زعماء أقعدهم المرض وآخرون أجبرهم الموت على التنحي


زعماء أقعدهم المرض وآخرون أجبرهم الموت على التنحي



إخبارية عرعر"متابعات رئيس التحرير" عدنان أبو زيد من امستردام:
تظل الحالة الصحية للرؤساء والملوك مثار جدل واسع، لما يترتب عليها من تحولات سياسية واقتصادية لاسيما في البلدان التي تفتقد الى الديمقراطية في انتقال السلطة، او تلك التي تعتمد التوريث في تنصيب رؤساءها او ملوكها. وفي كل أنظم الحكم، الديمقراطية منها والشمولية، يصاحب امراض الرؤساء والملوك تكتم شديد، يقابل ذلك شائعات وتكنهات لاجل معرفة الحقيقة. بل ان علل الرؤساء غالبا مايستخدمها الخصوم لزعزعة وضع نظام ما او خلق بلبلة في بلد حتى وان كان الرئيس معافى، فللسياسة حيلها تماما مثلما الحروب. وغالبا ماتلجأ انظمة الحكم العربية الى نفي او اخفاء مرض المسؤول الاول، بل تعمد في بعض الحالات الى تقديم دلائل صحة الرئيس او الملك على رغم انه طريح الفراش.

ويشبه سلوك النظام العربي الرسمي في إثبات صحة المسؤول الاول، ما كان تلجأ إليه الدولة السوفياتية في اخفاء مرض رؤسائها ومنهم بريجنيف، حتى اصبحت تطلق ظاهرة بريجينيف على الدول التي يحكمها سلسلة متتابعة من مسؤولين كبار في السن ومرضى لكن من دون ان يعرف احد اسرار امراضهم، فهم امام الجمهور وعلى الشاشة اصحاء رياضيون وخلف الكواليس طريحو فراش يعطسون، ويتعثرون. وفي الوقت الذي انهارت فيه صحة بريجينيف راح الاعلام السوفياتي ينشر فعاليات وهمية له لاخفاء حقيقة وضعه الصحي على الجمهور.

فحص اجباري للزعماء

[IMG]http://www.ararnews.org/contents/myuppic/49d7f0e80aa28.jpg[/IMG]

واغرب مافي الموضوع ان الجمعية العالمية للطب النفسي تقدمت باقتراح الى منظمة الأمم المتحدة عام 1985 يتضمن فحصا دوريا للمسئولين والحكام للتأكد من صلاحيتهم لممارسة مهام الحكم، وأن الجمعية على استعداد لإجراء التحاليل والفحوصات لجميع القادة في العالم بصفة دورية كل 3 سنوات حرصا على مستقبل الشعوب.

في هذا التحقيق نعرج على اهم المحطات في حياة الرؤساء والملوك لعب فيها المرض دورا حاسما في حياة الزعماء والشعوب على حد سواء.

الزعماء.. يمرضون بسرعة

[IMG]http://www.ararnews.org/contents/myuppic/49d7f0e80f462.jpg[/IMG]

فقد اصيب رئيس الوزراء التركي بولاند اجويد بمرض الزكام المستمر، وعانى من قرحة في المعدة، و صعوبة في التنفس قبل دخوله المستشفى ووفاته. ومن الامثلة على تلك الشائعات مايدور حول صحة الرئيس الكوبي فيدل كاسترو التي استغرت اعواما وكانت كلها تكهنات حتى اقعد المرض الزعيم المخضرم بعد ان بلغ ارذل العمر (81 عاما ) حيث اجريت له عملية جراحية خطيرة، وجعله يسلم السلطات إلى شقيقه راؤول كاسترو.
و يعتقد ان الرئيس الكوبي يعاني من مرض باركنسون منذ عام 1998.

وتوفي رئيس الوزراء الهندي السابق تشاندرا شيخار بالسرطان في نيودلهي عن عمر 80 عاما حيث كان يعاني من أورام متعددة في خلايا النخاع الشوكي حتى اقعده المرض. وكان شيخار ترأس ائتلافا حكوميا عندما كان رئيس الوزراء الحادي عشر للهند من عام 1990 إلى 1991.

