مع التحية إلى وزير التعليم


مع التحية إلى وزير التعليم



وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2736472.html

مع التحية إلى وزير التعليم….
تباينتْ ردودُ الأفعال بعد إعلان نتائج الاختبارات الوطنيَّة هذا الأسبوع ، ورغم أنَّ النتيجةَ صادمة، لكنها متوقعة، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا مخرجُنا التعليمي ضعيف؟! وهل لدينا فعلاً مشكلة بنواتج التعلم؟ وهل نتائج الاختبارات دليلٌ فعليٌ على ضعفِ المستوى التحصيليِّ لطلابنا؟ وما أسباب هذا الضعف؟ وكيف يمكن علاجه؟ وهل شخَّصت هيئةُ تقويمِ التعليم مع وزارة التعليم أسباب التدني ؟ لتعمل على تلافي القصور بالإجراءاتِ التصحيحيةِ ومعالجة الفاقد التعليمي بطرقٍ وخطواتٍ واقعية تركّز على نواتجِ تعلُّم شاهِدُها الحقيقيُّ إتقان الطالب للمهارات الأساسية للمواد الدراسية، من خلال أدوات قياس مُحكَمة وصادقة بعيدة عن الفلاشات والتقارير المزيفة للواقع؛ ليكون النصيب الأكبر من ميزانية التعليم لتحسين مخرجات التعلُّم، فالتصحيح لن يكون مجدياً ما لم يكن من قمة الهرم وبقراراتٍ صارمةٍ ،وما لم تصاحبه تغذيةٌ راجعةٌ هدفها علاج الخلل لا الرتب والمراكز التي تقيسُ سرعة الإنجاز لا جودة ومحتوى المنجَز ؛ فالمتأمِّل لتعليمنا يدرك أننا نركِّز على معارفِ دون الاهتمام بإتقان المهارة، وإن وجد التركيز على المهارة يكون وقتيّاً ودون استرجاع للمهارة وتطبيقها بشكل عملي وفعلي؛ لترسخ في ذهن الطالب، فالمهارة – للأسف – ضائعة بين الحشو والسطور، فالجميع درس وتعلم أن الجهات الأصلية أربعٌ، ولكن القليل منا من يستطيع تحديدها على أرض الواقع، أفهام ومهارات تتلاشى بتسليم ورقة الاختبار، فلماذا لا بقاء للتعلُّم في أذهان الطلبة؟ لماذا نُدرِّسَ للحفظ لا للفهم؟! أساليبُ التعلم الحديثة فُرضت على معلم لم يقتنع بها، ولم يتقنها، والبعض تدرَّب على قشور استراتيجيات التعلم، ورغم ذلك تكلف بها فأعطت متعة ولم تحقق هدفاً، فالتعلم النشط لايزال يُدرَّب على حقيبة قديمة لم تُحدَّث، سبقها المعلم بأميال، وانشغل القائد والمشرف وأشغلوا المعلم للحصول على بطاقة التعلم النشط، وانتظرنا من الطالب أن يلقي سؤالاً أثناء الحصة واكتشفنا أنه لم يفهم النص المقروء ليجيب على السؤال! فمتى يكون تعليمنا باقياً وطالبنا متفاعلاً ومعلمنا مبدعاً دون قولبة مجدولة بدرجات؟ فإشغال المعلم بأنشطة و مشاريعَ وفعاليات شكليَّة هدفها لقطة إعلامية تمثل الجزء الخفي من الواقع وإبعاد المشرف التربوي عن مهامه الأساسية التي لم توصف حتى هذا الوقت، فمع ازدياد المرشدين المفرَّغين ازدادت حالات العنف والتنمر والغياب، وأضحى غيابُ الخميس ناقوسَ خطر ٍ يوحي بظاهرة قادمة ما لم يُتنبَّه له “فمشروع رفق” بالميدان وحادثتا قتلٍ في أروقة المدارس، فالقيم تائهةٌ، والتنمر يتزايد، والتوثيق يبحث عن لقطةٍ حاضرةٍ وهدف غائب، فدور بعض المرشدين الطلابيين لا يتعدَّى سجلات منظمة، قد يرشَّح بها لجائزة التميز، فضاعت خططُ الوزارة في الانضباط المدرسي أدراج الرياح؛ لأن تركيزها الأكبر على تثبيت الحضور لا على تفعيل الحضور، فالطالبُ حاضرٌ غائب، فاللوائح السلوكية لم تأخذ حيز الجدية، فوزارة التعليم لازالت تتشبث بموروثات تعليمية أثبتت عدم نجاحها ولم تُحدث فرقاً بالميدان؛ لأنها صمّت آذانها عن ملاحظات المعلم والمشرف وولي الأمر ،وأصغت لقناعات صاحب الفكرة أو المشروع المستفيد الأول منها، فالقرارات متسارعة، وتتخذ دون استطلاع للرأي العام ، والخوف من إلغاء القرار يأخذ وقتاً طويلاً، فتاه الميدان بين نظام عام وفصلي ومقررات، وأُشغِلَ بمنظومة أداء استمرت بين الحذف والإضافة وعدم الاستقرار لسنوات، ولم تحدث فرقاً ولم تصل للعمق، وغُيِّب دور التغذية الراجعة فيها حتى هذا الإشعار ، ناهيك عن استمرار تفريغ أمينات مصادر التعلم رغم الاحتياج الفعلي لها كمعلمة وعدم الحاجة الآن لدورها، فالطالبة والمعلمة تتقن التعامل مع الأجهزة، والتقنية متوفرة بكل حجرة دراسة، فهل نملك الشجاعة لنقول لبعض القرارات كفى ؟ هل نملك الشجاعة أن نعترف أننا نلهث لتسجيل دخول الطالب بوابة المستقبل أكثر من الغاية من دخوله؟
