ابن الراعي .. بين أمشاج القراءة والمعرفة والتاريخ


ابن الراعي .. بين أمشاج القراءة والمعرفة والتاريخ



وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2762284.html

هذه السلسلة الفوضوية الهامات فكرية, تطوف على ليلي بمواكب راقصة تهدهد صدري بريش أخيلتها الناعمة, فأنسل من نومي, واستلُ قلمي, وغايتي ما تكون زيارات طيوفي الحالمة في الصحراء الساجية حيث كثيراً ما أهرب إلى فضاءات البيد, ذاَّ الرحاب, بإمكانها أن تتسع لأخيلة من يحلق خارج جاذبية الواقع المهوس, بجنون المادية حيث حياة الصخب, والانطلاق في جدران الإسمنت الصماء, دون أن تترك مساماً ناضحة لعرق الاختناق ويعجز على ساكنها اختراق القلق من جراء زلزلة قشرة مدينة الأرض.

(سيظل الفهم هو المعضلة, ويبقى التفكير فريضة مغيبة) من كتاب مأزق الثقافة العربية للأستاذ إبراهيم عبدالرحمن التركي.

فالفهم بمصطلحه الديني والعلمي صعب الدلجة إلا لمن أحاط بأسس وأمات كتب المعرفة.

يقول العالم الشهير ايمانويل كانط في كتابه (نقد العقل العلمي) تعريب ناجي العوقلي (تتحقق السعادة عن طريق مفهوم الخير الأسمى شريطة التجرد من رغبة أخلاقية المنفع. وحين تكون الحظوة إلى الدين التي تعزز هذه الرغبة قد تمت فيها تتحقق السعادة لأن تحقيق السعادة لا يبتدئ رأياً إلا مع الدين).

يجب ألا يغفل الأدباء والمفكرون والتربويون عن توظيف الدين الحنيف في مؤلفاتهم وألا ينظر إليه كمادة ثانوية في علاقته بالإسلام الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال فرسالة الشريعة المطهرة جاءت لإنقاذ الإنسان من كل الشرور الحسية والنفسية وتريد له السعادة وتعتني بإيلائه معامله خاصة عن بقية خلق الله عز وجل فالممعن بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بدراسة معمقة يتضح له أن الشريعة الغراء منهج دقيق في تعاليمه, عدل بأحكامه كيف لا وهو منزل من خالق الإنسان والكون والحياة (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) فكل عمل بشري قاصر جداً أن يصل إلى الحقيقة المطلقة, ولذلك نجد أن القوانين التي وضعها فلاسفة القانون تعتريها العيوب حين يتخذ منها البشر منهاجاً لحياتهم, والمطلع على دساتير البشرية المنظمة لمعاش الناس, يلاحظ فيها فجوات وثغرات, ونقائص لا ترقى إلى أن تكون دليلاً للإنسان وإسعاده في الحياة.

ولذلك تستمر المراجعات فيها من قبل المنظرين لها وفي برلمانات العالم نسمع توالي الاعتراضات وتذمر المواطنين الذين تطبق عليهم هذه القوانين, من جراء أنظمة منتجة بواسطة العقل البشري فالعقل محدود العلم والمعلومة اليقينية تظل دائماً ذات نسبة مئوية لا تصل إلى درجة الكمال.

إن الإسلام بسماحته وعدالته وخيريته استهوى العديد من علماء الشرق والغرب وقد لفت نظري هذا من خلال القراءات عن الحضارة الغربية المعاصرة وقد لفت نظري هذا الثناء والاعجاب من لدن فلاسفة كبار مثل تولستوي عملاق الأدب الروسي كان يراسل الشيخ محمد عبده ويسجل إعجاباته بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وله كتاب أسماه أحكام محمد وأمير الشعراء الروس الكسندر بوشكين كان يحفظ سورة الحديد من القرآن الكريم.

