الشماغ والعباءة والهيئة


الشماغ والعباءة والهيئة



[ALIGN=CENTER][COLOR=blue]الشماغ والعباءة والهيئة [/COLOR]
منذ أن انزاحت غمة حرب الخليج الثانية (غزو الكويت) بدأت مناطق الخليج العربي والجزيرة العربية تشهد تغيرات ملحوظة على الصعيد الاجتماعي وعلى الصعيد الإعلامي ، هذا الانفتاح طال كل شيئ تقريباً بدءاً بالعادات الاجتماعية وانتهاء بالشماغ العربي الأصيل الذي تنسجه الأنامل الإنجليزية .

وكان أول تغير طال هذا الشماغ العربي الشامخ هو إضافة خطوط مذهبة وفضية على خطوطه الخلفية ليراها الرائي من الخلف ربما خجلاً من هذا التغيير الغريب على المجتمع ، بعد ذلك تمرد الشماغ العربي على خطوط الطول والعرض فظهرت أشكال جديدة كل يوم ، وظهرت ألوان زاهية مختلفة ، ربما طوح البعض بهذا الشماغ تاركين للهواء الطلق حرية المرور على فروة رؤوسهم التي خنقتها هذه الألبسة القطنية ، والبعض فضل العودة مرة أخرى إلى موديل أول شماغ تم تصنيعه فعاد وكأنه موضة جديدة .

لم الغرابة هذه سنة الحياة لا يبقى شيئ على حاله ، ومن لا يتجدد يتبدد كما يقال.

بالأمس القريب طالعتنا بعض الصحف بخبر نشر على صفحتها الأولى يقول “”الهيئة”” تصادر العباءات «المطرَّزة» من الأسواق وفي ثنايا الخبر أن الهيئة صادرت عباءات مطرزة من أسواق الرياض تخالف ما تعارفت عليه الهيئة من قواعد الحشمة ، فيما برَّرت «الهيئة» هذا التصرّف على لسان المتحدث الرسمي لهيئة الرياض الدكتور تركي الشليل بأن ما قام به رجالها هو تطبيق للتعليمات التي تنصُّ على سحب وتحريز العباءات المخالفة للمواصفات التي سبق إبلاغ أصحاب المحلات بها.

يا لقدر هذه العباءة الأسود !

كل شيئ تطور إلا هذه العباءة التي ترفض الهيئة تطورها مثل شقيقها الشماغ ، وربما خشيت الهيئة أن يكون مصيرها مثل مصير شقيقها الذي تزحزحت مكانته فوق تسريحات (الكدش) .

ثمة أشياء كثيرة نعتادها ، ثم نكتشف أنه من الصعوبة التخلص منها ، بل ثمة من يرى أن هذه الأفكار ذات مدلولات أيديولوجية تحتاج إلى إقصاء على أقل تقدير . ولم نفكر في كيفية التقاط المرأة لأنفاسها في درجة حرارة تصل إلى خمسين درجة في الظل وهي ترتدي عباء ة سوداء اللون !

لست متحمساً لأي من اللونين الأسود أو الأبيض في اللباس سواء للمرأة أو للرجل ، ولكن بالنظر إلى مدلولات هذه الألوان في بعض المجتمعات ستتغير كثير من الأفكار إزاءها ، دعوني أتساءل لماذا ترتدي المرأة عباءة سوداء اللون تحديداً ، لماذا لا ترتدي مثلاً لوناً أبيضاً أو أخضراً أو أزرقاً لا يكون ملفتاً ولا يخرق شروط اللباس الإسلامي ، ألسنا بحاجة إلى ألوان فاتحة لا تجذب الشمس الحارقة التي تكتم الأنفاس في بلادنا؟

حسناً سأصارحكم بحبي للون الأزرق هل يعني ذلك أنني أعشق نادي الهلال على سبيل المثال؟ بالطبع سيكون هذا أول ما يتبادر إلى الذهن إذا كنا في وسط مهووس بالرياضة ، وهكذا تقاس الأمور بحسب فكر المجتمع وهوسه ، وإلا ما فائدة اللون الأسود حتى ترتديه النساء على شكل عباءة في هذه الأجواء الحارة ؟

وموضوع جدلية الألوان يقودني إلى أعظم كتاب موجود لدينا وهو القرآن الكريم ؛ حيث ورد ذكر اللون ومشتقاته تسع مرات في سبع آيات كريمة في القرآن الكريم ، كما ورد اللفظ صراحة مرة وورد إشارة مرة أخرى كما في قوله (وردة كالدهان) ، وورد ذكر اللون الأسود في أربع سور قرآنية وهي وصف للكفار والمجرمين والمنافقين ، بينما الرابعة تصف توقيت الإمساك عن الطعام في رمضان ،واللون الأبيض ورد في تسع آيات كريمة ، ودل علي الصفاء والخير والمشاعر الإنسانية ، وهو لون الكفن ولباس الإحرام ، وثمة ألوان كثيرة وردت في القرآن الكريم مثل الأزرق والأحمر والأصفر ، قال تعالى على سبيل المثال “( قال أنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ) ” سورة البقرة، 69″”واللون الأخضر مكرر ثمان مرات ويدل علي النضارة والجمال والشجر والبساط والثوب وغيرها من المعاني الجميلة ، وهو اللون الأكثر متعه في القرآن الكريم .

وبغض النظر عن مدلولات الألوان ـ كما أسلفت ـ ، فلماذا لا يتم إعادة النظر في موضوع لون العباءة النسائية ـ تحديداًـ لعدة أسباب من أهمها أن الأسود كما ثبت علمياً من أكثر الألوان احتفاظاً بالحرارة ومنطقة الخليج عموماً مناطق حارة جداً فالغطاء يشبه التنور ، إضافة إلى أنه لون ملفت للأنظار، فلو سافرت المرأة المتحجبة إلى بلاد أخرى يكون زيها الأسود ملفتاً بين الأزياء الملونة ، بعكس الألوان الأخرى التي تتماشى مع السائد في معظم بلدان العالم ، وكما تعلمون فالبعد عن لفت الأنظار أيضاً مقصد إسلامي مهم ، فإذا كان اللون الأسود الكئيب مجرد عادة لا تمت للدين بصلة فلماذا الإصرار عليه ؟ أليس الفيصل في ذلك هو اللباس الإسلامي المحتشم الذي يستر المرأة ويحقق الغاية منه أياً كان لونه؟

متى تتمرد العباءة على اللون الأسود ؟

[COLOR=royalblue]أ. منيف خضر[/COLOR]
مشرف تربوي ومحرر بجريدة الجزيرة برفحاء
[/ALIGN]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com