حنين لعهد الطين


حنين لعهد الطين



عيادة خليل
عيادة خليل
 

إقرأ المزيد
حنين لعهد الطين
التفاصيل

وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2709570.html

لن أسرد عيوب المدينة وخصوصا بعد هذا التطور الهائل للحياة وتسارع الزمن وفتور المشاعر وكثرة القيود والملل الذي انغرس بالأرواح بسبب الانشغال بأشياء كثيرة تغتال العاطفة والشعور الصادق ….
كالوظيفة والدراسة والتجارة والتردد الممل بين دوائر الخدمات وترتيب الأوراق المختومة ، والاصطفاف بأكثر من طابور في اليوم الواحد ،،،،

سأعرض لب الموضوع
أنا واحد من الذين يشمئزون من المدينة مهما صغر حجمها ، ويحب القرية مهما قلت خدماتها ..

لأن القرى معشوقة العيون ، حبيبة القلوب ، مكشوفة التضاريس ، ملهمة الشعراء ، وصديقة الأدباء ، و محركة للفكر ، وصانعة للإبداع ، وهي مهد الإدراك ، الرؤى فيها صافية حيث الهدوء ،
وقلة الضجيج ، ووضوح السلوك ، وانتشار الطمأنينة ، وروعة الظل الذي يداعب إفطار الصباح مع صوت الديك ، و مرأى الأغنام والإبل وأنواع الطيور ، و جمال الأفق وصدق الغيم والمطر ، وابتسامة الجدات ، ودفء الأسرة ، وأغنية الأبواب ولحن النجوم والقمر ، وانسكاب نور الشمس برحلتها السرمدية طلوعا وأفولا …

القرية هي : قصيدة الحب المنساب على الجدران والأزهار والبشر و الطين …

الطفل بها غير مزيف كطفل المدينة الذي قتُتلت براءته بأشياء أكبر منه !!

حيث براءة العين ، وبشاشة الوجه ، وروعة المشية ، وصدق الضحكة ، تجده مغمورا بالسعادة مع لعبته البسيطة ….

القرية هي المكان الذي تمشي فيه دون خوف تعرف من ترى ويعرفك من يراك
الابتسامة فيها صادقة ، وفي المدينة مصطنعة .

لديك في القرية مساحة كبيرة لإشعال الشعور والتعايش معه وفهمه فهما جيدا حيث خصوبة الخيال والفكر النقي .
أما في المدينة فليس هناك وقت للشعور أصلا ….

من منا لا يأنس إذا زار قرية ، ومن منا لا يتذكر قريته الصغيرة أو مكان عشيرته وبيوتهم الخالدة في الذاكرة ….

هذا التوجُّد والحنين يأتي طبيعيا لأنه يعتبر هروب من الواقع الذي يعيشه أهل المدينة مهما كثرت زخارفها واتسعت شوارعها وتزايدت مبانيها وأسواقها ….

أخيرا تحية إجلال وإكبار للقرى ولأهلها الذين كنا نظنهم غير مدركين للتطور والتقدم حتى تبين لنا عكس ماكنا نعتقدع وفهمنا جيدا أن التطور الحقيقي ليس في المدينة بل هو في القرية لأنه تطور في الروح والفكر والرؤى والعقل والقلب والإدراك واحتواء الواقع وفهمه فهما جيدا
ما ينعكس على الروح ويشعل توازنها واستقرارها واندماجها مع المشاعر بصدق
وهذا هو التطور الحقيقي .

جميعنا يتفق أن المدينة بما فيها من كتل خرسانية قتلت ملكة التفكير والتفكر لدى سكانها فما عادوا يعرفون الشرق من الغرب ولا أسماء النجوم ولا خصائص المناخ ومواعيد الفصول إلا إذا استعانوا بالتقنية فصاروا بشرا تقنيين بلا تأمل .

لعل هذه الأبيات تعبر عن شيء
بما في المقال :

من الزمن الجميل قطفت وردا
لكي أهديه للزمن الجميل
أغلفه بأشواقي وحبي
وأختص الجليل إلى الجليل
عهودا سافرت ورمت حنينا
فضاق القلب من وجع الرحيل
تشكل طيفها وروى خيالي
وعاد الشوق للعهد النبيل
زمان فيه قد كنا صغارا
ونجهل بالمسافة و السبيل
وكان الغيم يكنفنا بحب
يجود بهطله فوق النخيل
وفي أحلامنا كنا ورودا
ونملأ فكرنا بالمستحيل
نعطر يومنا باللهو دوما
وما ندري عن الهم الثقيل
صدى أصواتنا يزداد حسنا
تجاوز حسنه صوت الهديل
ومن بسماتنا نروي عيونا
ونغرس في الدمى حب الفضول
على أقراننا صرنا ملوكا
ونرضى بالقليل من القليل
نعيش زماننا مرحا ولهوا
ونجهل بالكريم و بالبخيل


2 pings

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com