واضطر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى السفر الى لندن للعلاج من إرهاق أصابه عام 2007، حيث اجري عملية قسطرة للقلب. وتعرض الزعيم العراقي عبد العزيز الحكيم في عام 2007 الى وعكة صحية جعلته يتوجه الى الولايات المتحدة ثم الى ايران، حيث أثبتت الفحوصات ان الحكيم مصاب بسرطان محدود في الرئة.
وتوجه الرئيس العراقي جلال طالباني الى الولايات المتحدة لإجراء فحوصات طبية لاكثر من مرة لإنقاص الوزن بعد اصابته بالارهاق الشديد وهبوط في ضغط الدم.. و حذر بحث علمي من القلق المصاحب لعمل الرؤساء وأظهر البحث أن الزعماء أكثر عرضة للامراض من غيرهم لاسيما الامراض النفسية، كما انهم اقل الناس تمتعا بحياتهم الخاصة. اضافة الى قلة اجازات العمل التي توفر لهم قدرا من السكينة والهدوء بعيدا عن المشاكل.

وتوفي حيدر علييف في المستشفى في تركيا، عن عمر ناهز الثمانين وهو الذي حاول انشاء سلالة سياسية حاكمة.وكان علييف أصيب بوعكة في أبريل 2003 خلال مناسبة نقلها التلفزيون مباشرة، ونقل إلى المستشفى في تركيا ثم إلى مستشفى كليفلاند المتخصص في جراحة القلب بالولايات المتحدة.

و كان الرئيس ولسون رجلاً مسناً لدى إطلاقه معركة السلام في نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم أقعده المرض، إلى حين انتهاء فترة رئاسته عام 1921 ونجاح معارضيه الجمهوريين داخل الولايات المتحدة في إجهاض أفكاره. إلا أن ولسون كان قبل عجز الشيخوخة رئيساً قديراً بخلفية إدارية وأكاديميةعميقة.

يوحنا والاسد

ومات يوحنا بولس الثاني زعيم الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بالفاتيكان بعد بلوغه أرذل العمر، وهو يدندن حول عدد من القضايا التي ظل يرددها حتى قبيل موته، وكان أهم تلك القضايا ‘التنصير’ أو ما يسميه ‘نشر حقيقة الإنجيل’ حيث كانت شغله الشاغل.

وفي عام 1984 ألمت وعكة صحية خطيرة بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، واضطر إلى تعيين ثلاثة نواب لـه. وعانى الأسد من مرض السكر و القلب وأمراض الدم والسرطان وكل ذلك كان سرا رغم تدهور حالته الصحية.

كلينتون وستالين وفرانكو.. معاناة قاسية

وكاد انسداد الشرايين ان يودى بحياة بيل كلينتون رئيس أميركا كما اجرى تشيني عملية جراحية في شرايين القلب. وعانى عرفات من انخفاض في عدد صفائح الدم، ودارت شائعات عن ان تسمما ادى وفاته. وقبل ان يستقل الطائرة التي نقلته في رحلته الاخيرة الى الموت في باريس ظهر عرفات وهو يرتدي بيجامة زرقاء فاتحة اللون ويضع طاقية من الصوف على رأسه. وقد بدا ضعيفا وشاحبا لكنه كان مبتسما.
اما جوزف ستالين سيد الكرملين لاكثر من ثلاثين عاما والمسؤول السوفياتي الاول فقد مات في 5 اذار/مارس 1953 اثر نزيف في المخ. وتوفي انطونيو دي اوليفيرا سالازار في عام 1970 بعد تعرضه لجلطة دماغية في 1968 بعد ان حكم البرتغال طيلة 36 عاما. وانهت مشكلات في القلب حياة فرنسيسكو فرانكو رئيس الدولة الاسبانية في عام 1975 عن 83 عاما بعد نزاع دام 35 يوما مع المرض.

وغيبت جلطة دماغية كيم ايل سونغ ( الرئيس الابدي ) لكوريا الشمالية في تموز 1994 ليخلفه نجله كيم جونغ ايل. اما موبوتو سيسي سيكو الرئيس الزائيري السابق فقد توفي بمرض السرطان في عام 1997 في مستشفى في الرباط بعد بضعة اشهر من منفاه وحل مكانه لوران ديزيريه كابيلا.

السرطان.. يلاحق الزعماء

ومرض السرطان لا يحترم العمر والجنس، و يصيب أي إنسان في أي وقت. وهو بلاء قديم يصيب الإنسانية منذ العام 1500 قبل الميلاد، ولم يحصل تقدم ملحوظ باتجاه كشف أسرار هذا المرض إلا في السنوات الخمس والعشرون الماضية. وعلى رغم ان الزعماء يمكنهم الفحص للكشف المبكر عن هذا المرض الخبيث الا ان اغلبهم لايفعل ذلك.
وتوفي والد الملكة إليزابيث الثانية جورج الرابع بعد صراع طويل مع السرطان نتج عنه ازالة احدى رئتيه.

