ثقافة الإيمو


ثقافة الإيمو



[ALIGN=CENTER][COLOR=blue]ثقافة الإيمو [/COLOR]
تفاجأت “الأبلة” ذات الاتجاه الراديكالي بوجود عبارات تملأ جدران المدرسة الثانوية التي تقبع في قرية يكتنفها الظلام ، وأشارت أصابع اتهام الفتيات المراهقات إلى زميلتهن المتحررة نوعاً ما والتي كثيراً ما تخرج رسغها كتعبير عن مكنوناتها التي لا تختلف كثيراً عن ظلام قريتها البائسة ، فكرت الأبلة بالاتصال بشيخ القرية لاستشارته في هذه الظاهرة التي بدأت تتفشى بين أوساط المراهقات ، فسألها الشيخ ذو البنية السمينة :
هل ترتدي هذه الفتاة ملابس غريبة أو ضيقة ؟
وهل تسرح شعرها بطرق ملفته ؟
وهل عندها انترنت ؟ وهل تملك طبقاً (دشاً ) فضائياً؟ .. وبدا الشيخ يسترسل بأسئلته الكثيرة ، توصل بعدها أن هذه المراهقة من جماعة (عبدة الشيطان) والتي اجتهد في العثور على تفسير علمي لها ( مجموعة من المعتقدات المترابطة والظواهر الاجتماعية التي تتضمن التمجيد أو الإعجاب بالشيطان ) ، وطالب “الأبلة” فوراً بإبلاغ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن هذه المراهقة التي يجب أن تأخذ جزاء تحالفها مع الشيطان عبر ضمها لكثير من الفتيات إلى حزب الشيطان ، ولكن “الأبلة” على غير عادتها في مخالفة تعليمات شيخها ومرجعها العلمي ، قررت أن تتريث قليلاً وتبحث في معنى كلمة وجدتها تتكرر مكتوبة على الجدار “إيمو” ، هذه الكلمة التي شكلت تحولاً في فهم الأبلة ومراهقتها ، قامت الأبلة ـ يدفعها الفضول ـ بسؤال أحد المختصين في علم النفس والاضطرابات النفسية عن وضع هذه التلميذة ـ والتي لم تكن سيئة على أية حال ـ فتفاجأت بالمعلومات التي أرسلها لها الطبيب النفسي والتي تختلف تماماً عن عقلية شيخها الذي ضم هذه المراهقة لحزب الشيطان ، وأخبر المعلمة بضرورة عقد جلسات مصارحة لهذه الفتاة بهدف التعرف إلى وضعها العائلي وظروفها الأسرية ، وأخبرها أن ظاهرة ” الإيمو ” تنشأ عند مراهقينا لأسباب قمعية أسرية في الغالب ، وهي ليست جماعات دينية كما قد يعتقد البعض ، ولا علاقة لها بعبادة الشيطان ، ويقوم بها مراهقون من ديانات مختلفة ، ولا يمارسون طقوساً دينية معينة ، وأضاف الطبيب ـ يشرح للمعلمة عن هؤلاء ـ بعد أن قررت هذه المعلمة أن تتبنى قضية هذه المراهقة ، وكان مما قاله لها الطبيب أن ثقافة الإيمو توقع لها الكثيرون أن تنقرض ، ولكنها تفشت في مجتمعات متباينة ليس ثمة روابط اقتصادية أو دينية بينها ، وشهدت رواجاً مع ثورة الاتصالات والانترنت وغزت الرسوم المتحركة أيضاً ، وكان علماء النفس يضعون أيديهم على قلوبهم من إمكانية انتحار هؤلاء المراهقين ولكن ثبت العكس ، فهم في الغالب يريدون لفت الأنظار لواقعهم الحزين ، ومن المعروف أن الثقافة القوية تفرض نفسها على الثقافة الأضعف وهذا ما فسر انتشار هذه الثقافة بين المجتمعات البدائية والفقيرة والغنية أيضاً على حد سواء ، وهذه المشاعر التي تكتنف الإيمو هي ذاتها الموجودة عند كل من يعاني من الاضطرابات والميول الانتحارية ، فتجدهم في الغالب يستمعون إلى موسيقى الأيمو والروك والبانك ويرتدون الملابس الفاقعة وتنتشر بينهم الأشعار والقصائد الحزينة ، وتجد الواحد منهم يخفي واقعه المأساوي خلف ابتسامته الحزينة ، بينما هم طيبون ولكنهم شديدو الحساسية، وطمأن الطبيب النفسي هذه المعلمة المخلصة إلى أن ثقافة الإيمو ترتبط بسن المراهقة ولا تلبث أن تزول فيما بعد .
أخذت ” الأبلة ” هذا الكم من المعلومات العلمية ، وقررت فتح ملف من الصداقة مع هذه المراهقة وعاهدتها على الحفاظ على السرية التامة ، وفوجئت بعد عدة جلسات أن مراهقتها تعيش وضعاً أسرياً مأساوياً ، وتعاني من عنف أسري أدى بها إلى ما وصلت إليه ، كل ما تريده أحياناً والحالة كذلك هو الحوار والصدق فقط مع من حولها، هؤلاء (من نطلق عليهم الإيمو) يريدون من يستمع إليهم ، هكذا حدثت نفسها هذه المعلمة والتي قررت إشراك فتاتها في جماعة التوعية الإسلامية بعد أن تحولت إلى مسار آخر لا ينتمي إلى حزب الشيطان ، وتذكرت شيخها الذي كاد أن ينهي ما تبقى من أمل في الحياة لهذه الفتاة التي لا تعرف شيئاً اسمه (حزب الشيطان) و (حزب الله) !
والخلاصة أننا في المدارس الثانوية بحاجة إلى مرشدين طلابيين حقيقيين ، لا إلى موظفي سجلات .
كم من معلم فعل مثلما فعلته هذه ” الأبلة ” ؟
إذا وجدت ابنك أو ابنتك تعتنق ثقافة الإيمو ، هل تتركها لشياطين الأنس والجن ؟ أم تعالجها بالحب والرحمة ؟
وقضايا العنف الأسري هي السبب فيما حل بسلوك كثير من مراهقينا دون أن نكلف أنفسنا أن نسألهم عن سبب هذه السلوكيات المرفوضة .
أيها التربويون حتى الشر يمكن أن نحوله إلى خير محض بشرط أن لا نصنف أبناءنا وبناتنا (المتمردين على واقعهم ) إلى أحزاب شيطانية .

[COLOR=blue[ALIGN=RIGHT]]أ. منيف خضير[/ALIGN][/COLOR][/ALIGN]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com