القبيلة والإنسان


القبيلة والإنسان



الانتماء للقبيلة والاعتزاز بأنسابها و بحاضرها وماضيها ليس عيبا وليس شبهة يبرئ منها الإنسان , وقد لعبت القبيلة الكثير من الأدوار القيادية الهامة تاريخيا وسياسيا واجتماعيا , منذ عصر قبل الإسلام ومرورا بعصر الفتوحات الإسلامية حيث تكونت الجيوش الإسلامية من قبائل الجزيرة العربية وكان لكل قبيلة راية خاصة بها داخل الجيش الإسلامي , واستمر هذا الحال حتى نهاية العصر الأول من الدولة العباسية حيث بدأت القبائل العربية تتخلى عن أدوارها القيادية في حياة الأمة الإسلامية (رغما عنها ) , وفي عصرنا الحالي تجلى دور القبائل بمقاومة الاستعمار او بالمساهمة في تكوين الدول في مراحلها الأولى , ثم كرر التاريخ نفسه حيث أبعدت مرة أخرى بعد أن أدت المطلوب منها , وسوف تستمر في أداء تلك الأدوار سلبيا أو ايجابيا .

ومن الجانب الاجتماعي نجد خصال الشجاعة والكرم والوفاء متجذره في تراث القبائل كافة , وهذا التراث المشرف للقبائل تاريخيا واجتماعيا وعلميا يحاول البعض تجاوزه والقفز عليه والتركيز على بعض السلبيات التي لا يخلوا منها أي مجتمع ويحاول الصاقها بتراث القبائل , وللأسف يشارك بعض أبناء القبائل في هذا التشويه من غير قصد حين يوجهون قبيلتهم نحو الأمور القائمة على البهرجة الاجتماعية والتعاون الزائف الذي لا يصب في منفعة إنسان القبيلة .

وقد لاحظ الجميع بزوغ اسم القبيلة على الانتخابات البلدية , رغم أن الانتخابات لخدمة (إنسان )المنطقة وليس (قبيلة) المنطقة , كما أن برامج المرشحين كانت موجهة للخدمات البلدية وليس القبلية ولكن التصويت كان لتحسين صورة القبيلة وليس لتحسين الخدمات البلدية .

وحسب نتائج وتوجهات التصويت كان من المفترض أن تكون البرامج الانتخابية للمرشحين تعنى بالنواحي الاجتماعية للقبيلة فقط .

وقد احتفل الجميع بفوز مرشحه وهذا حق مشروع إلى حد ما , ولكن لدي بعض التساؤلات المباشرة ……..

لماذا نعمل ونهتم لرفع اسم القبيلة بينما نهمل المكون الأساسي للقبيلة وهو الإنسان ؟

لماذا نبذل الجهد الشاق والكبير ليرتفع اسم القبيلة بينما لا نهتم بأيتام القبيلة وأراملها وإنسانها الكادح ومريضها المكلوم ؟

لماذا ندفع المبالغ الطائلة لنبرز اسم القبيلة بينما لا نعطي المحتاجين وفقراء القبيلة إلا بشق الأنفس؟

لماذا نتكاتف ونجتمع لرفع اسم القبيلة ولا نجتمع لمساعدة الضعيف أو مكسور الحال ؟

لماذا يتسول أبناء القبيلة رجالا ونساء في الشوارع والأسواق ولا يقام أي برنامج أو عمل اجتماعي للحفاظ على كرامتهم ؟

لماذا نقيم الليالي الملاح لفوز اسم واحد في المجلس البلدي , بينما يسقط شبابنا وفتياتنا في براثن البطالة والجريمة والمخدرات والإرهاب بالمئات ولا نقيم لهم وزنا ولا نحزن عليهم؟

كيف نريد من الأخرين احترامنا وخدمتنا وتقدير تاريخنا ونحن نقدم لهم أنفسنا كنموذج في الانغلاق والتناقض الاجتماعي ؟

حتى أن هذا المفهوم شمل الكثير من متعلمين ومثقفين وعلماء دين وأكاديميين وغيرهم , والذين استسلموا وبسهولة أمام تيار (الفزعة ) فتراجع تأثيرهم أمام تأثير المتشدقين بحماية حقوق القبيلة وتراثها .

اتمنى من الأشخاص الذين تصدروا مشكورين نظام (الفزعة) لقبيلتهم في الانتخابات أن يثبتوا خوفهم الفعلي والحقيقي على مستقبل القبيلة واخلاصهم لها ويستمروا بنفس الجهد والطاقة ويشكلوا اللجان لمعالجة المشاكل الفعلية التي يتعرض لها أبناء القبيلة وأفرادها من يتم و فقر و انتشار مخدرات وأمراض وغلاء في المهور وبذخ في تكاليف الزواج , وهذه كلها يمكن علاجها أو التخفيف منها إذا وجدت الإرادة الحقيقية داخل القبيلة , وحينها سيشعر الفرد بالمعنى الحقيقي للانتماء لقبيلته .

وأتمنى على اصحاب (الفزعات ) أن لا يقتصر ظهورهم في الأفراح والرخاء فقط فهم بهذا يؤكدون على أن فزعتهم زائفة ولتسجيل الحضور الاجتماعي فقط .

وحتى لو وافقناهم جدلا على أهمية (الفزعة ) للقبيلة , فهل هي الطريق الوحيد الذي نخدم به القبيلة ؟

أعتقد أنه حان الوقت لإعادة تقييم أدوار القبائل وتوجهاتها المستقبلية بما يناسب تاريخها وتراثها الحقيقي المشرف والدفاع عن هذا التاريخ أمام هجمات الحاقدين الذين يحاولون تشوية تاريخ القبائل وحصره في الغزوات والحروب بين القبائل فقط وتصويرها أنها لا تنسجم مع بناء الدول .

وهذا التقييم لن يتم إلا عن طريق أبنائها باهتمامهم بتراث القبيلة الحقيقي وتغليب الاهتمام بالجانب الانساني التكافلي على الجانب الدعائي الإعلامي أو التوازن بينهما على أقل تقدير .

[CENTER]وماتوفيقي إلا بالله[/CENTER]

[COLOR=#030E84]نايف العميم [/COLOR]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com