لهذا أكتب!


لهذا أكتب!



[FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B][COLOR=#000000][CENTER]إهداء .. إلى كل الذين في قلوبهم حب وفي عقولهم ضوء وفي أرواحهم سلام[/CENTER]

[JUSTIFY]أسمي كما هو مدون وواضح وبائن أعلاه ، ربما لا يروق أسمي لكثير من الناس ، لأنه سلسلة من كلمات عادية وليس لها رابط ، ولدت في منطقة صحراوية شمالية نائية لا يتجاوز عدد سكانها أصابع اليد .

لا فيها شوارع مبلطه ولا صرف صحي ولا إنارة ، خالية إلا من قطيع ماشية وسحاب وأعواد رمث وشيح وبقايا ماء ، عاريا إلا من شال أمي التي رحلت إلى بارئها حين ولادتي بأشهر قليلة ولم أراها (رحمها الله ووالدي وأسكنهما فسيح جناته) ، مهنتي الكتابة الجادة والواضحة والصريحة.

وهي مهنه ساحرة وخطيرة وبها مجازفة ، حين أكتب لا أرتبك ولا أحاول القيام بأي حيل تضطرني إلى أن ألوذ بها خوفا ورهبة وتقية ، أن أكون كاتبا ليس إنجاز استثنائيا فغيري كثير ، لكنني [HIGHLIGHT=#BE0707][COLOR=#F7F7EC]أخضع نفسي لانضباط والتزام عالي كي أنجز الكتابة عن هموم الناس ومعاناتهم وآلامهم وشجونهم[/COLOR][/HIGHLIGHT] وما يخالج حسي وشعوري [HIGHLIGHT=#2900FF][COLOR=#FBFBFB]ويقيني التام وإيماني الكبير بالأشياء والمحسوسات والحجر والبشر[/COLOR][/HIGHLIGHT] ، وأسعى جاهدا لذلك ، فهذا هو المعنى الذي أردته لحياتي ورسمته ووضعت بنوده وشروطه وأحكمت إغلاقه بقوة .

ومن هنا كانت جل كتاباتي المباشرة والرمزية والفلسفية دافعا قويا لي لا يقاوم ، بل هي سعادة لذيذة لي لا توازيها سعادة ، لي صور وانعكاسات وخيال جامح وطموح وتداخلات لأبعاد مختلفة ، وأفيض حماسة وتطلع ، أنا ودودا ومتسامحا وفي جانبي طفل ولين ، وابذل جهودا كبيرة لمساعدة الآخرين أيا كانوا وعلى قدر الاستطاعة ، قلمي ليس رخوا ولا جافا وليس به أنانية أو خضوع وغير قابل للكسر أو للتأجير أو للإعارة.

لكنه حادا كالسيف نصله بارد وفعله موت ، في حياتي أكره الأشباح والخفافيش والضباع والثعالب الماكرة والعقارب السامة والثعابين المخيفة والتماسيح وخنافس الجعل والعثث ، وأشباه الدواب والطيور الداجنة الذين يمشون على أثنين ، وأرفض الذين يقدمون الشكل على الجوهر ، والطقوس على حقيقة النفوس ، وأصحاب الرؤى الأسطورية والنمط التبضعي الفاقد للحقيقة ، وأصحاب اللغو الظلامي والسرطنة الفكرية والقبح والنكد والسواد.

لا أحب (المناقرة) ولا أحب التسلي بالصراعات والعدوات والحروب ، وأكره أن أشحن نفسي بالكره والبغض والحقد والحسد والجشع والطمع ، وأمقت التصريحات والتلميحات والاتهامات الغير مسؤوله ، ولست (شراني) أو (فلتان) أو (ملقوف) ولا أعمل بطرق ملتوية وغير سوية ومن خلف الستار أو تحت الطاولة ، وليس لي (وجهان) وجه في الصباح ووجه آخر في المساء ، وأملك كنزا كبيرا من المبادئ والأخلاق واحترام الآخرين أيا كانت أشكالهم وألوانهم وأحجامهم وإنتمائاتهم ومشاربهم ومواقعهم الاجتماعية وبعدهم أو قربهم ، و (أغض) الطرف كثيرا عن (الهمز) و (اللمز) و (الغمز) الصادر من أفواه جائعة للكذب والبهتان والتجريح والتزوير والتزييف ومحاوله قلب معادلات الحقيقة وصولا لأهدافهم ومقاصدهم البغيضة الشائنة ، وذلك بلفظ الآخرين ورميهم واتهامهم جزافا ظلما وعدوانا طغيانا وجبروتا ، وأحاول أن لا أخلط بين (الفنتازيا) والواقع.

