وجهة نظر مغاربيّة في كتاب “مواقف وخواطر تربويّة “


وجهة نظر مغاربيّة في كتاب “مواقف وخواطر تربويّة “



استقبلني في مكتبه في مدينة عرعر الجميلة الأستاذ ماجد بن صلال المطلق رئيس النادي الأدبي الثقافي بالحدود الشماليّة وأهداني كتابه ” مواقف وخواطر تربويّة “.
إنّ الأستاذ ماجد بن صلال المطلق هو أحد الأساتذة المتميّزين الذي خاضوا تجربة التدريس والإشراف على مناهج التعليم فترة هامّة من الزّمن ثمّ انتقل إلى الإشراف على العمل الثقافي.
من خلال المقالات الثلاثة والثلاثين أدركت واستنتجت كم نحن في عالمنا العربيّ في حاجة إلى ثقافة تربويّة وتعليميّة ترتكز على المناهج العلميّة المتطوّرة.. أليس مساوئ عالمنا العربيّ تكمن في جزء كبير منها في طرق التدريس وعلاقة المعلّمين والأساتذة في كلّ المراحل بالتلاميذ والطّلبة.. تلك العلاقة التي يجب أن تبنى على فهم المعلّم والأستاذ لقضايا المتعلّمين ومشاكلهم داخل المدرسة وفي أسرهم وخارج المدرسة والأسرة ليستطيع المدرّس تحريك السّواكن لدى تلامذته وطلبته، وتعديل منهج التدريس ليبعث في الذين يدرّسهم روح الإهتمام والمتابعة والرّغبة في الاجتهاد.
نحن العرب، لكي نصل إلى مستوى الدّول المتقدّمة ونضيف حضارة جديدة إلى الإرث الحضاريّ الذي تركه لنا السّلف الصّالح علينا ان نبدأ بالتعليم والعلم أي بالمدرسة والجامعة فنعطيهما كلّ العناية والإمكانيات الضروريّة حتى نتلافى ما فاتنا ونؤسّس لمستقبل لا يعيّرنا فيه أحد بالتخلّف عن الرّكب.
كثيرة هي المواقف والأحداث التي سردها الأستاذ ماجد صلال المطلق في كتابه ” مواقف وخواطر تربويّة ” بأسلوب أدبيّ يغري بالقراءة والتمعّن في ما وراء المقال من عبر ودروس.
شدّني موقف المشرف التربويّ إزاء المعلّم الذي اظطرّته الظروف فأتى الفصل دون أن يعدّ كرّاسة التحضير.. لم يغضب المشرف ولم يشهر سيف العقاب بل بحث في الملفّات ليعلم أنّ المعلّم من خيرة المعلّمين وأنّه لم يتخلّف سابقا أبدا عن إعداد الكرّاسة لكنّ الظّرف القاهر حال هذه المرّة دون ذلك.
وهذا موقف معلّم آخر من تلميذ مشاكس، فقد طلب المعلّم من التلاميذ أن يتحرّر كلّ منهم في اختيار موضوع يصيغه بأسلوب أدبيّ راق، فقال الطّالب المشاكس :
– يا أستاذ، أريد أن أكتب عن حبيبتي.
ابتسم المعلّم :
– مازال الوقت مبكّرا يا بنيّ.. هناك الآن ما هو أهمّ من حبيبتك، هناك والداك ووطنك ومستقبلك.
في الكتاب مواقف ومشاهد كثيرة تدفع القارئ إلى الاعتبار والتفكير، فهاهو الأستاذ ماجد في كلّية الملك جورج في لندن مدينة الضباب يرى في أحد فصول التدريس معلّمين إثنين عكس العادة فسأل عن السّبب.. أجابوه أنّ مع المعلّم الأساسي معلّم مساعد مكلف بالاهتمام بالطلاّب ذوي التحصيل العلميّ المتواضع حتى يدركوا مستوى الطلاّب المتميّزين.
إنّه كتاب يستحقّ القراءة المعمّقة لما فيه من فكر وثقافة وعلم.

عبد القادر بن الحاج نصر
روائي وناقد تونسي


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com