وتوفي ملك الاردن السابق الحسين بن طلال اثر اصابته بسرطان في جهازه البولي، وكان قد عانى من السرطان لعدة سنوات، وكان يزور مشفى مايو كلينيك في روتشستر في ولاية مينيسوتا الامريكة بشكل دوري للعلاج.
بدا مرض الملك حسين عام 1992 و اشتد عليه المرض عام 1998، وقبيل وفاته عاد إلى عمان عام 1999 ليصدر قرارا بعزل أخيه الأمير الحسن بن طلال من ولاية العهد التي ظل محتفظا بها منذ عام 1965 وعهد بها إلى ابنه الأكبر الأمير عبد الله. وتوفي الملك حسين بن طلال في السابع من شباط/ فبراير 1999 عن عمر يناهز 64 عاما قضى منها 47 عاما ملكاً للأردن.

عبد الناصر.. المرض الغامض

وفي عام 1970 وبعد أن ودع الرئيس جمال عبد الناصر رؤساء الدول العربية فاجأته أزمة قلبية وتوفي ناصر عقب مفاوضات وساطة شاقة أجريت خلال قمة عربية لوقف القتال بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية. وكان عبد الناصر أصيب بمرض السكر في بداية توليه مسئولية حكم مصر، وعانى من مضاعفاته مثل التهاب الأعصاب، وتصلب الشرايين ووصل الأمر إلى إصابته بجلطة في الشريان التاجي عام 1969، وكانت وفاته نتيجة لجلطة ثانية في عام 1970، وحسب تأكيدات طبيبه الخاص الدكتور "الصاوي حبيب"، لم يعرف أحد بمرض عبد الناصر إلا بعد موته، بل أن أبنائه لم يكن لديهم علم بهذه الأمراض.

وتوفي ملك المغرب السابق الحسن الثاني بالرباط في 1999 إثرنوبة قلبية حادة. اما الرئيس الجزائري الاسبق هواري بومدين صاحب شعار " بناء دولة لا تزول بزوال الرجال " فاصيب بمرض استعصى علاجه وقلّ شبيهه، وفي بداية الأمر ظن الأطباء أنّه مصاب بسرطان المثانة، غير أن التحاليل الطبية فندّت هذا الادعّاء وذهب طبيب سويدي إلى القول أن هواري بومدين أصيب بمرض " والدن ستروم " وكان هذا الطبيب هو نفسه مكتشف المرض وجاء إلى الجزائر خصيصا لمعالجة بومدين، وتأكدّ أنّ بومدين ليس مصابا بهذا الداء ليموت بومدين في 1978 فجرا. وبموت هواري بومدين كانت الجزائر تتهيأ لدخول مرحلة جديدة تختلف جملة وتفصيلا عن الحقبة البومدينية.

زايد ال نهيان.. غسيل الكلية

ويروي حازم أبو الفتوح أستاذ جراحة المسالك وزراعة الكلى والطبيب الذي أشرف على جراحة الشيخ زايد أل نهيان رئيس دولة الامارات السابق، ان زايد كان يقوم بالغسيل الكلوي 3 مرات أسبوعيا بالإضافة إلى احتياجه لعمل وصلة شريانية لأن شرايينه كانت تغلق تلقائيا وبالتالي لابد من عمل زراعة كلى رغم تقدم سنه، وبالفعل تم إجراء العملية بنجاح وعاش بعدها نحو 4 سنوات دون الحاجة لعمليات الغسيل، ويعترف أبو الفتوح أنه التزم السرية بشأن مرض زايد تطبيقا للقاعدة الطبية بضرورة حفظ أسرار المريض مهما كان منصبه، برغم أن زايد لم يطلب هذه السرية، كما أنه كان مريضا مثاليا ينفذ تعليمات الأطباء في تقبل تام لمرضه.

والطريف ان القس بات روبرتسون عد الجلطة التي أصيب بها رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون عقابا إلهيا لانسحابه من غزة و"تقسيمه أرض الله." وتوعد روبرتسون رؤساء حكومات إسرائيل بعقاب إلهي مشابه اذا قرروا الانسحاب.