فالعودة الى الوراء نحتاجها أحياناً، فعودة الاختبارات وإلغاء التقويم الذي أفشله جهل الأغلبية بتطبيقه، واتكالية الأهالي وشعورهم بالأمان قرار شجاع، فتجويد الاختبارات وإتقان المشرف والمعلم لصياغة الأسئلة ومحاكاة أسئلة الاختبارات الدولية والتحصيلي، والتركيز على مهارات التفكير؛ لنردم الفجوة بين اختبار المدرسة والاختبارات الأخرى، فالتعليم الجيد: سؤال جيد، فالاستثمار النوعي في إعداد المعلم وتأهيله مطلب حتمي، ولا يكون ذلك في التدريب الصيفي، وما أدراك ما التدريب الصيفي! فمشرف المعلم هو من يدربه في الصيف، فيكرر العمل بنفس الطريقة والأسلوب، فكيف ننتظر نتائج مغايرة؟! فإسناد التدريب لمتخصص مؤهل ببرامج وزارية مُعدَّة حسب احتياجات كل فئة والتدريب عليها وتقديمها لمتدربين حضروا رغبةً لا ترغيباً ومجاملة ومحاباة لزيادة العدد، ومدربين أغلبهم أهدافه مادية، فإجازة المعلمة هذا العام قصيرة جداً، ومن حقها الاستمتاع بها، فالميزانيات التي تصرف على برامج قد يحضرها من لا يحتاجها وقد يعطيها من لا يستطيع إيصالها ممكن أن تقدم مسائية أثناء العام الدراسي، فتجاهل دور التدريب في تأهيل المعلم (وخاصة المستجد) لأن تأهيله الجامعي ضعيف، وفترة انتظار التعيين طويلة، وإسناد تأهيله لمشرف مثقل بالمهام و لم يحظَ ببرامج تدريبية كافية، وقد يكون قليل الخبرة وبالتالي لن يحقق المطلوب.
لذا نحتاج برامج تدريبية تأهيلية قوية يقدمها مدرب مؤهل ومتخصص بمجاله؛ ترفع من كفاءة المشرف والمعلم وتقيس الأثر بعد البرنامج بموضوعية، . فتميز القائد والمعلم والمرشد لن يكون بملف وشواهد تختم فزعة له . إنما التميز الحقيقي يكون باجتياز طلابه اختباراً عشوائياً مقنن يثبت تمكنهم من المهارات، تميزه أن يُرى على أرض الواقع يحاكَى ويستفاد منه، فعلاج مستوى تحصيل طلابنا لن يكون بمشروع تحسين للمستوى وخطط مثالية قد تنفذ على الورق من أجل تقارير ترفع للوزارة.
الإصلاح يا معالي الوزير يحتاج صبراً، ويحتاج خططاً مدروسة تناسب بيئتنا التعليمية توقِفُ كل ما من شأنه تشتيت جهود الهيئة التعليمية، وتركيز على تحصيل الطالب العلمي و على نواتج تعلم باقية ، نحتاج هيكلة واضحة المعالم ومهاماً تخدم الميدان وتحقق التكامل المفقود بين الإدارات تمنع التنبؤات والتكهنات ببقاء الإدارة أو إلغائها فتكامل الأدوار مفقود للأسف بين الإدارات التعليمية، إدارات تغطُّ في سبات عميق، بطالة مقنعة بلا مهام؛ فحجمُ العمل المنتج هل يوازي الهدر البشري والمالي لتلك الإدارات؟
فإيجاد تخصص بالجامعات يُعِدُّ المعلم لتدريس الصفوف الأولية (كمعلم صف) ليس بصعب وإعطاء مادتي العلوم والرياضيات في المرحلة الابتدائية والصفوف الأولية اهتماماً أكبرَ بعد إهمال وتهميش طالها لسنين (فهي الأقل حظاً بين المواد)، فتسند لأي تخصص وإسناد المواد الأساسية في هذه المرحلة للتخصص مطلب مُلِّح؛ ففاقد الشيء لا يعطيه ، فتعهُّدُ طالب المرحلة الابتدائية والصفوف الأولية بالاهتمام من حيث تقليص عدد طلاب الصف وتوفر الإمكانات والتجهيزات اللازمة لهذه المرحلة، وخاصة أن عالمهم الآن تقني متطور، فالاستفادة من خبرة المتقاعدين والمعلمين الأكفاء ليكون مستشار اً تعليمياً ولو عن بعد، يقدم توصيات ويعطي ملاحظات تفيد الميدان، وإشراكهم في مجالس التعليم التي نأمل أن تحلِّق توصياتها خارج أسوار غرفة الاجتماع.
فهل وجهنا جهودنا لبحث ضعف دافعية المتعلم لدينا؟ وهل حاربنا الإسقاطات المسموعة من الأهالي بتغيير نظرتهم للأمور؟ هل عملنا على تهيئة خريجي مدارسنا بعد التعليم العام للتعليم الجامعي أو لسوق العمل توافقا مع رؤية المملكة الطموحة 2030؟


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com