إمام الحرم المكي: الجنة بين “شكر سليمان وصبر أيوب”


قال: إن المؤمن لا ينقطع رجاؤه في ظل يقينه بحكمة الله

إمام الحرم المكي: الجنة بين “شكر سليمان وصبر أيوب”



أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، المسملين بتقوى الله واجتناب صحبة مَن إذا أؤتمن خدع، وإذا اطلع على السر فضح، وإذا استغنى ترك.

وقال في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام بمكة المكرمة: يا أهل الإسلام تراحموا ولا تختلفوا، وترفقوا ولا تجفوا، من حفظه الله من الفتن كان أطيب نفسًا، وأشرح صدرًا، وأخف ظهرًا، {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

وأضاف: أيها المسلمون، مسؤولية المسلم في هذه الحياة هي العمل والجد؛ فمهما رأى في الزمان من قسوة، ومهما عانى في الظروف من شدة؛ فالحق منصور، والمؤمنون هم الأعلون؛ فلا ينبغي له أن يعطي الأحداث والأوضاع والمتغيرات أكثر مما تستحق، كما لا ينبغي له أن يجعلها عائقًا، ولا صادًا، والموفق هو من يرى في كل عقبة فرصة للإقدام، وفي كل معوق منطلقًا للجد والتجديد.

وأردف: الجنة بين شكر سليمان، وصبر أيوب عليهما السلام، وقد قال الله في هذين النبيين الكريمين كليهما: {نِعم العبد إنه أواب}، لا تبحث عن نفسك عند الخلق، بل انظر أين مقامك عند الخالق، لا تحمل هم الدنيا فلله الآخرة والأولى، ولا تحمل هم الرزق فهو عند الله، ولا تحمل هم المستقبل فهو بيد الله، خذ بالأسباب، واستقم كما أمرت لا كما رغبت. لن يقاسمك الوجع صديق، ولن يتحمل عنك الألم حبيب ولا طبيب، اعتنِ بنفسك، وقم بمسؤوليتك، ورزقك لا يأخذه غيرك فاطمئن، وعملك لا يقوم به غيرك فاجتهد، لا أحد يضع نفسه مكانك؛ فأنت المسؤول عن أمرك وشأنك، واعلم أنه لن يكون للمؤثرات في الخارج تأثير إلا إذا كان في الداخل قابلية {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام، أن ميدان العمل، وطريق الجنة، طويل واسع، وعريض ميسر، لا يُحد ولا يُحصر {فاعملوا فكل ميسر لما خُلق له}. المساجد مؤسسات، والمؤسسات مساجد، والبيوت محاضن، والآباء والأمهات والمعلمون وأهل الفضل والمرشدون؛ كل هؤلاء رموز وقدوات، والعامل المصلح لا ينوب عن الأمة؛ ولكنه يتقدمها، والأعمال الصالحة لا ينتهي عدها، ولا يُحصى فضلها، ولا يدرك أثرها.

وأضاف: بالوضوء تتحادر الخطايا، وتضاعف الحسنات، وبالخطى إلى المساجد تَمّحي السيئات، وترفع الدرجات، وبشر المشّائين بالظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، اقرأ وتدبر من الآيات ما تيسر، اجعل لك من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وردًا ونصيبًا، لازم حِلَق العلم، أعط محرومًا، أغث ملهوفًا، بر والدًا، صل رحمًا، صاحب تقيًّا، سدد أخًا، زر مريضًا، أدخل سرورًا، استر عيبًا، انصر مظلومًا، قدّم نصحًا، أرشد ضالًّا، اسقِ ماء، أمِطْ عن الطريق الأذى، تضرع إلى الله بالدعاء، الْهَجْ بالأذكار آناء الليل وأطراف النهار وفي الأسحار.

وأكد “بن حميد”، أن ما يراه المسلم عسيرًا هو عند الله يسير، وما يراه كبيرًا هو عند الله صغير، وما يراه شديدًا هو عند الله هيّن؛ فما على العبد إلا قرع الباب؛ فهو سبحانه بحكمته ورحمته يجبر الكسر، ويقوي بعزته الضعيف، وعند الله ما خاب رجاء، وما من شدة إلا ويعقبها رخاء، والمولى إذا فتح أبوابه فهو جزيل العطاء. والمؤمن لا ينقطع رجاؤه ولو تكاثرت مظاهر اليأس؛ ليقينه في حكمة الله وإن لم تدركها العقول؛ بل لقد قال بعض السلف: “لولا مصائب الدنيا لوردنا الآخرة مفاليس”.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com