“ولي العهد” إلى مصر في أولى محطات جولته الخارجية الجديدة


تعدّ الأولى له منذ ولاية العهد وتحظى بأهمية بالغة

“ولي العهد” إلى مصر في أولى محطات جولته الخارجية الجديدة



إخبارية عرعر - محليات :

عُرِف عن العلاقات السعودية- المصرية منذ عقود مضت، أنها استراتيجية في كل الجوانب والأصعدة، وذلك لما يعوّل على البلدين من مسؤولية الدفاع عن الأمتين العربية والإسلامية من المحيط إلى الخليج، والحفاظ على مقدراتهما وتاريخهما وتماسكهما.

ويعزز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع تلك العلاقات، عندما يزور سموه مصر اليوم الأحد 4 مارس 2018م ليعقد مباحثات مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ومن المقرر أن تستغرق الزيارة ثلاثة أيام، في بداية جولة خارجية، هي الأولى لسموه منذ أن أصبح ولياً للعهد في يونيو من العام الماضي، وتأتي هذه الزيارة امتداداً لسلسلة الزيارات المتبادلة التي تقوم بها القيادة السعودية لمصر، وكان آخر الزيارات التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر قبل فترة، وكانت محل حفاوة من الشعب والقيادة المصريين.

مصر.. الانطلاقة

ويعكس اختيار سمو ولي العهد لمصر لتكون محطته الأولى في جولة سموه الخارجية، حرصه الشخصي، وحرص قيادة المملكة على تعزيز علاقات التشاور والتنسيق مع مصر، بما يحقق مصالح الأمتين العربية والإسلامية وشعوبهما، كما أن الزيارة تؤكد متانة ودفء العلاقات الثنائية المشتركة بين الرياض والقاهرة، اللتين تربطهما علاقات استراتيجية وتاريخية جيدة، لا يمكن -بحسب تأكيدات قيادة البلدين- أن يزعزعها أي كيان أو تحالف، حيث قنوات الاتصال المفتوحة والزيارات المتبادلة.

وقد رحّبت رئاسة الجمهورية في بيان لها أمس، بالزيارة، مؤكدةً أن سمو ولي العهد، سيحل ضيفاً عزيزاً على وطنه الثاني مصر، وذلك تأكيداً على أزلية وعمق وقوة العلاقات التي تربطهما، حيث تعد كل من مصر والسعودية -بحسب البيان- امتداداً طبيعياً للآخر من الناحية التاريخية والبشرية والسياسية.

محاربة الإرهاب

ويتفق الجميع على أن العلاقات السعودية المصرية متميزة، بعد ربط المصير المشترك بين البلدين منذ عقود مضت، وهو ما جعل قيادة البلدين في تشاور مستمر. ويعتبر المحللون زيارة ولي العهد لمصر شيئاً طبيعياً يدل على الأخوة والترابط بين البلدين، وتهدف الزيارة إلى حل مشاكل منطقة الشرق الأوسط عموماً، وهذا لكون مصر والسعودية أكبر الدول في الشرق الأوسط وأكثرها استقراراً، حيث تتحمل البَلدان مسؤولية حل القضايا المطروحة في الشرق الأوسط منذ زمن، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والآن قضية الإرهاب الذي بدأ ينتشر في المنطقة، ويستفحل في بلدان المنطقة، وبات يهدد الأنظمة العربية واستقرارها، وقد حدث تغير في المنطقة، بظهور بعض القضايا الأخرى على الساحة الدولية كالقضية السورية والليبية والعراقية، وهو ما يتطلب تعزيز التشاور السعودي المصري، ومن هنا، يرى المحللون أن حدوث الخراب العربي كان بسبب الإرهاب ومساعدة قوى الشر داخلياً وخارجياً، وستكون مقاطعة قطر التي تشجع الإرهاب وتموله، حاضرة في المباحثات. إذ يؤكد المحللون أن السعودية ومصر هما من يقع على عاتقهما مواجهة مثل هذه القضايا، وتوجيه بوصلة الدول العربية إلى ما ينبغي عليه أن تكون، مشيرين إلى أن هذه الملفات ستكون على رأس دائرة النقاش بين ولي العهد والرئيس المصري، بالإضافة إلى مناقشة التبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

ملفات ساخنة

ويرى المراقبون أن المحادثات ستعمل على تنسيق المواقف تجاه عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وذلك قبل توجه الأمير محمد بن سلمان إلى لندن وواشنطن، وقبل انعقاد الدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في 23 مارس الحالي.

ووفقاً لمراقبين فمن المتوقع أن يكون في مقدمة الموضوعات المتوقع طرحها للنقاش بين الرئيس “السيسي” والأمير محمد بن سلمان، موضوع اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعزمها نقل سفارتها إليها منتصف شهر مايو القادم، حيث تقع القضية الفلسطينية في قلب السياسات والتوجهات السعودية المصرية، وموضوع كيفية تحجيم أيدي إيران عن العبث بأمن المنطقة العربية والتدخل في الشؤون الداخلية لدولها، وموضوع المقاطعة مع قطر، وموضوع مكافحة الإرهاب وتوحيد الجهود للقضاء عليه بكل الصور، حيث يواصل الجيش المصري عملية سيناء ٢٠١٨ ضد متشددي تنظيم “داعش” في شبه جزيرة سيناء، خاصة وأن الرئيس “السيسي” كان قد عرض في شهر مايو الماضي، خلال مشاركته في أعمال القمة العربية الإسلامية التي شارك فيها الرئيس الأمريكي “ترامب” استراتيجية شاملة لمواجهة خطر الإرهاب، من خلال تكثيف الجهود الدولية الساعية لوقف تمويل التنظيمات الإرهابية ومدّها بالسلاح والمقاتلين وتوفير الملاذ الآمن لها.

الملفات الاقتصادية

فيما ستكون الملفات الاقتصادية حاضرة بين البلدين، على ضوء إقبال السعودية على مرحلة ما بعد العصر النفطي، حيث لم يعد ممكناً الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً، وزيادة استهلاك المملكة من النفط إلى نحو ٨٠% من الإنتاج، بما ينعكس على طاقتها التصديرية، وقدرتها على تعبئة الفوائض الدولارية، وتراكم الثروة بالاعتماد على هذا المنتج الوحيد، بينما تسعى مصر إلى الخروج من عنق الزجاجة اقتصادياً، ويدل حجم الاتفاقيات بين السعودية ومصر على أن هذا مؤشر على جدية الطرفين في الانتقال بالعلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة، قد تشكل نواة حقيقية لاتحاد عربي موسّع، يكسر حاجز التوجس التاريخي من إقامة اتحاد إقليمي بين أطراف متفاوتة في حجم وتوزيع ونوعية الثروات.

فيما أشار محللون إلى أن مصر على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها، إلا أنها ما زالت صاحبة الاقتصاد الأكثر تنوّعاً والسوق الكبرى في المنطقة والأكثر استعداداً لاستيعاب الاستثمارات السعودية بأقل تكلفة وأعلى عائد ممكن، في ظل تراجع أثر مزاحمة الاستثمار الأجنبي غير العربي في مشروعات التنمية الجديدة.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com