حتى لاتغرق السفينة


حتى لاتغرق السفينة



في سالف الزمان الجميل، كان يأتي الطفل من المدرسة ويتناول الغداء مع والديه واخوته على مائدة واحدة ،ويذهب الأب لأخذ القيلولة ،والام التي لاتعرف غير بيتها والاهتمام بزوجها واولادها ،تحث اولادها الصغار على حل واجباتهم ،حتى يتمكنوا من اللعب مع اولاد الجيران بعد صلاة العصر، وفي ذلك الوقت تعد الأم وجبة خفيفة لصغارها حتى لايجوعوا اثنا اللعب .يتجمع اطفال الحي في الملعب ،ويتناوبون الدور والمسؤلية في قضية من اهم قضاياهم الا وهي مشاهدة المسلسل الكرتوني المخصص للاطفال بعد الساحة الخامسة،ثم برنامج افتح ياسمسم ،ووظيفة هذا المراقب المناوب هي الصياح باعلى صوته اذا بدأت مقدمات المسلسل الكرتوني،واضعاً كلتا يديه على فيه حتي يجعل صوته يتجه الى زملائه ولايتشتت قائلاً:( جراندايزر …..جرانديزر…)،وفي ثواني معدودة يتجة الجميع الى بيوتهم وتخلو الساعة تماماً ، ليس مهم النتيجة، كان اللعب من اجل المرح والتسلية ،وعندما يأتي عرض لمتعة اكبر يذهبون الى المعروض والمتمثل في المسلسل الكرتوني ،وهكذا يعودون من الغد بهمة ونشاط ليواصلوا لعبهم البرئ ،كانت الألفة تسود الحي ،الصغار يحترمون الكبار ،والكبار يحرصون على تنشئة الصغار على التواصل ،والمحبة ،والتعاون .وفي حال مخالفة الطفل لقوانين المجتمع العادلة ،يؤدبه ،ويعضه ،ويوجهه وربما يصل الى ضربه اي من الجيران ،فالصلاحيات للجميع من اجل اصلاح اطفال الجميع ،النية طيبة ،والمصلحة مغلبة،والشاذ منبوذ ،والنتيجة تخرج اجيال يضرب بهم المثل في الاخلاق ،والرجولة ،ومقارعة الخطوب .رجال قدروا المسؤولية التي القيت على عواتقهم ،فحفظوا الامانة واخلصوا العمل ،ولم يضيعوا اوقاتهم هدراً ،فلله درهم .

 

اما اليوم ،فقد اقتيلت الطفولة العربية بيد اعدائها ،وتمويل ودعم ابنائها ،قنوات فضائية تملأ الكون ،وعيون من تقليب تلك القنوات اصيبت بالحول ،وعقول اصيبت بالكسل ،وهمم اصيبت بالفتور ،وفتن على مدار الساعة تمور ،والمصلح في حزن على حال الامة ، والعدو في سرور، قنوات موجهة للأطفال عربية عربية من الصميم وفيها مايخدش العقيدة وما يخدش الحياء ،جميع الفرق الضالة تجمعت من اجل اطفالنا ،قنوات وافكار ،ومكرُ كبار ، غزونا بلباس الاسلام والسنة،وهم على نهج السلف يشهرون الأسنة ،ناهيك عمن خرج عن دائرة السنة من المبتدعة والغلاة ،والى الله المشتكى .

واذا اراد الاب منع اولاده من تلك القنوات يستطيع ،ولكنه لايستطيع ان يمنعهم من الذهاب الى جيرانهم ، واعمامة ،واخوالهم ،وابناء العم ،وابناء العمة ،وابناء الخال ،وابناء الخالة ،وصديقهم .فينشاء صراع داخلي لدى الطفل الذي كل مايهمه اشباع نزواته ورغباته، بان ابيه لايحبه حيث حرمه من تلك القنوات التي يتمتع بها اقرانه من عصبته واصدقائه ، ويتسأل وان لم يبدي تسأله لخوفه :هل ابي على حق وكل هؤلاء على باطل ؟

كان الله في عون الاب المصلح في هذا العصر .

