قناة العربية بين 11 سبتمبر  وصناعة الموت


قناة العربية بين 11 سبتمبر وصناعة الموت



يتسابق الإعلام الغربي هذه الأيام في التباكي على ضحايا عمليات 11 سبتمبر البشعة , ضمن هجمة إعلامية شرسة توجه فيها أصابع الاتهام إلى جماعات إسلامية متشددة بشكل محدد وإلى دين الإسلام بشكل عام .

وقد نلتمس للإعلام الغربي العذر برغم ابتعاده عن الحقائق المجردة ورغم استغلاله الحدث للضغط على الدول الإسلامية فهو في نهاية الأمر يبحث عن مصالح بلاده فقط .

لن أبرر لأحداث 11 سبتمبر فهي جريمة انسانية بشعة بلا شك ولا يرتضيها عقل أو قلب أي مسلم وتخالف تعاليم ديننا الذي يدعوا للحفاظ على النفس البشرية بغض النظر عن ماهيتها .

ولكن اللافت للنظر هو تهافت بعض قنوات الإعلام العربي وخصوصا قناة العربية على تغطية موسعة لأحداث 11 سبتمبر والسير خلف الإعلام الغربي في كل صغيره وكبيره , بل وتوجيه الاتهام بشكل مباشر للمسلمين بأنهم صناع الموت.

إذا كان الإعلام العربي يحاول الاستفادة من الأحداث والمناسبات لتوسيع انتشاره فكان حريا به أيضا عرض المجازر والمذابح التي تعرض لها المسلمون في أصقاع الأرض من اقليم سينكيانج في الصين إلى مقديشو في الصومال مرورا بحفلات الزواج بأفغانستان التي تحولت لمجازر عائلية مرورا بأطفال وأرامل العراق وفلسطين المغتصبة والشيشان وغيرها من بلدان العالم الإسلامي .

كل هذه المعلومات معروفة تقريبا للجميع , وما أريد مناقشته هو تأثير هذه السياسة الإعلامية المتبعة من بعض إعلامنا العربي على المتلقي العربي وعلى العلاقة بين هذا المتلقي وبين الإعلام .

لو أن هذا الإعلام تجرد لقول الحقائق بدون تسييس حينها نقول أن هذا الإعلام محايد وغير منحاز , ولكن أن يظهر حقائق معينة ويخفي حقائق أخرى بشكل متعمد فهو يسهم في فقدان الناس الثقة به جملة وتفصيلا خصوصا في ظل وجود الانترنت ووسائل الاتصال الأخرى.

كما أن القائمين على هذا الإعلام والمنظرين له يقعون في خطأ كبير عندما يتصورون أن مادتهم الإعلامية في هذا الجانب قد تحقق تغيرا في تفكير الجماهير العربية والإسلامية لصالح الغرب والتي أصبحت تعي مدى تحيز هذا الإعلام وانه يدور في فلك الإعلام الغربي وخصوصا عند التعامل مع قضايا المسلمين .

وهذا التحدي السافر لمشاعر المسلمين سوف ينتج عنه حتما أن تتجه الفئة الوسطية الصامتة من الجماهير العربية إلى تأييد الفكر المتطرف وهي نتيجة عكسية تماما لأهداف إعلامنا العربي المنحاز وهو أيضا مالا نتمناه أبدا لأن عواقبه ستكون وخيمة على البلاد الإسلامية وحكوماتها .

فكما يوجد لدينا متطرفون اكتوينا بنارهم نحن قبل غيرنا , فإنه يوجد لدى الغرب متطرفون نكتوي أيضا بنارهم كثيرا , والفارق أن متطرفينا لا يسيطرون على صنع القرار أما متطرفي الغرب فهم صانعوا القرار فيه .

إن منظري قنوات التحيز ومهندسي توجهاتها يواصلون ارتكاب الأخطاء القاتلة حين يتحيزون للرأي الغربي بالأحداث بهذه الطريقة المكشوفة فهم يعتقدون أنهم يعملون على اقناع الجماهير بما يريدون , ولكنهم في واقع الأمر يذكون نار الفتنة ويدفعون الفئة الوسطية الصامتة إلى أحضان التطرف من حيث لا يتوقعون .

وحتى لا تقع هذه الكارثة فعلى الإعلام التوازن في طرح المادة الإعلامية والعودة إلى التجرد والمصداقية في تغطية الأحداث والتعامل مع المصالح العليا للشعوب العربية والإسلامية كحق مقدس لا يمكن التفريط فيه والدفاع عنها , حتى لا ندع الفرصة للمتطرفين أن يستلموا مهمة الدفاع بأنفسهم , فهم يتحينون هذه الفرصة وبعض إعلامنا يقدمها لهم على طبق من ذهب .

وختاما

إن أصبت فمن فضل الله علي , وإن أخطئت فمن نفسي .

[COLOR=#063580]نايف العميم

[/COLOR]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com