معذرة أيتها السيدة المهزومة!


معذرة أيتها السيدة المهزومة!



[COLOR=#04279A][FONT=Simplified Arabic][B][SIZE=5][CENTER]معذرة أيتها السيدة المهزومة![/CENTER] [/COLOR]

[JUSTIFY]هي مسجاة على فراش المرض منذ أمد ، لا صبحها مملح بالضوء ، ولا مسائها له قنديل ، وليس عندها بخور ، ولا ماء ورد ، أربعة وسبعون عاما والهم يكسر ظهرها ، يلغي الفرح من أعماقها ، عندها من الأوجاع ما يدهش ، غصنها يبس ، ولا بلبل لديها يغني فوق شجرتها العتيقة ، ضوئها يخبو ، وعينيها موشكتان على الجفاف ، مرتبكة هي بفعل الخسارة العاطفية ، هي لا تحتاج خبزا ولا ماءا ولا لحاف ولا فراش وثير ، هي تحتاج من يزيل عتمة المكان وقسوة الجفاف ورهبة الصد ، هي لا تخاف الموت ، وأن كانت كل يوم تموت ، هي مثل صخرة ضد الريح ، تحاول أن تتغافل عن فجيعتها المهلكة ، لكن مقدرتها لا تتوفر ، تغطيها رمال اللاإكتراث التدريجي بفعل خمول المشاعر وتبلدها ، هي سيدة ملكومة ومثكولة بفعل اللطمات المرعبة ، لديها تعبير ربكة دلالية داخلية ، لكنها لا تستطيع البوح بفعل انعقاد اللسان ، لديها نكوص طفولي لم يعد تخفيه ، كل شيء صار معد للانكشاف الفاضح ، وبعد أن كانت تحيى شامخة كنخلة ، صارت منخذلة بعد عدم فهم الآخرين لها ، حزينة هي مثل قطرة ماء منحدرة من غدير الخسران ، تتوسل الآخرين بان يعينوها على امتلاك طاقات تعينها على مواجهه المرض الكبير وامتلاك العافية ، هي تنوء كاهله بفعل ضغط مشاعر التقصير الملتهبة الحارقة ، حتى أن شرك الاكتئاب والمزاج السوداوي قد لفها واحتواها ، لقد فقدت التمتع بالأشياء والموجودات ، وتمددت بانكسار منطوية على ذاتها في محطة الحياة الأخيرة ، لقد أصابها اليأس القاتم الخانق الذي يجعل الفرد يعيد مراجعة حسابات قلقه وهواجس مخاوفه التي كانت قبلا ترعبه وتقض مضجعة ، فما الذي يعين الإنسان حينما يشعر بأنه مجرد جسد مسجى؟ لقد تعاون عليها زلزلة المرض وصدمة الواقع مع ضغوط الألم وحرائق العواطف وجفاف البعد التي صارت مثل ورق هش ، أو كلعبة مسمومة ، أيتها السيدة المهزومة ، يا نصوص القصيدة ، يا عطا الينابيع ، يالبيدر والتنور والخبز وحدائق الياسمين ، يا شجرة السدر ، يا هامة النخل ، يا عمود البيت ، يا نمو المشاعر ، يا دفق البهجة واللون والوابل الأزلي ، يا قنديل البيت ، يا برزخ الحديقة ، يا إستبرق المكان ، يا كوثر المكان ، سأكون معك كولدك ، وسأكون كالناعورة لن اكف عن الدوران حولك ، وسأكون كعينك التي لا تنام ، وستكون أبنتك الوفية الرحيمة الجليلة المدثرة بالوقار ووشاح العفاف والتي تشبه النيزك وبذرة الأرض والثبات وبؤرة الأبعاد وشمول المكان والقمح والحنطة ، تساندك وتوقظ فيك خيارات الحياة ومداد الأمل ، وسنكون لك كالضوء والظل ، وعريش العنب ، وسأتقرب وإياها إلى الله على حد سواء بأن يمنحك كوز العافية ولذة الحراك ، فلا تجزعي ، ولا تتوجعي ، أنتثري كالبياض حين يجيء السواد ، سنصلي لله كثيرا ، ونقراء دعاءا وفيرا ، مستجيرين برب السماء أن يلبسك ثوب الصحة والعافية مبلول بماء زمزم ، فلا تحزني ستخرجين من بطن السقم ثانية ، لأن الذي مثلك كانت تركع بوجل كل يوم على سجادة الصلاة بلا دسائس ولا بهتان ولا عطن ، سيسورك الله بين شعبتين من نور وصبر يعقبها عافية ، وسيخرجك من ذاك الفج بملابس من حرير وسندس ويغمرك بالذهب ، وسيجهض الله المرض حتى تصبحين مطرزة بالشذر ، فلا تحزني وكوني حاسبة. [/JUSTIFY]

[COLOR=#063095]رمضان جريدي العنزي
[email]ramadanalanezi@hotmail.com[/email][/COLOR]

[/SIZE][/B][/FONT]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com