حصار الكابيتول


حصار الكابيتول



وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2762461.html

كثيراً ما نسمع أن العالم في عصرنا الحاضر ماهو إلا قرية صغيرة مترامية الأطراف، وبالتالي فإن التأثير والتأثر لابد أن يكون شيئاً مألوفاً وأمراً لا مفر منه إلى حد ما ، أحداث الكابيتول خلال تصويت الكونغرس الأمريكي لإقرار فوز جون بايدن كان لها وقع على العالم أجمع .

وبعيداً عن نظريات المؤامرة من هذا الطرف أو ذاك , فإن منع تويتر والفيس بوك وشبكات التلفزة الرئيسية للرئيس الأمريكي ترامب من التواصل مع الشعب الأمريكي يعيدنا إلى العام 2011 م وأحداث الثورات العربية حيث كانت كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تردد كل كلمة وكل حرف وحتى كل إيماءة ولو بسيطة تدعو للخروج والعنف والثورة في البلاد العربية , وفي ذات الوقت تحجب أي دعوات للتعقل ونبذ العنف .
والنتيجة كانت معروفة للجميع حيث تدمرت بلاد عربية وضاعت مقدراتها وتشرد الكثير من المواطنين العرب فأصبحوا بلا مأوي ولا وطن .
ليس دفاعاً عن الرئيس الأمريكي ترامب فكل مظاهر العنف يجب أن تكون منبوذة , ولكن الحصار الإعلامي الذي مورس عليه يحطم صورة الديمقراطية ويضع علامات استفهام كثيرة حولها .
حيث أن أصول الديمقراطية كما يسلم بها الأمريكان والغرب أجمع تعتمد وتقوم على الحرية المطلقة وعدم حجب أي رأي , ولكن ماحدث عكس ذلك تماماً .
ولكن تويتر التي أوقفت حساب ترامب تسمح للمرشد الإيراني بممارسة كل أشكال العنف والحث عليه وحتى التشكيك علمياً بلقاح كورونا ؟
وما يهمنا هنا أكثر هو وعي المواطن العربي ونظرته إلى وسائل الإعلام التي سبق وأن ساهمت في تدمير الوطن العربي ومساندة القوى التي ساهمت في تفكيك مفاصله .
حتى أن الإعلام الغربي قدم حزب الأخوان المسلمين كمنقذ وبديل جيد , إلى أن اكتشف المواطن العربي أن ذلك ليس بصحيح .
أحداث السادس من يناير وتعامل الإعلام الغربي معها نتج عنه صدمة مفيدة للمواطن العربي .
فهذا التعامل القائم على الحجب والمنع أشبه باللقاح الفكري الذي كانت تحتاجه الجماهير العربية لتعرف وتعي مجدداً أن الإعلام الغربي وتوابعه داخل العالم العربي يسير وفق أسس موجهه لتحقيق أهداف ومصالح غربية مؤدلجة .
لن نقول أن المواطن العربي سيعزف عن توتير والفيس بوك بعد حصارها للرئيس ترامب ولكن سيكون أكثر وعياً وإدراكاً أن ماقد يقرأه فيها مستقبلاً ليس هو ما يمثل الديمقراطية الغربية التي يبشر بها باقي شعوب الأرض بل هو مدخل لتحقيق المصالح الغربية في الوطن العربي بدون أن تأبه للاستقرار والأمان فيه .
ولو سألنا أي مواطن عربي في سوريا أو العراق أو ليبيا عن رأيه في الحرية التي يتبناها الإعلام الغربي فحتماً لن يجيب بالإعجاب أو التصديق لأنه لا يملك الوقت لذلك فهو أصبح يعيش في خيمة بالعراء مع أسرته أو تهدده المليشيات في منزله وأصبح الاستقرار من الأشياء المستحيلة في حياته وكل ذلك لأنه صدق وخدع بتهليل الإعلام الغربي للحرية المزعومة .


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com