وجهة نظر مغاربيّة في كتاب “امرأة وعشرون رجلا “


وجهة نظر مغاربيّة في كتاب “امرأة وعشرون رجلا “



القاصّة ” سهام الرّميح ” صاحبة المجموعة القصصيّة ” امرأة وعشرون رجلا ” أهدت القارئ نصوصا هي بالأرقام عشرون نصّا لكنّها بالمعنى والشّكل لا تحصى، لا يجب ان تحصى لأنّها تحسّ فقط وتأخذ القارئ إلى عالم مليئ بالمتناقضات، عالم واحد إنّما متعدّد المساحات والألوان والظّلال، كلّ مساحة تصف مشاعر إنسانيّة لها خصوصيتها وطعمها.

المرأة، كلّ امرأة، في هذا العالم الذي يحكمه (عشرون رجلا)، وتؤثّثه (إمرأة واحدة).. رجال يفعلون ما يشاؤون، يطوّعون العلاقات العاطفيّة بين الرّجل والمرأة لمشيئتهم فكلّ واحد – زوج – تنتظره امرأة حنون، محبّة، عاشقة له لكنّه ينظر خارج وجودها ويسعى لإرضاء غريزته بعلاقات أخرى قد تكون حبّا وقد تكون عشقا وقد تكون إمتاعا، إنّما، وهي متجدّدة متكرّرة متحوّلة من مساحة إلى أخرى، تظلّ عابرة وعلى حساب الزّوجة.

أن نقرأ هذه القصص جميعها فذلك يعني أنّنا سنحيا جماليّة الأدب الجميل في الزّمن الجميل الذي سادت فيه إبداعات جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وصولا إلى نجيب محفوظ وإحسان عبد القدّوس إذ الوصف حفر في الذّات وتعبير دقيق عن المعاناة ونقل أمين للمشاعر الإنسانيّة التي تبدو مشاعر كلّ منّا جزءا منها.

إنّ الإبداع حكاية إبراز للمشاعر الدّقيقة المتأجّجة في الدّاخل بسبب خلاف بين فئة وأخرى بين هذا وذاك وفي النّهاية بين امرأة ورجل.
رجل يفعل ما يشاء، وامرأة تمضغ الألم والإقصاء العاطفيّ والرّتابة إلى درجة الإنفجار لكنّها لا تنفجر لأنّه ليس من حقّها أن تنفجر علنا ولا حتّى أن تعبّر عن موقفها.. إنّها مرغوب فيها وليست راغبة، وهي مفعول بها وليست فاعلة، وهي مقيّدة ولا تمتلك أن تضع القيد في يد أحد.

إنّ الأمثلة لا تحصى في هذه المجموعة فقصّة ” ليلة عمر… ” تقدّم لنا فتاة ” جبرانيّة ” تنتظر بلهفة أن تنتقل من كفالة عمّها إلى حضن زوجها، و في اللّحظة التي يطلّ زوجها ليأخذها من بيت عمّها تصطدم بهيئة العريس السبعينيّ ذي اللّحية الكثّة البيضاء.. أيّ حياة ! وأيّ انعتاق وقد انتقلت من لهيب إلى آخر !

أمّا قصّة ” جلباب أمّي ” فإنّها تصوّر قمّة المأساة التي تعيشها الزّوجة، تلك التي تتوق إلى أن تعبّر لزوجها عن حبّها وعشقها له، أن تلهج أمامه بكلمات تصوّر مشاعرها العاطفيّة نحوه، أن تقول له ” أحبّك ” غير انّها تصطدم بالعادات التي تربّت عليها وورثتها عن أمّها.

إنّها في بيت زوجها لا تستطيع الخروج من جلباب أمّها.. إنّها مجبرة على أن تكتم أحاسيسها وليس لها الحقّ والجرأة على البوح بمشاعر الحبّ لزوجها الذي تنتظره كلّ لحظة أن يعود إلى البيت، أن تنطق بكلمة عشق أو حبّ أو حنان.

في المقابل هناك زوج يتلهّى في ممارسة و العشق الحرام بواسطة الهاتف مع امرأة أخرى بل مع أكثر من إمرأة .

أيّ مأساة ! أيّ معاناة! أيّ سجن عاطفيّ ونفسيّ ومعنويّ أشدّ من مثل هذا الحصار.

إمرأة لا تفعل ما تشاء ورجل يفعل كلّ ما يشاء خارج الحدود.

د. عبد القادر بن الحاج نصر
روائي تونسي


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com