فلسفة الشارع وحكايات الفكر


فلسفة الشارع وحكايات الفكر



حينما تعبر طريقاً من الطرقات تتداعى في ذهنك خواطر كثيرة؛ فتارة عنوان الحضارة والتقدم، وأخرى ذكريات العشق والهيام، وثالثة ذكريات لآلام وآلام….

ولكنني حينما فكرت وجدت أن الطريق (هي) التفكير؛ لأن لكل فكر طريقته أو حتى طرائقه، ومثل ذلك فالطرقات متعددة الأنواع والتفكير (لها) أنواع، فثمة طرقات رئيسية وواسعة وطويلة وأخرى ضيقة وقصيرة؛ ويكاد المرء يسير فيها بصعوبة بالغة، والأمر نفسه فيما يتعلق بالتفكير؛ فثمة عقول تفكر بطريقة عميقة وواسعة، وعقول تفكر تفكيراً ضيقاً ومحدوداً.

إذن لو فكرنا تفكيراً عميقاً لإيجاد العلاقة بين الطريق والتفكير لوجدنا علاقة ارتباطية قوية ومتينة بينهما، وهذا يتوقف على التجديد في القراءة للطريق والفكر في تغيير المقاييس العقلية التي عليها يجري الإنسان التفكير فهماً وحكماً واستشرافاً للمستقبل.
فهل يمكن الحكم من خلال النظر إلى طريق مرصوف بنظام وجودة عالية بأنه دليل فكر وتخطيط وتصور فعال لإدارة فعالة ؟ وهل العكس صحيح ؟
وهل يدل تصميم الطريق وتنظيمه على نوع الفكروالتفكير؟
وهل ثمة علاقة بين نظافة الطريق وفكر وتفكير أهل مدينة ما ؟
لا أريد أن أجعل السبب نتيجة أو النتيجة سبباً كما يفكر بعض الأشخاص، ولا أن أضع العربة أمام الحصان كما يردد الإنجليز في مثلهم.
إنني في هذا المقال لا اخترع (مفهومات) أو علاقات جديدة؛ بل أحاول القول: إن للطريق دلالاته في التفكير (رقياً وانحطاطاً).
إنك حينما تسافر إلى دول أو مدن راقية فإن (أول) فعل تفعله هو أن تلامس قدماك طرقاتها، وأول نظراتك تكون مركزة على طرقاتها، وعلى ذلك تكون خطواتك ونظراتك مقاييس عقلية للحكم على وجود عمل متقن، ومن ثم وجود إدارة فعالة تملك أدوات التخطيط والتنفيذ والمتابعة الجيدة، مما يجعلك تفكر (بأن) ثمة مؤشرات عالية الجودة على وجود الفكر والتفكير والتصور الفعال والتنفيذ المتسم بالجودة كخطوة أولى.
ثم تفتش في ثنايا الطرقات عن النظافة وإيجاد العلاقة الارتباطية بين نظافة الطرقات وأهل تلك البلاد، مما يطرح سؤالاً مهماً؛ هو:
هل النظافة التي تسود المدينة نتاج تفكير أهلها وساكنيها، أم أن النظام هو القائد في هذا المجال؟

إن فرضية الشارع والفكر يمكن أن يطبقها القارئ الكريم على أي مبنى، فلا تنسى عندما تدخل أي مبنى أو شارع أن تتذكر فلسفة بسيطة:
القضية تبدأ من شارع الفكر وتنتهي إلى فكر المستقبل …؟!
د. فرتاج الزوين
أكاديمي سعودي


1 ping

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com