[COLOR=#040400][FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B]
[CENTER][COLOR=#054EB6]يا سمو وزير التربية والتعليم .. التعليم في الشمال مثل ثكلى يستصرخكم ويستغيث[/COLOR]![/CENTER]
يا سمو وزير التربية والتعليم ، البارحة تعرضت لكابوس بغيض ما برح يطاردني ، حاولت أن أقفز بعيدا عنه كفراشه غاضبة ، أو كمجنون مربوط على شجرة يحاول الفكاك لكنني لم أستطع ، أصبت بعدها بالقنوط والإحباط والتشاؤم ، واعتصرني الألم والحزن ، بل صرت مفجوعا وبحاجة إلى من يواسيني وينسيني مصيبتي ، بل الجمرة في راحتي ، وقلبي مثل عصفور يهذي من حمى تفصد جبينه فيبكي بكاء حارا ، إنني أحس بالدوار وبشعور خفي يدفعني للكتابة إليكم.
يا سمو وزير التربية والتعليم ، أن سبب ذلك كان التفكير المتواصل في حالة التعليم في الشمال ، ولأنك تجلس على قمة الهرم التعليمي ، وتدير دفة المسئولية فيه ، وهو موقع مميز ومهم ومرموق وعالي الخطورة ، ويحتاج إلى حرفية مهنية فنية وإدارية ونفسية وعصبية عالية المستوى والهدف ، وهذا ما تملكه وتقدر علية ، وأنت الشخص النشيط والأمثل والذي يعمل بهمة عالية وجبارة رغم صفير الرياح العاتية والنشطة والملونة ، لذا لم أتردد لحظة واحده بالكتابة إليكم ، لأن الذي دفعني لمخاطبة مسئول رفيع المستوى مثلك هو الوطن أولا وأخيرا محبة وإخلاص وانتماء وفداء وتطلعا وغيرة.
وما يحصل للتعليم في الشمال من إهمال وعدم تقدم وعدم تمدد وعدم حراك وعدم بناء وعدم استحداث مدارس جديدة أسوة بالمناطق الأخرى ، يتوجب علي تنبيهك والهمس بإذنك بأن القائمين على التعليم هناك يبدو جليا بأنهم يقفون عاجزين عن الإتيان بالحل الأمثل والأنجح والأنجع والسليم ، وأن الوضع زاد سوءا وتسبب في تعطيل الكثير من التعيينات الجديدة في الكوادر المؤهلة ، نتيجة قلة استحداث مدارس جديدة وقلة توسع في البناء والإنشاء رغم الميزانيات المهولة التي تصدر وترحل سنويا للتعليم هناك.
أن سياسة العمل في التعليم هناك حصرت فقط ومنذ أمد بعيد على دمج المدارس بعضها بعض وحشر الطلبة زرافات وجماعات كما يؤكد ويثبت ذلك عددا كبيرا جدا من أبناء وبنات المنطقة وأولياء أمورهم ، إنني في هذا السياق أتساءل لماذا هم يفعلون ذلك؟ لماذا هم راكدون؟ لماذا هم لا يبحثون عن الحلول المثلى والسبل القويمة؟ لماذا هم لا يعملون كالغير؟ لماذا هم لا يركضون؟
لماذا هم يحبون الخلود والاستكانة؟ لماذا هم نائمون؟ لماذا هم يتجرؤون ويعطلون ما يصب في مصلحة المنطقة والوطن؟ لماذا هم ليسوا كغيرهم؟ لماذا هم نرجسيون؟ لماذا هم يحيطون أنفسهم بهالة كبيرة من القدسية والتفرد والأنا؟ أن المضحك المبكي في هذا الأمر أنه يمر على الناس هناك وقت طويل جدا ولا يرون الجديد الذي يحلمون به ويتمنونه ويرغبونه ويطالبون به في مجال التعليم ، خاصة وأن الدولة الرشيدة ممثله بولاة أمرنا أعزهم الله قد رصدوا الميزانيات الكبيرة والعظيمة والمهولة ، والتي بلا حد من أجل النهوض بالتعليم والعناية به والرقي بشأنه.
