دعم البرامج الرقابية يرافق موكب الملك البهيج


دعم البرامج الرقابية يرافق موكب الملك البهيج



[ALIGN=CENTER][COLOR=blue]دعم البرامج الرقابية يرافق موكب الملك البهيج[/COLOR]
لماذا كل هذا الحب؟ سؤال بسيط ومتداول يحضر بهدوء إلى ذهن التلقائي مثلما يخترق أعماق المثقف، لكن إجابته لا يوفق فيها كل من زاحمت بوادر إجابته المتسرعة نهايات سؤاله. من السهل أن نسمع أحاديث الحب التي تكيلها بعض وسائل الإعلام في كثير من الدول لقيادتها، وما أن تزل بهذه السلطة قدم حتى يتسابق مادحوها إلى شتمها، ومن زاوية الرؤية المتطرفة نفسها.
ما يبهر، هنا، أن العاطل عن العمل لا يقل حباً عمن يستريح إلى راتب شهري جيد يسيّر به حاجات حياته.. فما السر إذاً؟ أتخيل أن نقاء الملك و”حسن النوايا” التي يتمتع بها في شراكته مع شعبه هما السرُّ. فالشعوب العربية، وكثير من العالمية أيضا، لا تنقصها خطابية “رنانة” ولا كلام “معسول”، لكنها محرومة من أن ترى “دمعة” صادقة في عين قائدها لتطمئن على مستقبلها، هذه الدمعة تؤكد أن القائد شديد الحب لشعبه، مخلص له، ولهذا لا تترصد الشعوب التي تحظى بصدق السلطة حركة قيادتها ولا سكناتها، ولا تحاسب على نقص الإمكانيات المنفذة، لأنها تلتمس العذر وتفسر الأمور بمنظار ” النوايا الحسنة” نفسها. الشعوب-على اختلافها- تحتاج مثل هذه الدمعة النبيلة، حاجتها إلى لحظات الحزم التي تحفظ لها أمنها وطمأنينتها أيضاً. لكن كثيراً من هذه الشعوب محرومة من نعمة هذه “الدموع” الثرية، لأن عروش السلطة على خصام-في الغالب- مع هذا النوع من المواقف التي لا تؤمن بها.
إذا ليس غريبا أن يحب الشعب قيادته الإنسانية ويبتهج بها هذا الابتهاج الخلاب، وليس غريباً، أيضاً، أن تحضر مع حضوره البهيج قرارات هادفة مثل زيادة البرامج الرقابية. وعلينا ألا نفهم أنها مجرد وظائف استحدثت لتحتضن العاطلين من العمل، بل هي مؤشر رائع لموقف منتظر، وهو اختراق حواجز الفساد الإداري والمالي الذي أضر بالوطن وبأبنائه، وقام على تنعم أفراد انتهازيين، حري بأن تكفي قيمة الساعة التي يضعها أحدهم في معصم يده قوتَ يتامى أسر عدة، لعام كامل أو يزيد.

جدير بالملك الإنسان الذي عرف بصدق سريرته أن يخترق تلك القداسة التي أحيط بها بعض الانتهازيين حتى غدا نقد فعلاتهم من “المحرم” الذي لا يمكن اقترابه.. وهي قداسة صنعت في غفلة من الزمن، وتحت مبررات ماكرة، وكأنما غرسوا بيننا أن التشهير ب”لص” يسرق المشاريع، أو ينهب أموال الدولة خلسة وتحت غطاء من الأوراق المزيفة- أمر يغض من شأن الدولة وهيبتها، مع أننا نجد أن مثل هذه المواجهات مع الأخطاء، والأخطاء نفسها، تحدث في أنبل عصور أمتنا، ويواجه بها خليفة راشداً عادلاً، فلا يرى فيها غضاضة، بل يعدها منقبة.. هذا يزيد بن الصعق يقف بين يدي الخليفة عمر بن الخطاب ليعلن له أن من بين ولاته من يسرق مال الدولة، وليس واحداً، بل هم كثر، ثم يطرح في نهاية قصيدته سؤالا وجيها مفاده:
نؤوب إذا أبوا ونغزو إذا غزوا فأنى لهم وفر ولسنا ذوي وفر إذا التاجر الهندي جاء بفأرة من المسك راحت في مفارقهم تجري وهو سؤال خطير: حيث تتساوى المناصب، ويتقارب الدخل، لكن المفارقة هي أن يغتني قوم حد الرفاهية التي تجري فأرة المسك في مفارقهم، ويجوع آخرون، فكيف ذلك؟

ويستمر الشاعر في خطابه لعمر -رضي الله عنه- واصفا له طريقة حسابهم:
فقاسمهم نفسي فداؤك إنهم سيرضون إن قاسمتهم منك بالشطر ولم ير ذلك الخليفة الذي ترتعد فرائص الناس لهيبته، أن هذا طعناً في قيمته أو قيمة دولته، بل رأى أن ترك هؤلاء هو الإخلال، فنكل بهم. وهذا كعب بن معدان الأشقري، يشكو بعض الولاة من “لصوص المشاريع وأموال الدولة” للخليفة الرائع العادل عمر بن عبد العزيز، وهو على المنبر، وعمر هذا كان يُوِّلي المختلف عقديا، إذا ثبتت له عدالته: إن كنت تحفظ ما يليك فإنما عمال “البلاد ذئاب لن يستجيبوا للذي تدعو له حتى تجلد بالسيوف رقاب وعدَّ عمر، وهو المجتهد في عدله، ذلك تجويداً لأسس دولته، لا وضعا من شأنها، وهذا هو الذي حفظ لعمر وعمر خلوداً “محترما” عبر الأجيال المتعاقبة وعلى امتداد تأريخ أمتنا.

[COLOR=blue]سيدي[/COLOR]: إن شعبك الذي انتظر عودتك على أحرِّ من الجمر ينتظر تفعيل الجهات الرقابية وبرامجها التي تهدف إلى قمع الفساد، على أحر من الجمر أيضاً، لأن في كل منطقة من مناطقنا “جدة” أخرى تأخذ شكلا مختلفا وغطاء مختلفاً وتغرق بغير سيول. وكل أبنائك الذين تشوقوا لـ”سلامتك” الغالية، يحلمون بأن يكون اجتثاث دابر الفساد المالي والإداري الذي أضر بمصلحة الوطن بيديك “النقيتين”. حفظك الله أيها الملك العادل من كل مكروه.

[COLOR=blue][ALIGN=RIGHT]أ. صغير غريب العنزي[/ALIGN][/COLOR][/ALIGN]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com