عياد مخلف العنزي

       

إقرأ المزيد
▪ أم الضيان الإنسان والمكان
▪ ابن الراعي .. بين أمشاج القراءة والمعرفة والتاريخ
▪ شاعر قرية زُبالة الحسين بن مطير الأسدي
▪ مدينتي عرعر ( من كتاباته )
▪ هواجس ابن الراعي في الثقافة
التفاصيل

وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2762351.html

أم الضيان قرية وادعه، تقع في شمال شرق بلادنا الغالية على مسافة قريبة من الشريط الحدودي مع دولة العراق الشقيق تابعة لإمارة منطقة الحدود
الشمالية أهلها طيبون، تترسم سيماهم في وجوههم الباشة: بالعفوية، والبساطة،
وتهدهد صدورهم الواسعة: خصال السماحة، وهدوء البال. تلك فصوص عقد الجواهر الذهبية، المرصعة بالماسات القيم المتلألئة، التي تزين ماهية شخصنة الشعب السعودي الكريم والمتشحة بإيلاف الالتفاف الوثيق مع قيادته الرشيدة.
أم الضيان إحدى انتاجات المشروع الوطني العملاق، الذي يعد أكبر مشروع توطين بشري بالعالم حسب توصيف الأمم المتحدة وأحد الأولويات الوطنية التي كانت تحظى
باهتمام الموحد وهي نابعة من أبويه حضرة صاحب الجلالة الملك عبد العزيز آل سعود
رحمه الله لأبناء شعبه ابتغاء راحتهم وبذل كل ما يمكن لإسعادهم. وتمكينهم من تغيير نمط عيشهم القائم على الترحال وعدم الاستقرار الخاص بسكان
البادية وبتوفيق من الله العزيز ثم بحرص المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – تحقق هذا المجال إلى واقع حال معاش.
إن عملية توطين البادية السعودية نقله كبري مرت على بلادنا وأدت إلى تحول المعادلة السكانية خلاف العصور السابقة حيث كان البادية أضعاف الحاضرة.
ولن أنسى قول الشيخ المخضرم عاش الفترتين من قرية أم الضيان ونحن نسمر في ليلة شاتية شمالية نتحوط حول مدفئة الكاز داخل غرف منزل اسمنتي مريح، وأنا افحص لغة الجسدية عرفت أن لديه مفارقة نوعية بين الفترتين بيت الشعر المتنقل في الصحراء وبيت مسلح مريح. فتنهد شاخصا ببصره إلى لألأة مصابيح عناقيد الثريا ثم خفض رأسه باتجاهنا وحدثنا بعبارة عاطفية صادقة وبلهجته العامية:( تدرون ياعيالي فيه ثلاث اشخاص ما انساهم من الدعاء في كل صلاة، قلت متلهف منهم ((يابو مرزوق) قال: أمي وأبي والملك عبد العزيز رحمه الله. هذا الشيخ المخضرم عبر عن مشاعره بصدق فرددت عليه بتلقائية بيت شاعر الملك عبد العزيز ابن عثيمين رحمه الله. خبيئة الله للكون أظهرها وللمهيمن في تأخيرها شأن
وشيخ الدهامشة وأمير قرية أم الضيان أرشيد بن مجلاد شخصية وطنية له مواقف وطنية صادقة وصاحب مكانه اجتماعية رفيعة بالبذل والعطاء ومساعدة ذوي الحاجات اشتهر بحب الناس له كما اشتهر بمضيفه الكريم المفتوح على مصراعيه في الليل والنهار، يسعد ويلتذ بقدوم الضيوف إليه يبادرهم بعبارات الترحيب وبوجهه باسم.
يسخر بتقديم الطعام لزائريه وطالبي عونه، ولن أبالغ إذا كلف أهله بإعداد ولائم في وقت متأخر من الليلالضيف هتش ليلا.
وقد نال تقدير ومحبة الجميع وعلى رأسهم ولاة أمر حكومتنا الرشيدة ونذكر منها:
1-حظي الشيخ أرشيد بمودة وصداقة الملك سعود رحمه الله وكان بينهم ود وإخاء حتى أنه رافق جلالته بطائرته الخاصة عندما زار مدينة عرعر عام 1373هـ

2- لمواقفه الوطنية التي نالت أعجاب الملك فيصل رحمه الله وفي إحدى زياراته المتكررة له أهداه بندقية بولندية الصنع تحمل رقم BFKWARSZAWمصنوعة عام 1۹۲۹م محفور عليها اسم المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وتحمل ختم من الذهب بلقب ملك الحجاز ونجد وملحقاتها وكذلك أصدر أمره برقم 2813/ في 1383هـ بمنحه مخصص ذاتي (راتب شهري) ويعتبر أول شیخ قبيلة بالمنطقة يصرف له.
وكذلك كان يحظى بتقدير واحترام من قبل الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله رحمهم الله جميعا.