ولا أملك ثقافة الاستعلاء وحب الفوقية والتعالي والخيلاء ، وأكره بشده التصنيفات المنافية للواقع ، وأبغض أن أنعت الآخرين بألقاب وأسماء غير صالحة أو أن أطلق عليهم صفات في غير محلها ، ولا أحب بسط نفوذي وعاداتي ولهجتي ، وأحب أن البس مايناسبني ويروق لي لا ما يناسب غيري ويروق لهم ، وأبتعد كثيرا عن الشعارات الرنانة التي (لا توكل عيش) ولا تفيد ، وأكره الكذب والفتنة ومحاولة شق الصف ، وأكره أن أقذف الآخرين بكرات النار ، أو أن أصب الزيت على الكرات لتزداد لهبا واشتعالا ، وأكره الذين يشبهون (عين عذاري) تسقي البعيد وتترك القريب ، أو ذلكم الذين يشبهون (الخرمنجي) الذي يتذوق الدخان ويصنف جودته من أول (مزه) حيث يعتمد على حاستي الشم والذوق ، لكنه لا يعلم بأن هاتين الحاستين العظيمتين يصيبهما الوهن والتصدع نتيجة (ميكروبات) أو (فطريات) تضرب أطنابهما ، وأيقن أن ثوبا (مقلما) يرتديه الإنسان على (سروال) صيني وينتعل (زنوبة) قد يكون أفضل تفكيرا وفهما وأوسع إدراكا وثقافة من إنسان يرتدي أفضل الأقمشة اليابانية ، وينتعل أفخم الماركات الإيطالية من الأحذية ، ويقتني أجمل الأقلام الألمانية الصنع ، لكنه يتمنطق بكلام يشبه العلك والعجين ، حتى لو دهن وجهه في كل وقت بكريم (سان لوران) بحبيباته (الكرستالية) المصنوعة بعناية فائقة محاولا أن تكون له هيئة مميزة من خلال طول ردائه أو قصره ، أو لون (مشلحه) وعرض (الزري) ورائحة (دهن العود) ، وأمقت الخيانة والرداءة والموبقات وسوء القصد والمنقلب واللصوص وأصحاب الهوى والذين في قلوبهم غل ومرض ، لكنني في المقابل أحب الآخرين المشبعين بالبياض ورائحة النعناع ، والذين يملكون سحر الحضور والعمل والإبداع ، ويأسرون حين الحديث.

والذين يهوون إشعال الشموع وتبديد الظلام ، والذين يرتحلون بين المجرات لتزيين الحياة والناس ، والذين يحبون قطرات الندى ، وضوء الشمس ، وتراتيل الفجر ، والفضاء المفتوح ، والطموح والجموح والارتقاء ، والذين يشبهون اللؤلؤة والزمردة ونوبة المطر ، فهؤلاء كلهم أقرب إلى قلبي وعقلي ، وفي المجمل إنني أكتب لأنني أريد محاصرة القصور العملي والاجتماعي والإنساني والهم الوطني ، وأبقيه محاصرا حتى ينهض المغردين فيه من سباتهم العميق ، وحتى يدركوا بأنه لابد أن يكون للكوابيس نهاية ، ولا بد للربيع أن يبلغ العالية ، ولا بد أن يكون للطرقات أفق وأرصفة.

ولا بد أن يكون للريح والأزهار وجهات نحو الغيم والمدار والرابية ، وبأن لا نكون منغلقين على وجودنا ، ومتكورين على ذواتنا ، وأنانيين ومتوحشين وبنا توحد ، وأن لا نرى سوى صوره واحدة هي صورة أنفسنا ، وأسماء واحدة هي أسمائنا الشخصية ، وأن لا تأخذنا خطانا إلى تيه الفشل والدروب المعتمة العاقرة ، وأن لا نمر على المضارب مرور الإبل ، ونصيح بأننا قد جئنا من تخوم الغياب ، وأن لا نضيع بين الهرج والمرج ، ومفخخات الكلام ، وأن لا نتداعى من شارع لشارع بلا وعي ، حتى نقف في الشارع البعيد بلا علامات ولا دليل ، وأن لا نكون مثل جملا تائها يحمل تلا من التمر والزبيب وخطاه تتعثر.

حتما سيموت الجمل ويضيع التمر والزبيب ، وسيجيء الصعاليك ويلتقطون الحمل ويضيع المسير ، في الجملة الأخيرة ، ما أسعى إلية في كتاباتي كلها دقها وجلها هي التذكير والتنبيه ودق النواقيس بأننا نحتاج إلى إعادة تدقيق ومعاينة وتمحيص وغربلة ، وأحيانا كثيرة إلى صرامة وحده عالية في القول تحيل بسرعة فائقة النكوص والتخاذل والتهاون والتراجع والكسل وضعف القيم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية ورداءة العلاقات البينية والجمعية والتواصلية والهوان وعدم المبالاة والتقصير في الارتقاء والسمو والتمدن والأخلاق والتميز والعطاء والعمل الخلاب إلى ما يشبه الرعد والبرق وأزيز الصواريخ العابرة. [/JUSTIFY]

[COLOR=#0015FF]رمضان جريدي العنزي[/COLOR]
[email]ramadanalanezi@hotmail.com[/email]

[/COLOR][/B][/SIZE][/FONT]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com