أن ولاة أمرنا كافة أعزهم وأدامهم الله قد سخروا المجالات كلها لنا لنبدأ العبور والتحليق والعمل المميز نحو مصاف الأمم المتقدمة الأخرى في شتى المجالات والميادين والمناحي ، طلبوا منا ذلك مرارا وتكرارا وابتغوه وأرادوه والحوا علية ، ومنحونا مسافات شاسعة وكبيرة وهائلة لنقول لهم بصراحة ما يختلج في النفس ويجول في الذاكرة دون أدنى وجل أو جزع أو رهبة ، لقد علمونا بأن نوافذ أرواحهم مشرعة للشمس والضوء والقول السليم ، إنهم نور الزمان والمكان وأحضان التقدم والاستطالة وشموع الإضاءة والإدهاش ، حينما نتعب نريح ركابنا عند أبوابهم المشرعة ، نجيئهم على عجل بلا وجل حينما تثقلنا الحاجة وينقصنا الشيء ، إنهم الشجر المثمر ، ووضح النهار ، وحاملين الهموم العظام ، إنهم الفاكهة والخضرة وبساتين الفرح وتراتيل المفردة ، هم الشمس والغيمة والمطر ، هم باحة الدار وظل الدار وسور الدار وصمام الأمان.
أنكم يا سمو الوزير الأقرب للواقع والمعاصر له ومن المنظرين للتعليم في هذا البلد الكبير ، وهذا ما جعلني أطالبكم بالوقوف بحزم وشدة لجعل القائمين على التعليم هناك يفعلون العمل ويقومون بالحراك بلا هوادة وترك السبات والخمول والركود الممل ،أن التعليم مشروع وطني عملاق ومهم ومتشعب يجب الاهتمام به وجعله من أولويات وأستراتيجات العمل هناك ، أن كل السبل والطرق والتحركات يا سمو الوزير لا يمكن أن تأخذ طريقها للنجاح ما لم يفعل قانون المتابعة والمراقبة والتحري ، أن المهمة شاقة وبحاجة إلى جهود حثيثة وجادة لوضع حدا للركود والجمود والنوم العتيق هناك.
نعم وبالتأكيد يا سمو الوزير وفي الوقت نفسه نثمن عاليا ونبارك جهود وزارتكم في المهام التنويرية والمعرفية وتحريك المشهد التعليمي والثقافي لأكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة في جميع المراحل التعليمية ، نعم من حقكم أن نهتف لكم ونصفق ونشيد ، لكن من حقنا أيضا أن نصدر الآراء والأفكار والنقد الهادف البناء والعتب الرقيق والتنبيه الشفاف بلا تحيز ولا هدف ولا مراد ولا مبتغى ولا بهتان.
ونطالب بتحسن القصور الواضح والبائن في تعليم الشمال ، سيما وأن المئات من خريجي منطقة الحدود الشمالية ذكورا وإناثا يتم تعيينهم خارج المنطقة وفي مناطق نائية وبعيده جدا مكلفة ومرهقة ومتعبة ولها تبعاتها الخطرة بسبب قلة الفرص التدريسية نتيجة عدم استحداث مدارس جديدة ونتيجة سياسة الدمج والضغط واللم وعدم التوسع في البناء والاستحداث أسوة بما يحدث بالمناطق الأخرى.
إنني يا سمو الوزير في الكلام الأخير أقول لكم وبحقيقة مره ولوعة وأسى وتعب ، بأن التعليم في الشمال أصبح مثلى ثكلى يستصرخكم ويستغيث ، وهو في خلل وجمود واستكانة ونوم وخلود ، وبه تعرجات وأخاديد وشروخ وعتمة وقصور ، حتى غدى لكأنه مثل جنين ولد ميتا لا روح فيه ، رغم أجهزة التنفس والإنعاش القلبي الغالية الثمن التي تحيط به وتحاول إحياءه وبعثه ، إننا يا سمو وزير التربية والتعليم أمام حالة طارئة تحتاج – سريعا – إلى إعادة نظر وتقويم وعلاج دقيق وشافي من قبلكم ، فالمنطق يحتم ذلك ويقول.
[COLOR=#0332B6]رمضان جريدي العنزي
[/COLOR]ramadanalanezi@hotmail.com
[/B][/SIZE]
[/FONT][/COLOR]