3- في عام 1393هـ حدث تأزم حدودي في مركز حدود المحافير الحدود السعودية العراقية وكان على مقربة من قرية أم الضيان وعلى الفور هب الشيخ أرشيد بن مجلاد وأبناه عبد العزيز وسعود
وعددا من جماعتهم وتسلحوا في البنادق واصطفوا صفا واحدا مع جنود المركز وقد نال هذا الموقف تقدير الدولة وقد جاء خطاب شكر من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل
سعود نائب وزير الداخلية في ذلك الوقت وشكر من أمير المنطقة صاحب السمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد أمير منطقة الحدود الشمالية آنذاك.

4- وفي أثناء حرب تحرير الكويت واستمرار القصف الجوي أرسل صاحب السمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة الحدود الشمالية المكرم ماجد بن ماضي السبيعي رحمه الله رئيس مركز العويقيلة لإبلاغ الشيخ أرشيد بن مجلاد الانتقال لمدينة عرعر حرصا على سلامته وسلامة أهل أم الضيان وبعد أن استلم بلاغ سموه الشفهي كان رد الشيخ ردا وطنيا مفعم بالتضحية الصادقة والامتثال المخلص للذود عن الوطن بكل غالي ونفيس قائلا : إذا كان الهدف الحرص على حياتي فأنا حياتي ليست أغلى من جنود الوطن المرابطين على الحدود , فأنا وأبنائي وجماعتي سنبقى في مكاننا مدافعا بكل ما نملك فداء للوطن العزيز وقيادته الرشيدة . وبعدها قام بزيارة أمير المنطقة صاحب السمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد آل سعود فاستقبله استقبالا حارا مقدرا بالموقف الوطني النبيل وصدر سموه أمره برقم أ / ش / 3038 / س وتاريخ 29 / 12 / 1412هـ بإهداء الشيخ ارشيد بن مجلاد بندقية من نوع جيم 3 تحمل شعار وزارة الداخلية ومائة طلقه وكافة قطع غيارها والسماح له بحملها .
5- وأثناء زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني ووزير الدفاع والمفتش العام , كان الشيخ ارشيد بن مجلاد على رأس مستقبلي سموه وبعد السلام عليه لفت نظر الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود إلى الحالة الصحية للشيخ ارشيد فقال له : صحتك ليست على ما يرام فرد الشيخ ارشيد أي نعم ياطويل العمر وعلى الفور اصدر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان أمره للأخلاء الطبي بنقل الشيخ ارشيد إلى مستشفى القوات المسلحة ومن ثم نقله إلى الولايات المتحدة الأمريكية مستشفى مايو كلينيك على نفقت الخاصة وقد امضى الشيخ ارشيد شهرين في رحلته العلاجية.