فهذا الطفل لم يعرف ولم يقرأ ويفقه في كتاب الله ،فالله عز وجل لم يثني على الكثرة ،بل امتدح عز وجل القلة الصامدة الصابرة على الحق .فالفرقة الناجية لايضرهم من خذلهم ،فطريقهم واضح ومنهجهم رباني ولاينظرون الى الهالك كيف هلك ،ولكنهم ينظرون الى الناجي كيف نجى ، جعلنا الله واياكم منهم بمنه وكرمه عزوجل .

الا ليت شعري ،بان توفق هذه الدولة المباركة الى حجب القنوات الفضائية التي افسدت البيوت ،وجلبت الى القلوب الموت ، واصابة الفطرة السليمة بمقتل ، أحيت التعصب الأعمى ،وفترت أخوة الدين ،فأنتكست الفطر ،وقل نزول المطر ،حتى انهم لولا البهائم لم يمطروا ،تجد احدهم يمر بالمنكر او يشاهده بتبلد احساس ربما لاينكره حتى في قلبه ،من كثر المساس الذي يميت الاحساس .ويتربى الابناء والبنات على مبادئ تلك القنوات ،يوجهونهم كيف شأوا كالعجينة في يد الخباز .

ورغم انتشار تلك الشرور الا ان الخير ولله الحمد لايعدم من هذه الامة المرحومة ،فتوجد قنوات توجهاتها طيبها وتوجيهها هادف ،ولكنها قليلة ،وتشويق الاطفال اليها قليل . تحتاج الى تكثيف الحضور وبشدة .

——

 

 

وحتى الكبار لم يسلموا من الكيد والمكر فكلكم يعرف الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن

امريكا ،بريطانيا ،فرنسا،الصين ،وروسيا .

كل هذة الدول تنافست تباعاً في فتح قنوات عربية .

من اجل ماذا ؟

من اجل تسويق افكارهم ،وفرض وصياتهم على العقول العربية ،والفكر العربي ،الذي انبهر بمنجزاتهم ،وليت اهتمامه كان منصب على تلك المنجزات ،وسبر اغوارها ،ومعرفة اسرارها ،ثم نقلها الى بلده ليستفيد ويستفيد ولده وبلده ،كما فعل اسلافنا من نقل مفيد الحضارة اليونانية لنا وتطويرها (فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو احق بها )

ولكن الذي حصل ان العربي الا من رحم الله ،اخذ من تلك الحضارات (زبالاتها) اعزكم الله ، وترك جوهرها .

مع العلم ان تلك الدول المتحللة من الفضيلة ،يوجد فيها عقلاء من اصحاب القرار ،اوجدوا قوانين صارمة تنظم حياتهم وحياة ابنائهم ،وعرفوا كيف يتعايشوا مع هذا الكم الهائل من طوفان القنوات الفضائية .

 

فما بال قومي نائمون ،نريد نظام صارم للقنوات الفضائية من اجل الاجيال القادمة ،فهم امانة في عنق كل مسؤول يسأل عنهم يوم القيامة .

لايهمنا قول القائلين من الذين يودون ان تشيع الفاحشة في المؤمنين ،فهولاء وجدوا من عصر النبوة ،واتهموا نبي الرحمة بالجنون ،والسحر ،من اجل تحجيم الدعوة،ولكن الله مخرج نوره ،وسيبقون الى قيام الساعة فلا نلتفت اليهم ،ولانعطيهم اكبر من حجمهم ،فهم نكرات فلا نعرفهم ،وكما قيل (الغافلة تسير والكلاب تنبح)المهم ان نسير على منهج رباني صريح كفينا فيه مؤنة التشريع والتنظيم ،فلنستقم كما امرنا الله ولنتبع ولانبتدع ،ونرجع الامر الى اهله من العلماء والامراء ،ونناصحهم بما اوجبه الله علينا من النصح بطرقة الشرعيه،وندعوا لهم بالصلاح كما امرنا ربنا عزوجل .

 

(الاصلاح الحقيقي ،يحتاج وقفة حازمة،وحبل متين،وهبة اهل الحل والعقد بصوت واحد ،ثم الاخذعلى يد السفية ،حتى لاتغرق السفينة)

 

كتبه :
[COLOR=#0528B6]راضي بن عبيد الدسم

[/COLOR]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com