهم مساهمة فاعلة في تشكيلهم القيمي وتأصيل السجايا النبيلة في نفوسهم الصغيرة فيشربونها طازجة مع الحليب الساخن، المطعم بنكهة الشيح والقيصوم جادت به النوق المغاتير القادمة من مراعي «الحماد الجميلة».
وما إن غطى الرماد وميض الجمرات أخذت تتلاشى قصص «أبو فراج» ويدب في صوته النعاس وهو مؤشر بنهاية ليلة قصصية حالمة يعطرها دخان الرمث المشبع بالدفء، وتحركها إيقاعات قطرات المطر الخفيفة التي تداعب سقف بيت الشعر الأسود، وانسل الأطفال من ثغرات أروقة البيت تاركين «أبو فراج» يغط في نوم عميق يحلم بغده الثغيل وأمسه المشرق.
ورقد الأطفال يتوسدون أحضان أمهاتهم الحانية يناغون أمانيهم الوردية، وسط ليلة شتوية ممطرة تسيجها نباحات الكلاب المتقطعة تحرس بيوتات الحي من الذئاب التي تخيف الأطفال والشياه. وانتهي مسلسل الليلة الماضية الممتع بالليل والمطر وبالقصص الشهية، عندما عانقت ألوان الفجر البيضاء أنفاس الربى المعطرة برائحة المطر المُعفرة بالطين وأريج الشجيرات الزكية، فشرعت تدب الحياة في شرايين الصحراء، واكتظت المراعي الخضراء بأصوات الرعاة ورُغاء العشار المتأخرة عن القطيع.
يوم رعوي الإبل تتناثر في الروض منهمكة بالرعي، السماء مكسوة بالغيوم السوداء الممطرة التي تخيف الرعاة السائرين في الأودية، والأرض تلتحف بسجادة مزركشة يغلب عليها اللون الأخضر تقيها برد الشتاء، وتسمح للأطفال بملاحقة الفراشات على ضفاف الغدير.
الأستاذ / عياد بن مخلف العنزي
(ابن الراعي)


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com