[ALIGN=CENTER]
[COLOR=blue]جامعة الغربان [/COLOR]
[COLOR=red]كنت أتساءل دائماً لماذا الغراب دون غيره من الطيور ؟ [/COLOR]
حينما جاء في القرآن الكريم في قصة ابني آدم عليه السلام إذ قربَّا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر فحسد قابيل أخاه هابيل، فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين. فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه. وقد جاء ذكر ذلك في الآيات 27-31 من سورة المائدة. قال تعالي :
“فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِن الْخَاسِرِينَ(30) فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(31)”
أما العلماء المختصون بدراسة علم سلوك الحيوانات فيفسرون اختيار الغراب دون غيره لهذه المهمة لأن الغراب هو الطائر الوحيد الذى يقوم بدفن موتاه بل وهو الوحيد (من بين الحيوانات والطيور) الذى يقوم بهذا الفعل. لذلك ارتبط الغراب بالموت والقتل منذ بعثه وعلي امتداد تاريخه حيث لاحظ العرب (وهم من الشعوب التي كادت أن تشوه سمعة الغراب) لاحظوا اجتماع الغربان حول جثث القتلي بعد المعارك ،فاعتبروه نذير الشؤم والفراق فأسموه غراب البين ، ومع ذلك احتفظ التراث العربي بسمعة حسنة لذكاء الغراب ، رغم شؤمه في نظرهم حيث تقول العرب في أمثالها:
أبصر من غراب وأحذر من غراب وأدهى من غراب ، ويقولون أيضاً :
أبكر من غراب لأنهم يزعمون أنه أشد الطير بكوراً، وأزهى من غراب لأنه إذا مشى يختال في مشيته ويعجب بنفسه، وأصفى عينا من غراب أو أصفى عيشا من غراب، وأشأم من غراب، وأفسق من غراب، وأشد سواداً من غراب .
ومن بين المعلومات التي أثبتتها دراسات سلوك عالم الحيوان محاكم الغربان، وفيها تحاكم الجماعة أي فرد يخرج على نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى لها ، وقد ورد تفصيل ذلك في كتاب ( من أيات الإعجاز العلمي للحيوانات في القرآن الكريم للدكتور زغلول النجار) ، وكتاب ( حياة الحيوان الكبري : كمال الدين محمد بن موسي الدميري) .
وهذا الطائر علم الإنسان أول درس له فى حياة البشرية بل ومازلنا نتعلم منه دروساً وعبراً كثيرة ً، مثل تعاون الذكر مع أنثاه وإخلاصه وحمايته لها طيلة حياته. ولا يتزوج الذكر مطلقا بأنثى أخرى طيلة حياته والتي تصل في بعض الأنواع إلى 21 سنة. ولكن هناك حالتين لزواجه من أخرى وهى عندما ينتظر فقس البيض الذي وضعته الأنثى فإذا لم يفقس البيض فيترك كل منهما الآخر ويبدأ في البحث عن زوج آخر.وقد يلجأ أيضا للزواج من أخرى عند موت زوجته!
يا الله إن الغراب ذلك المخلوق الضعيف يعلمنا اليوم دروساً في المحبة والمودة والإخلاص بين الزوجين وإنه عندما يبحث عن أنثى أخرى للزواج منها فيكون لسبب قوى وقهري وهو إما للحفاظ على نوعه وذريته أو لوحدته بعد موت زوجته ، و ليس للبحث العبثي عن ملذات الجسد المغلفة بزواجات من نوع (مسيار ،مسفار ، الفريند) والقائمة تطول .
والغربان تؤمن بفطرتها التي وهبها لها الله عز وجل أن الكثرة تغلب الشجاعة والقوة. نعم فالغربان طيور ضعيفة بالمقارنة بأعدائها من الصقور والبوم والتي تنشط ليلا ً وتفترسها ، لهذا تعيش الغربان في تجمعات كبيرة ترهب بها أعدائها من الطيور الأخرى حيث تبدأ الغربان بإصدار نعيقها المرتفع المستمر قبل غروب الشمس لتتجمع من جميع الاتجاهات وتبدأ كل جماعة بالسكون والاستعداد للنوم داخل أعشاشها والتي تحوي ـ عادةً ـ أوراق متراكمة من الأشجار والريش وأغصان وأعواد جافة وأشياء أخرى ذات ألوان جذابة زاهية. سبحان الله إن هذا المخلوق يحب ويقدر الجمال .
والغربان التي نتهمها بأنها مصدر الخراب والنحس قد تفوقت على الكثير من بني البشر فنحن لا نرى عشاً من أعشاشها إلا وتسكنه روح الرحمة والمودة والحب والتعاون بين أفراده ، فالغراب علم الإنسان (المغرور بنفسه) الدرس الأول ، ولا يزال يعلمه الدرس الأخير ، ومن يريد أن يشاهد درساً جديداً لذكاء الغراب أدعوه لمشاهدة هذا المقطع :
[URL= http://www.youtube.com/watch?v=IyScMqK_6dA] http://www.youtube.com/watch?v=IyScMqK_6dA[/URL]
[COLOR=blue]منيف خضير[/COLOR]
Mk4004@hotmail.com
[/ALIGN]
