التهاون بالمنكرات


التهاون بالمنكرات



[CENTER]التهاون بالمنكرات [/CENTER]

ــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله وبعد :

[JUSTIFY]قال الله تعالى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}
فذكر تعالى الظالم لنفسه وهو الذي وقع في بعض الذنوب بترك بعض الواجبات أو الوقوع في بعض المعاصي والمحرمات التي هي دون الشرك ، ثم المقتصد وهو الذي فعل الواجبات وترك المحرمات ، ثم السابق بالخيرات وهو الذي فعل الواجبات وترك المحرمات والمكروهات ونافس في فعل المستحبات.
وهؤلاء بلا ريب ليسوا على درجة واحدة في الإيمان، ولا شك أن الظالم لنفسه أنقص إيماناً من المقتصد، والمقتصد أنقص إيماناً من السابق بالخيرات .
ومع انقسام الناس إلي هذه الأصناف الثلاثة التي ذكرها سبحانه إلا أني سأقف مع صنف قد انتشر بين الناس في هذا الزمان وهو { الظالم لنفسه } لما روى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثَلَاثًا قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ولما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”.

وفي حديث معاذ بن أنس الجهني عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل إيمانه”
فإن الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان والله سبحانه وتعالى يقول في سورة التوبة { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } والنبي صلي الله عليه وسلم يقول كما جاء عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (1) رواه البخاري ومسلم .

وفي هذا الحديث الشريف وجوب محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه، لأن نفي الإيمان عن من لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه يدل على وجوب ذلك وأعظم ذلك أن تُعينهٌُ على الخير وتنهاه عن الشر ومن أعظم الشر السكوتً على المنكرات وترك البيان لنصح العباد ، وهذا لكثرة صور النفاق التي انتشرت والتي نراها بين الفينة والأخرى من بعض المرجئة الذين هونوا عند الناس فعل المعاصي وترك الطاعات ، وهذا كله ناجم عن ضعف إيمانهم ، ولما استحوذ عليهم الشيطان كما في سورة المجادلة { اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } وأعظم ما يعين العبد على الفرار من الشيطان هو ذكر الله الذي هو روح القلوب وسلوة النفوس المؤمنة ، ولما لذكر الله من الإعانة على الخير والثبات على الدين لذلك كان الشيطان هو العدو اليقظ للمؤمن خصوصاً وللمسلم عموماً لذلك قال تعالى { اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ } لكن ما نتيجة هذا الاستحواذ قال الله{فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} وماذا ترتب على هذا النسيان لذكر الله { أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ } لكن يسأل المؤمن ما مصيرهم { أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } لكن السؤال ما الفعل المشروع والطريق المحمود لإرشاد من غفل عن طريق الهدى والنور هي الوصية الربانية , ولهذا شرع الله لنا الاستعاذة منه كما جاء في سورة المؤمنون {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ } ما هي همزات الشياطين جاء عند أهل التفسير (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ) أي: أمتنع وأعتصم بك, (مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) قال ابن عباس: نـزغاتهم. وقال الحسن: وساوسهم. وقال مجاهد: نفخهم ونفثهم. وقال أهل المعاني: دفعهم بالإغواء إلى المعاصي, وأصل الهمز شدة الدفع.

والله سبحانه خاطب عباده المؤمنون وحذرهم من الإنزلاق في خطوات الشيطان وجاء في سورة النور { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } وفي قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) يعني: طرائقه ومسالكه وما يأمر به، ( وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) : هذا تنفير وتحذير من ذلك، بأفصح العبارة وأوجزها وأبلغها وأحسنها.

وجاء عن ابن عباس: ( خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) : عمله. وقال عكرمة: نـزغاته. وقال قتادة: كل معصية فهي من خطوات الشيطان .
والوصية بترك المعاصي والحرص على زيادة الإيمان بالأعمال الصالحة ومن أعظم الأعمال الصالحة ما وصى به تبارك وتعالى في سورة التوبة { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } والحذر الحذر من المداهنة في دين الله ومجالسة أصحاب المنكرات الذين هم والله أعوان الشياطين لأن مجالستهم من أهم أسباب نقصان الإيمان ونقصان الإيمان سبب كل بليه وباب لكل رزية نعوذ بالله من الخذلان , وإذا نقص إيمان العبد ضعف حب الله واليقين بلقائه وتعظيمه والخوف منه كما أنه ينقص إيمانه بارتكاب ما حرم الله عز وجل عليه، وكذلك المعصية تضعف إيمان القلب والقلب يضعف عمل الجوارح، وهذا شيء يدركه الإنسان المسلم المنتبه لآثار أعماله، فإنه إذا أطاع الله تعالى فإنه يشعر بقوة الرغبة فيما عند الله والحب له وانشراح الصدر للإزدياد من الطاعات وكذلك إذا أخل بواجب أو عصى الله عز وجل فإنه يشعر بضعف إيمانه ويقينه وضعف رغبته فيما عند الله تعالى، كما يؤثر ذلك أيضا على إنبعاثه للطاعات فلا يجد نفسه مقبلا عليها راغبا فيها بسبب معصيته، كما أنه سيشعر بضعف في مقاومة المفاسد والمعاصي وقد يقع فيها مرة بعد مرة إذا لم يتداركه الله برحمته وهدايته. وهذا مصداق ما روي عن عبد الله مسعود رضي الله عنه قال: “إن الرجل ليذنب الذنب فينكت في قلبه نكتة سوداء ثم يذنب الذنب فتنكت أخرى حتى يصير لون قلبه لون الشاة الربداء, وما روي عن عطاء بن رباح قال: ليس إيمان من أطاع الله كإيمان من عصى الله .

وتذكر قولة تعالى في سورة الحديد {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا …[/JUSTIFY]

كتبه
[COLOR=#0847CA]محمد بن رضا الطلقي
12 /9/1432هـ
[email]mhmd0072@gmail.com[/email]
[url]http://www.facebook.com/?ref=home[/url]

[/COLOR]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com