ريغان وتشرشل.. الزهايمر والكابة

كما عانى الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغان من مرض الزهايمر الى درجة انه لم يعد يتذكر حتى زوجته حيث توفي نتيجة لمضاعفات مرض باركنسون وإصابات النخاع الشوكي. و فارق ريغان الحياة في عام 2006 عن عمر يناهز 93 عاماً. واتفق الأصدقاء والأعداء، على حد سواء، على أن السياسي الذي عرف بحسن لباقته، قد قام بتغيير العالم.
ومرض الهايمر (باركنسون ) هو مرض المشاهير واصيب به كبار الشخصيات والرؤساء والمشاهير منهم هاري ترومان وماو تسي تونغ وهتلر ومحمد علي كلاي والبابا يوحنا الثاني والرئيس الأمريكي رونالد ريغان، ومن علاماته البطء في الحركة والكلام والكتابة والفهم. وتوفي رئيس الوزراء الفرنسي الاسبق ريمون بار ه عن عمر يناهز 83 عاما بعد معاناته من أزمة قلبية.

واصيب رئيس وزراء إنجلترا في الحرب العالمية الثانية "ونستون تشرشل" الذي قاد إنجلترا في الحرب بذكاء ودهاء لنوبة حادة من الاكتئاب في آخر أيامه، ويرى البعض ان ذلك كان سببا في وفاته. كما توفي الرئيس الكرواتي فرانيو تودجمان عن عمر يناهز ال77 عاما بعد رحلة معاناة طويلة من مرض عضال.
وبعد كل هذا وذاك فليس ثمة ماهو أهم من الصحة، وليس ثمة مفر من الموت.

داء الملوك

والنقرس وهو التهاب المفاصل المستحث بالبلورات يسمى بـداء الملوك لأن حياتهم في القرون الوسطى تميزت بالراحة والاكل والشرب والنوم الكثير وعدم الحركة في جسم بدين ادى الى ترهل الاجسام وتدلي الكروش، وقد اصيب بهذا المرض الكثير من ملوك اوربا وامراها في القرون الوسطى.

واثارت شائعات مرض الرئيس المصري حسني مبارك ووصوله الى حالة حرجة عام 2007 غضبا رسميا داخل مصر وكذبت الرئاسة المصرية الخبر داعية الى محاسبة من اطلق الشائعات، وكرد على تلك الشائعات ظهر الرئيس المصري حسني مبارك على الهواء مباشرة في التليفزيون المصري لمدة أربع ساعات متفقدا مشروعات في مدينة برج العرب،، حيث يقضي عطلة في استراحة الرئاسة بها مبددا الاشاعات.
وكان تقرير نشرته صحيفة مصرية يومية تضمن سؤالا عن أسباب غياب مبارك عن الظهور، مما أثار حالة من الجدل الاعلامي والقلق الشعبي في مصر بشأن الصور التي نشرتها الصحف الحكومية له في القرية الذكية بعد أيام من شائعة مرضه، والتي وصفها التقرير بأنها صور أرشيف قديمة.

ويبدو ان مرض الزعماء العرب هو جزء من الحالة الصحية للنظام السياسي واحد مركبات الامن القومي، والكلام عنه يمثل في كثير من الاحيان افشاءا لسر مهم من اسرار الدولة والنظام و بينما في دول اخرى ومنها اسرائيل لايعد مرض الرئيس او الوزير سوى عاديا وخبرا لايحمل اي مفاجأة، فرئيس وزراء اسرائيل اطل ايهود اولمرت اعلن بنفسه وفي مؤتمر صحافي،، أنه مصاب بسرطان البروستاتا، وأنه سيضطر للخضوع لعملية جراحية في أحد المشافي الإسرائيلية.
وقال أولمرت وهو يتحدث مبتسماً.. لقد طلبتكم لأبلغكم بإصابتي بالمرض لأن من حق الجمهور الإسرائيلي أن يعرف الحقيقة، وأنا مواظب منذ سنوات على فحص طبي سنوي شامل، وبعد عودتي من روسيا اكتشف الأطباء أن عندي ورم سرطاني ميكروسكوبي، وأشاروا عليّ استئصاله بواسطة عملية جراحية لن تشكل خطراً على حياتي.
وحتى في الجزائر فقد اثار كشف مصادر طبية فرنسية في عام 2006 لحقيقة مرض الرئيس بوتفليقة وهو سرطان الكلى لغطا سياسيا وجماهيريا في الجزائر.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com