ولنا أن نذكر حب الشعب الروسي للسلطان المسلم بركة خان حاكم دولة (التون أوردا) أي القبيلة الذهبية لمملكة أوكرانيا والقرم لعدالته ورأفته بالناس واعجاب الشعب البلغاري وما جاورها من البلاد الروسية أرسل أحاكمها للخليفة العباس المقتدر ليرسل لهم شيخاً يعلمهم تعاليم الإسلام وبنائين يجيدون بناء البيوت من الحجر والطوب فبلاد الروس كانت لا تعرف البناء المصمت وهم يجيدون بناء البيوت الخشبية من (كتاب رحلات معالي الشيخ ناصر العبودي), وفي كتاب العالمة الألمانية زنغاريت هونكا في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب (تقول أن الإسلام لاقى قبولاً في أوروبا بالسماحة والرحمة بالبشر دون أي اعتبارات للجنس والعرق واللون والجاه) لكنني أريد أن أنوه أن هذه الأستاذة الفاضلة أشارت إلى إنكارها للبعث بعد الموت معللة هذا أن العقل والعلم لايجمعان على هذا وهو كلام غير مقبول.

الأديب الفرنسي (بيار كورني) صاحب مسرحية (السيد) تحاشى أن يعتمد على نصوص مسرحيته التاريخية على كبار المؤرخين الأوربيون ومنهم دي كاسترو الإيطالي واعتمد على كتاب العالم المسلم عبدالله البلانسي صاحب كتاب (العلم الواضح) مفسراً هذا العمل المراد بأن علماء المسلمين أشد محافظة على الأمانة العلمية في نقل الأحداث وتصويرها على واقعها.

لاقت هذه المسرحية جماهيرية من المجتمع الفرنسي والباريسين خاصة لروعتها وتهديفها القيمي لدرجة أنهم يصفون أن كل عمل متقن وجميل بقولهم (جميل كالسيد) من كتاب الأدب المقارن للدكتور محمد مندور.

فيلسوف ألمانيا (جوتا) أعجبه سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعاليم الإسلام فألف ملحمة شعرية باللغة الألمانية عن السيرة النبوية حتى فتح مكة, والجدير بالذكر أن القائد العسكري الفرسي نابليون بونابرت اطلع على كتاب جوتا ونال إعجابه بمحمد صلى الله عليه وسلم ولكنه نصحه ألا يعتمد على كتاب الأديب الفرنسي فولتير عن محمد لأنه غير منصف.

ومن كتاب (الإسلام والمستشرقون) مجموعة الأبحاث التي قدمت للندوة العلمية عن الإسلام والمستشرقين التي عقدت بمجمع دار المصنفين في الهند كتب سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي كتب عن عالمة أمريكية فاضلة مثقفة ثقافة واسعة كانت تعرف قبل أن يكرمها الله بالإسلام MARGRET MRQUS سمت نفسها مريم جميلة يقول الشيخ إن كتاباتها تتأسس على دراسة عميقة للحضارة الغربية وانطلاق وتحرير كامل عنها بل وثورة شاملة عليها وكتابها ISLAM VERSUS THEWEST الإسلام إزاء الغرب.

في بدايات وضع الدستور البريطاني الحديث راجعه كبار علماء القانون قام كبير مجلس اللوردات الدكتور هنري فقال أمام المجلس لو اخترنا لجنة من كبار علماء القانون في بريطانيا وقلنا لهم طوفوا العالم لتجدوا قانوناً يصلح للشعب البريطاني حتماً لا يختارون إلا الإسلام, وقد كتبت عن امكانية فتح قسم خاص في وزارة الشؤون الإسلامية منتخب من كبار العلماء المسلمين في كافة التخصصات ليتوجهوا إلى هذه النخب القريبة من الإسلام ورد علي معالي وزير الشؤون الإسلامية مشكوراً بإحالته إلى لجنة خاصة.

ولعله يضح (الصحيح في اللغة يضح وليس يتضح لأن الفعل وضح مثل وعد يعد) للقارئ الكريم أن أنفاس هذه النصوص التي كتبتها تعبق بقيم إنسانية الخضلى, تشمها ذوائق القراء الأعزاء من خلال الأسلوب القصصي والذي يرى فيه شميم عرار نجد العطر المنبعث من شفاه ذي الرمه غيلان بن عقبة, وتواصيف الراعي النميري.

هذه المقطوعات النصية أؤوب إلى شجناتها والتصق بمساء الصحراء وأرقب انتظار الكرى الوسنى تحت قبة السماء ووميض النجوم, فأكتب هذه الأفكار مترجمة إلى أحاسيس تصويرية على طريقة شعراء الصورة الروس وهي مشاج بين قراءاتي في شتى المعرفة خاصة الفلسفة والأدب والتربية والتاريخ فقد نشر بعضها في المجلات الأدبية في المملكة العربية السعودية مثل المجلة العربية ومجلة المعرفة ومجلة الفيصل ومجلة الوضيحي.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com