الشيخ ارشيد بن مجلاد رحمه الله إنسان : أنسه ايناس الناس ومساعدتهم والوقوف بجانبهم عند الحاجة , كما كان رحمه الله مثقفا ومرجعا توثيقيا لتاريخ وجغرافيا المنطقة وقد قصده الكثير من الباحثين ونذكر منهم : الدكتورا عبدالله بن ناصر الوليعي أستاذ الجغرافيا بجامعة الملك سعود حيث عمل مقابلة عام 1984 م في قرية أم الضيان وكان الدكتور يعد رسالة الدكتوراه بعنوان ( دور العوامل الطبيعية والبشرية في تدهور البيئة الطبيعية في وسط وشمال المملكة العربية السعودية في جامعة كاليفورنيا ريفير سايد وقد استفاد الدكتور / عبدالله من مقابلة الشيخ ارشيد والمعلومات القيمة التي حصل عليها منه وبعد مناقشة الرسالة حصل على الدكتوراه في ( بيئة المناطق الجافة إنسانا وطبيعة ) ولأهمية هذه المعلومات قام الدكتور بترجمتها للغة الإنجليزية والألمانية وقد أوصى الدكتور المشرف على الرسالة بتقديم الشكر إلى صاحب هذه المعلومات القيمة . كان الشيخ ارشيد يسعد بقدوم البادية في فصل الربيع حول القرية ويلتذ بإكرامهم والترحيب بهم باعتبار الناس شركاء في ثلاث الماء والهواء والكلأ وهذا ارتسخ في شخصيته قيمة الإخاء المجتمعي وقد التزم بهذه الصفة ابناءه من بعده ، رحل الشيخ ابن مجلاد عن الدنيا في عام 1415هـ ولكنه لم يرحل في قلوب أهل المنطقة . وقد ضربت أم الضيان الحدودية أورع مثال في مجاورتها الحدود الوطن طيلة ستين عاما لم يسجل عليها أية ملاحظة أمنية ، وتميزت بتفعيل الحس الأمني إلى واقع تطبيقي لجميع أهل القرية حيث أصبحت ثقافة متوارثة ينقلها الآباء إلى الأبناء حيث نالت الاحترام والتقدير والسمعة الطيبة في الممارسة العملية لدور المواطن بأنه رجل الأمن الأول وهذا ما نهجه أبناء الشيخ ارشيد وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز واخوانه وجماعته . وتستمر نهضة البناء والتقدم في وطننا الغالي الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، ومهندس الرؤية الوطنية المباركة 2030 صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد حفظه الله وسدد خطاه . ولنا نحن سكان منطقة الحدود الشمالية احتراما ومؤازرة لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن سلطان آل سعود أمير منطقة الحدود الشمالية لما يقوم به من عمل دؤوب في سبيل تطور وإنماء منطقة الحدود الشمالية ونحن كما يقول الشاعر أحمد شوقي : إن التعاون قوه څلوية تبني الرجال وتبدع الأشياء

معلومات تاريخية موثقة عن قرية أم الضيان

تعتبر أم الضيان جزء مهم من تاريخ منطقة الحدود الشمالية وتراث يمثل حقبة زمنية ومن خلال التقارير والإحصاءات الرسمية من قبل الجهات الحكومية يتضح بأن قرية أم الضيان في بداية تأسيسها كان بها عدد سكني كبير يتجاوز 4000 نسمة وأول مورد ماء حفر بها عام 1363 ه بعمق 90 م ماءه عذب , ومن ثم حفربها بئران آخران على عمق 250 م , ويوجد في أم الضيان ثلاث مدارس : مدرسة ابتدائية للبنين , ومدرسة متوسطة ومدرسة ابتدائية للبنات , كان أول مدير مدرسة للبنين الأستاذ أحمد الدرعان من أهل الجوف ومن المعلمين في ذلك الوقت سعید الغامدي , ودخيل الزهراني وكان بها عدد كبير من الطلاب يضاهي مدرسة محمد بن عبدالوهاب بعرعر في ذلك الوقت . كما أن بها مركز لسلاح الحدود يرأسه / محمد غازي العتيبي ومعه تسعة أفراد من سكان القرية وهمجبان الصعل الدهمشي و يوسف قاطع الدهمشي وصياح ويطي الدهمشي وقياض مسلم الشليخي الدهمشي و لطيف الحربي والصيقال الخمعلي و عقلا الخمعلي ومغير المحيني الدهمشي , وكان بها سوقا تجاريا كبيرا أسسه التجار العراقيون يضاهي الأسواق التي إنشاؤها بعرعر ورفحا والدويد ومن الذين أسسوه ( رحيم قاطع بن ناشي الغزالي وسعيد وعدالله المشهدي وشاكر المشهدي ومحمد علي المشهدي وناجي المشهدي و علوان القبيسي وعزيز القبيسي وصباح القبيسي ورجب القبيسي ) 9 ويتضح من خلال التقرير المعد من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة المعارف بأن أرض أم الضيان خصبة و زراعية حيث ذكر التقرير في عام 1384 ه نصه ( يتبين أن أرض المنطقة خصبة جدا بدلیل قطعة الأرض التي قام الأمير بزراعتها من فضلة الماء المتسربة من البئر الارتوازية في أم الضيان والتي تعطي انتاجا طيبا من الخضار والفواكه )
وشكلت أم الضيان رافدا من روافد السيل البشري المكون لسكان مدينة عرعر حيث يعد أكثر من نصف المدينة قدموا من أم الضيان ، كما إن مدارس أم الضيان تخرج منها طلابا حصلوا على مراكز عليا في الدولة وأطباء ومهندسين وقادة عسكريين نذكر منهم الدكتور محمد رشيد المجلاد رحمه الله ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود وكذلك اللواء ركن تركي بن حمود الدهمشي عضو مجلس الشورى حاليا وغيرهم الكثير من رجالات الدولة.