جابر عثرات الكرام


جابر عثرات الكرام



وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2774656.html

الحياة مليئة بالقصص الواقعية والتي يستفاد منها ولها من التأثير النفسي الكبير على النفس البشرية عندما تعيش تفاصيلها ، يحكى أنه كان هناك رجل ميسور الحال يدعى (خُزيمة بن بشر) ينفق على كل فقير ومحتاج وغير محتاج حتى تبدلت به الأحوال؛ فأصبح فقيرًا معدمً ، ولم يقف بجواره أحد من الذين قدم إليهم ، فأغلق باب بيته عليه هو وزوجته حزيناً ، كان يحكم الجزيرة التي يعيش بها والي يدعى (عكرمة بن الفياض)، وكان يعرف خُزيمة بن بشر فسأل عنه فقيل له: افتقر خُزيمة وأصبح لا يملك قوت يومه وأغلق بابه عليه هو وزوجته فاندهش عكرمة وقال: افتقر خُزيمة الذي كان يعطي عطاءَ من لا يخشى الفقر؟ وخرج عكرمة الفياض ليلاً متخفياً، حتى بلغ دار خزيمة ثم طرق الباب ففتح خزيمة فأعطاه صندوقاً ، قال خُزيمة: ومن أنت؟ قال عكرمة: جابر عثرات الكرام ، وعندما فتحه خزيمة في الصباح وجدها أربعة آلاف دينار وخمسمائة، فشكر خُزيمة ربه وقضى دينه وأصلح حاله، وعندما رجع الوالي عكرمة إلي بيته وجد زوجته غاضبة ، وقالت له: لا يخرج الوالي في هذه الساعة إلا لزوجةٍ أخرى؟ قال: لا والله ، فأخبرها بالقصة وأستأمنها على حفظ السر ، وبعد فترة ذهب خزيمة إلى أمير المؤمنين سليمان بن عبدالملك فسأله: أين كنت يا خزيمة لم نسمع عنك من زمن فقص عليه القصة فقال الأمير: ومن جابر عثرات الكرام هذا؟ قال خزيمة: لم أعرفه ورفض أن يفصح عن نفسه ، قال الأمير: ليتك عرفته ، ثم أمر بمنح دنانير أخرى لخُزيمة، وأصدر أمرًا بإعفاء عكرمة الفياض وتعيين خُزيمة واليًا بدلا منه ، ورجع خُزيمة ودخل قصر الوالي وهو يحمل مرسوم العزل ، فقال عكرمة: كله خير ، ثم قال خُزيمة: أريد أن أحاسبك على مال المسلمين، فرحب عكرمة بذلك فوجد خُزيمة مبلغًا من المال غير موجود ، فقال خُزيمة: أين المال يا عكرمة ، قال: ليس معي ، قال: إذن رُده من مالك قال: لا أملك مالًا خاصًا ، فأودعه السجن، وعندما سمعت زوجة عكرمة بما حدث لزوجها الوالي المعزول، ذهبت إلى خُزيمة، وقالت له:يا خُزيمة ما هكذا يُجازي جابر عثرات الكرام ؟ فانتفض خُزيمة مفزوعًا قائلًا: هل هو عكرمة؟ يا ويلتاه يا ويلتاه.. وهرول إلى السجن وأخذ يفك الأغلال من عكرمة بيديه ويبكي، وعكرمة يسأله: ماذا حدث؟ ولماذا تبكي؟ قال خُزيمة: من كرمك وصبرك وسوءُ صنيعي، كيف أنظر في وجهك ؟فأمر خزيمة له بالكساء والغذاء، وعندما استوى عوده ذهب به إلى خليفة المسلمين ، فلما رآهم الخليفة قال: ما الذي أتى بك يا خُزيمة وأنت حديث عهد بالولاية؟ قال خزيمة: أتيتك بجابر عثرات الكرام، وأظنك كنت متشوقًا لمعرفته ، فاندهش الخليفة وقال: لقد أخجلتنا بطيب صنيعك وصبرك يا جابر عثرات الكرام ، فأمر لعكرمة بعشرة آلاف دينار، وأعاد تعيينه واليًا ، كم نسمع عن كريم اهانته الدنيا وتعثرت به سبل الحياة بعدما كان رجلاً غنياً بالمال والاخلاق والشهامة والكرم والعطاء ، ويحتاج إلى من يقف معه ويخرجه من ظلام الفقر وسور القلق والظروف السيئة ويعود به إلى مسرح الحياة من جديد، ولكن هل نجد من يقف مع مثل هؤلاء الكرام ويجبر عثراتهم دون أن يعرف احد عن عملهم وصنيعهم لهذا المعروف ولا عن شخصيتهم ،والذي يصنع المعروف يقيه الله من مصارع السوء .


1 ping

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com